تدوينة داوني الخامسة: السكري الخفي

وعلى اعتبار أن القيم دقيقة، فإنني لا أنصح بالقيام بهذه الاختبارات في جهاز المنزل الإلكتروني بل إجراؤها عند مخبر متخصص ولديه حركة تحليلات كبيرة، فالمواد المخبرية لها فترة صلاحية إذا لم تستهلك أو كانت مخزنة لمدة طويلة، وبالتالي علينا اختبار مخبر جيد عند التشخيص، ولاحقاً عند المراقبة اليومية يمكن استخدام الأجهزة المنزلية.

عربي بوست
تم النشر: 2017/10/27 الساعة 04:51 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2017/10/27 الساعة 04:51 بتوقيت غرينتش

يشاع بين الناس أن للسكري نوعين؛ الأول والثاني، ولكن في حقيقة الأمر أن هناك أكثر من ذلك، فهناك سكري يكون مرافقاً لبعض الحالات الفسيولوجية كالسكري الحملي المرافق للحمل، وكذلك هناك نوع يقال له: (عدم تحمل السكر) أو يسمى أحياناً السكري الخفي، وهو مرحلة انتقالية ينتقل فيها شخص معافى إلى حالة السكري من النمط الثاني في ثلث أحواله، ولشرحه أفضل دعونا نقول التالي:

بلغة مبسطة عندما يأكل الشخص الطبيعي وجبة طعامية فإن السكر في جسمه يرتفع فور الأكل ويعود إلى وضعه بعد ساعتين بالضبط، أي بعد ساعتين من وجبة الأكل إذا قام شخص معافى بقياس السكر، يجب أن يكون قد عاد إلى قيمة (140)، أما إذا كان أكثر من ذلك فهنا يجب البدء بتشخيصات دقيقة، أولها أن يصوم 8 ساعات متواصلة، ويقوم بإجراء فحص سكر الدم في المخبر المتخصص (وليس بجهاز المنزل)، فإن كان أقل من (100) فنحن لا نعاني من سكر خفي، لكن إذا كان بين (100) و(126)، فهنا نحن أمام حالة سكر خفي، وأكثر من (126) هنا نحن أمام طريقين؛ أولهما إجراء اختبار آخر هو إجراء ما يسمى اختبار عدم تحمل السكر، وعلمياً يعني إعطاء 75 غراماً من السكر للشخص، ومن ثم قياس اختبار السكر ومراقبته، فإذا تجاوز (140) بعد ساعتين، فنحن أمام حالة سكري خفي.

والطريق الثاني للتأكيد الجازم اختبار الخضاب السكري، وهو مشعر يعطينا فكرة عن حالة انضباط السكر خلال الثلاثة أشهر السابقة، وإن كانت القيم فيما سبق موافقة للسكري الخفي، فعلينا مراجعة الطبيب المختص فوراً؛ لكي لا نذهب باتجاه الإصابة بالسكري من النوع الثاني، وهذا ممكن طبعاً بالرياضة، وإعادة تبديل نمط الحياة.

وعلى اعتبار أن القيم دقيقة، فإنني لا أنصح بالقيام بهذه الاختبارات في جهاز المنزل الإلكتروني بل إجراؤها عند مخبر متخصص ولديه حركة تحليلات كبيرة، فالمواد المخبرية لها فترة صلاحية إذا لم تستهلك أو كانت مخزنة لمدة طويلة، وبالتالي علينا اختبار مخبر جيد عند التشخيص، ولاحقاً عند المراقبة اليومية يمكن استخدام الأجهزة المنزلية.

يجب على كل شخص بعد الأربعين أن يقوم بإجراء الفحوصات للتأكد من خلوه من السكري الخفي، فأنسجة الجسم المختلفة تستمد الطاقة التي يوفرها الجسم بالسكر المحمول بالدم بقيم مدروسة.

وعليه فإن ارتفاع السكر بعد الطعام لأكثر من ساعتين بقيم (140) هو ضار لكل الخلايا، وخاصة العين والكلية اللتين تتأذيان بشدة في مرض السكري، وكل أذية فيهما تكون غير قابلة للعودة.

لن أدخل في موضوع السكري الأول والثاني فقد قيل فيهما الكثير، ولكن أود التذكير والتركيز على السكري الخفي أنه مرتبط بكثرة فيمن يستهلكون السكر الخفي، أي الأطعمة والمشروبات التي تحتوي على كميات كبيرة من السكاكر ويتم استهلاكها يومياً ولا شعورياً بدون الانتباه لهذا الكم الكبير من السكر الموجود، مع انعدام أو قلة الأنشطة الرياضية والجسمانية التي رافقت نمط الحياة الجديد في أغلب الأماكن.

وفي سياق الحديث يجب التحدث عن أجهزة السكر المنزلي (الشريط) أو (الشريحة) بالعامية، فهي أجهزة تتفاوت بشكل كبير من حيث الجودة وكذلك إمكانية الاعتماد عليها في المنزل لتشخيص السكر، وأقول التشخيص؛ لأن الموضوع يتطلب دقة، أما فيما يتعلق بالمراقبة فلا بأس بها، ولكن أنصح عند شرائها بالانتباه إلى شيئين هما:

1- ثمن الشريط الواحد وتوافره، وبالتالي ليس من المهم أن أقوم بتوصية قريب لي أن يحضر معه من بلد المغترب جهازاً ممتازاً ولا تتوافر في منطقتي شرائح له.

2- النقطة الثانية وهي مجال عمل الجهاز، وهذا يكون مكتوباً في دليل الجهاز المرفق، فمثلاً إذا قال لك الجهاز يعمل بشكل طبيعي بين الـ(50) والـ(300) ولديّ مريض في البيت أو العيادة لديه سكر أحياناً (400) فهذا الجهاز لا يناسبني، فالمجال (50) إلى (300)، أي أن القيم تكون صحيحة إذا كانت قيمته في المريض أقل من (300) أو أكثر من (50)، أما إذا كانت (400) فهنا الجهاز لا يعمل بشكل صحيح، وقد يعطي قيماً طبيعية تسبب غشاً لنا وكثيراً ما تحصل، وكذلك الأمر إذا كان أقل من (50).

ولكن هل يمكن أن يكون مريض السكري أقل (50)؟

يجب التنويه بأنه كما يوجد مرض سكر يزداد فيه السكر، فأيضاً هناك مرض يصاب فيه المريض بنقص سكر، فالموضوع هرمونات تزيد أو تنقص، ولكن أحياناً يأخذ المريض جرعة إنسولين زائدة أو يغير الدواء الفموي، والدواء الفموي له علاقة جداً بالامتصاصية من المعدة والأمعاء، وبالتالي تغيير النوع التجاري أو العلمي قد يسبب تراكماً للدواء والتأثير لاحقاً بشكل دفقة قوية، وحدوث نزول للسكر لدى مريض السكري.

وفي حال حدوث أي اضطراب فجائي مع مريض السكري وضاع المرافق أو العائلة في تشخيص السبب أنه ارتفاع أو انخفاض في السكر، فالحل دوماً في البداية إعطاء المريض السكر سواء أكل أو محلول بالماء، ولا نعطي الإنسولين، ثم إجراء فحص سكر وبعدها نقرر.

فإذا كان المريض قد عانى عرضاً سببه زيادة سكر وأعطيناه سكراً إضافياً يمكن حل المشكلة بسهولة بالإنسولين، أما إذا كان منخفضاً فالسكر سيرفعه، لكن في حال تعرضه لعرض فجائي وأعطيناه إنسولين فإذا كان العرض نتيجة ارتفاع فنحن في الحالة السليمة، لكن إن كان العرض نتيجة إنقاص وأعطيناه الإنسولين فإننا نساهم بتخفيض السكر أكثر وأكثر، وقد نعرض المريض إلى موت دماغي نتيجة الانخفاض الكبير في السكر.

إذا عندما يعاني مريض السكر من أعراض فجائية فإننا نعطيه السكر، ثم نقيس السكر ونقرر ولا نعطي الإنسولين أبداً إلا إذا تأكدنا أن المريض يعاني من ارتفاع السكر؛ لأن انخفاض السكر الكبير يسبب موتاً دماغياً.

أخيراً أوجّه التحية لكل من يقوم بالتثقيف الصحي الصحيح للناس عن السكري الذي عقدته التداولات، إلا أنه بسيط إذا تم شرحه وتعديل نمط الحياة، وإلا سيكون مستقبلاً مثله مثل الصداع منتشراً بصورة كبيرة جداً، وإلى المصابين به أقول:

لا تفقدوا الأمل وتتركوا أنفسكم بدون عناية ورعاية، بل حافظوا على أنسجة الكلية والعين سليمة بأخذ الدواء والتقيد بالجرعات، فالعلم في تطور مستمر، وبأي لحظة قد يتوفر العلاج، فضلاً عن أن مستقبل زراعة البنكرياس واعدة، وتحمل في طياتها الأمل للكثيرين.

ألقاكم في تدوينة داوني الخامسة.

ملحوظة:

التدوينات المنشورة في مدونات هاف بوست لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.

تحميل المزيد