كيف تُدمن الجينات في أجسامنا الكافيين والقهوة؟

وفي دراسة أجراها علماء إيطاليون وهولنديون وجدوا أن هناك جيناً آخر له علاقة بالقهوة بشكل خاص، وساهمت في هذه الدراسة كبرى شركات القهوة الإيطالية؛ حيث وجدوا أن الأشخاص الذين لديهم نسخة من جين PDSS2 بتركيز يثبط عمل جينات استقلاب الكافيين!

عربي بوست
تم النشر: 2017/10/31 الساعة 08:15 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2017/10/31 الساعة 08:15 بتوقيت غرينتش

أنت تحب القهوة، ولكن صديقك لا يطيقها.
أنت تحب الشوكولاته وقضمة واحدة قد تغير مزاجك كله، بينما زميلك في العمل لم يحبها يوماً.

أنت قد يكفيك فنجان صغير من القهوة؛ ليجعلك يقظاً يوماً كاملاً، بينما زوجتك تحتاج إلى أربعة فناجين حتى تكون بمثل يقظتك.

عند عدم شرب القهوة أو الشاي في وقته بسبب الصيام أو الانشغال، يصاب الإنسان بالإعياء والدوخة والصداع الشديد.

ربما هذه الملاحظات هي بالنسبة لك روتينية وعادية ستربطها بالإدمان على الكافيين.

ولكن مثل هذه الملاحظات المدهشة قادت العديد من العلماء حول العالم لدراسة ارتباط القهوة بمادتنا الوراثية.

دراسات علمية ضخمة عن القهوة

في دراسة أُجرِيَت في أميركا على 45000 شخص من محبي القهوة والمشروبات المحتوية على الكافيين وجدوا أن جين CYP1A2 هو المسؤول عّن استقلاب الكافيين في الكبد، ولكن لم يتوقف الأمر إلى هنا، بل لاحظوا أن هناك اختلافاً في توريث هذا الجين من شخص لآخر.

وفي دراسة أجراها علماء إيطاليون وهولنديون وجدوا أن هناك جيناً آخر له علاقة بالقهوة بشكل خاص، وساهمت في هذه الدراسة كبرى شركات القهوة الإيطالية؛ حيث وجدوا أن الأشخاص الذين لديهم نسخة من جين PDSS2 بتركيز يثبط عمل جينات استقلاب الكافيين!

ونسخ هذا الجين المختلفة لها ارتباط كبير بكمية الكافيين التي يحتاجها الشخص بشكل يومي، بالتالي فالأشخاص فاقدو هذا الجين يستهلكون كميات أكبر من القهوة.

لذلك الشخص الذي استقلابه سريع الكافيين يجعله قادراً على شرب كميات أكبر، بينما الذي استقلابه بطيء يكفيه ربع فنجان!

وهذا يعطينا مفتاحاً على الاختلافات بيننا في عادات تناول القهوة، فهناك مَن يجد القهوة التركية لا تفي بالغرض في اعتدال مزاجه، بينما قهوة الإسبريسو لها تأثير عجيب عليه.

وفي دراسة حديثة قام بها علماء من هارفارد، قاموا باستخدام علامة صبغ حيوية للمادة الوراثية للقهوة بالمادة الوراثية للإنسان من ثَم قاموا بتحليل الـDNA، وفوجئ العلماء بوجود ستة جينات مرتبطة بالقهوة:

– جينان مرتبطان في استقلاب الكافيين.
– جينان مرتبطان بالحالة النفسية والفيزيائية عند شرب القهوة.
– جينان مرتبطان باستقلاب الجلوكوز والدهون ولكن لهما علاقة بالكافيين.

وهذه الدراسة أجريت على 120000 عينة DNA جمعت من أميركان وأوروبيين وأفارقة، واستمر العمل عليها، والخروج بهذه النتيجة سنتين!

ارتباط القهوة بالصحة

ومن الممتع في هذا المجال أمضى عالم آخر من هارفارد 20 عاماً في دراسة تأثير القهوة على الإنسان، واكتشف أن شاربي القهوة أقل عرضة للإصابة بأمراض القلب والأمراض العصبية.

ويقول هذا العالم: "إنه علاوة على فائدة الكافيين فإن القهوة تحتوي على مئات المركبات المضادة للأكسدة التي يصعب دراستها كل على حدة".

وأما عّن فوائد القهوة، فقال: "إن فوائدها تتمثل في تقليل فرص الإصابة بالسكري وأمراض القلب ومرض باركنسون وأمراض الكبد بما فيها سرطان الكبد، كما أنها ترتبط وبشكل كبير بتقليل فرص الاكتئاب والانتحار".

وقال هذا العالم ملاحظة مهمة بأن المدخنين مدمني القهوة لا يمكنهم الحصول على فوائدها بشكل كامل بسبب إدمان النيكوتين!

وهذه الدراسات جميعها لا تعطينا معلومات عن القهوة فحسب، بل تفتح باباً واسعاً لمعرفة سبب حب إنسان ما لطعام ما وعدم تقبله لآخر، وهذا يساعد جداً في مساعدة الناس بتغيير عاداتهم الغذائية.

الصداع والتعب من إدمان القهوة

لكن إدمان القهوة رغم فوائده فهو مؤلم ومزعج ويسبب لصاحبه الصداع والتعب، خصوصاً في أوقات الصيام، فكيف يمكن الوقاية من ذلك؟

سبب التعب من قلة الكافيين؛ لأنه بعد استقلابه في الكبد يسري مع الدم إلى أن يصل خلايا الدماغ، ويعمل على زيادة إفراز الدوبامين، ويغلق مستقبلات الأدونوسين الذي يساعد على النوم، ومن هنا يشعر الإنسان باليقظة والسعادة.

وبالتالي فإن الانقطاع عّن الكافيين بشكل مفاجئ سيشعر الإنسان بالتعب والنعاس، ومن ثم الصداع.

لتفادي ذلك في حالة الصيام لا بد من محاولة تغيير العادات الغذائية في استهلاك القهوة، فقبل رمضان بمدة جيدة نحاول التخفيف بالتدريج حتى نصل إلى نقطة تتحمل فيها أجسادنا قلة الكافيين، أو تعويض نسبة الكافيين ما بين الإفطار والسحور، بمعدل فنجانَي قهوة بعد الإفطار، وفنجان قهوة على السحور.

أما عن أقصى نسبة التي ينصح بها العلماء من الكافيين فهي 400 mg، وهي نسبية من شخص لآخر؛ لأن زيادتها عن الحدود القصوى ستؤثر سلباً.

بعد كل هذا ألا يحق لنا أن نعشق القهوة؟

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
المراجع :

Genome-Wide Meta-Analysis Identifies Regions on 7p21

Self-Regulating Coffee Drinkers?

Need a daily caffeine fix?

Your daily coffee habit could be partly genetic, new study suggests

Your coffee habit may be genetic

Caffeine increases striatal dopamine

Genome-wide meta-analysis identifies six novel

Gene variant may influence coffee consumption

ملحوظة:

التدوينات المنشورة في مدونات هاف بوست لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.

تحميل المزيد