ليس المهم أن تكون الأفضل.. بل المفضَّل

يمكن لأي منتج متوسط الجودة/منخفض التكلفة أن يصبح عالي الجودة ويدخل في خانة المنتج الفخم أو الـluxury بتغيير 3 عناصر: مكان البيع، وزمان البيع، وطريقة التغليف/التقديم.

عربي بوست
تم النشر: 2017/10/29 الساعة 04:34 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2017/10/29 الساعة 04:34 بتوقيت غرينتش

يمكن لأي منتج متوسط الجودة/منخفض التكلفة أن يصبح عالي الجودة ويدخل في خانة المنتج الفخم أو الـluxury بتغيير 3 عناصر: مكان البيع، وزمان البيع، وطريقة التغليف/التقديم.

سأشرح لكم بإعطاء أمثلة بسيطة: إذا اشتريتم سروال جينز من السويقة أو حي شعبي فسيكون ثمنه أقل من ذاك المعروض في محلات الملابس بشارع محمد الخامس أو أكدال أو أروقة الأسواق الممتازة، رغم أن السروال هو من النوعية والجودة نفسها.

ويتحكم في السعر هنا عنصر المكان، فصاحب المحل يبيعك السروال وجزءاً من ضريبة المحل وثمن الكهرباء والموقع الاستراتيجي… وبمجرد أن يخرج السروال من واجهة العرض الزجاجية، سيبدو كإخوانه السراويل الأخرى التي تباع على الأرض أو متاجر صغيرة بين الأزقة.

وهذا ينطبق على المقاهي ومتاجر الأجهزة الإلكترونية… فيمكن أن تشتري التلفاز نفسه بالمواصفات نفسها من "الغزا" بسعر أقل بكثير من مكان كـelectroplanet أو biougnach أو FNAC.. على العموم، تلك المحلات لديها زبائنها ولا تخشى كساداً.

ننتقل الآن لعنصر الزمان، وربما يتجلى ذلك في المناسبات والأعياد، فقبل رمضان بأسبوع مثلاً، ترتفع أثمنة البصل والطماطم رغم وفرتها، فتجد الناس مقبلين عليها بلهفة كأنها ستنضب من السوق، وهنا يتجسد غباء المستهلك، حيث إن خوفه من نفاد السلعة يجعله يشتري كميات كبيرة بثمن يرهق الجيب، ولو اشترى ما يكفيه لليوم الأول، ثم اشترى الباقي بعد دخول رمضان، لكانت المصاريف أقل.

المناسبات تكون كرأس السنة أيضاً، فالمحلات تغري الناس بالتخفيضات المهمة والـliquidation، بينما السلع في الأصل تباع بالثمن نفسه، يضعون فقط لافتة كُتب عليها 70-% أو شيء من هذا القبيل؛ لإيهام الجماهير بأن الثمن قد تم إنزاله.

وتضحكني استراتيجية الأسواق الممتازة في عيد الأضحى عندما يقترحون pack فيه ثلاجة وآلة غسل وتلفاز بثمن معين، ويعطونك آلة تحميص أو مايكروويف هدية، والواقع أن ثمن الپاك يشمل الهدية أيضاً.. هه!

سأكتفي بهذا في نقطة الزمان، وسأمر للعنصر الثالث وهو طريقة التغليف/التقديم الذي يأتي مكملاً للعناصر التي سبق ذكرها، فأنت تشتري وجبة "المعقودة" في مطعم شعبي بـ5 دراهم، لكنهم سيبيعونها لك في مطعم راقٍ بـ50 درهماً أو يزيد؛ فقط لأنهم وضعوها في طبق أبيض كبير، وزينوها ببعض الصلصة المنسكبة على الجانب، وقليل من أوراق البقدونس المنثورة بدقة، فأنت هنا تشتري أيضاً طريقة التقديم وتلك اللوحة الفنية.. هه!

أما الحلويات ومنتجات أخرى تباع في المتاجر، فقد تجد أن أنواعاً معينة تُباع بوتيرة مرتفعة، لأن الـpackaging الخاص بها أكثر إثارة وجاذبية للعين، حتى لو تشابهت في الثمن والجودة. فالأطفال مثلاً يحبون الألوان الزاهية funky colors، وقليلاً ما تصادف حلوى بغلاف duotone أو monotone.

أتمنى أن يكون الموضوع أعجبكم رغم بساطته، وأود أن أضيف أن الشركات المشهورة تستغل سمعتها لبيع السلع بعد تخفيض جودتها، ويشفع لها اسمها المعروف وعلاقة الثقة القوية التي بنتْها مع المستهلك، حيث يصعب على هذا الأخير تجريب منتج منافس رغم معرفته بتخفيض جودة منتجه المعتاد؛ ظناً منه أن المنتج الآخر سيكون أسوأ.

وهنا يأتي دور الخطة التسويقية لإقناع الناس بتغيير عاداتهم الاستهلاكية والانفتاح على بضائع وماركات أخرى. وحتى عند خيبة الأمل، على الأقل ستقول at least I tried.

ملحوظة:
التدوينات المنشورة في مدونات هاف بوست لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.

تحميل المزيد