البُعد الزمني الصادق

تِلك الأبعاد الزمنية التي قلما ما يستوعب أمرها أحد على هذا الكوكب، تحمِل الكثير من الخفايا لنا، وتُفاجئنا في كل وقت وحين؛ حيث دار حوار غريب زمانه على الآذان، ومُخيف محاكاته على القلوب، وربما يقف العلم حائراً أمام ذلك البُعد الذي لا يكذب قط.

عربي بوست
تم النشر: 2017/10/17 الساعة 03:07 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2017/10/17 الساعة 03:07 بتوقيت غرينتش

تِلك الأبعاد الزمنية التي قلما ما يستوعب أمرها أحد على هذا الكوكب، تحمِل الكثير من الخفايا لنا، وتُفاجئنا في كل وقت وحين؛ حيث دار حوار غريب زمانه على الآذان، ومُخيف محاكاته على القلوب، وربما يقف العلم حائراً أمام ذلك البُعد الذي لا يكذب قط.

مرحباً بك في البُعد الزمني الصادق!
بدأ الحوار يدور بكل غرابة بين شخص ونفسه، شخص كان ونفسهُ تكون بحضرة من سيكون!
ربما لم يبدأ الحوار إلا بسؤال عابر قد يظهر من حين إلى آخر، يتنقل من بُعد إلى آخر هارباً من الجواب، ولكنه ذاك البُعد لا يطيق التخفي أو النِفاق، فهو كما سُمي الصادق، فيصدُق كلامه ولو بدا غريباً مريباً، يحمل الكثير من الألغاز التي لن تتمكن من حلها إلا بصدق ما كُنت عليه، وحكمة من تكون، وواقعية من ستكون.

لكي لا يكون الأمرُ مُعقداً، ولكي لا يكون هُناك أبعاد جديدة داخل تِلك الأبعاد الزمنية أيضاً، فلنسرد الأمر مُجسداً.

شخص لا يحملُ قلبهُ سِوى الكثير من الأشياء التي لا تُفهم، وأيضاً لا يُطاق وجُودها، فبقاؤها يُكثِر منها في القلب، وعلى ما تبدو تلك الأشياء أنها مميتة ولو تمكنت من قلبه أطاحت به.

وماذا سيتبقى منك لو أُطيح بقلبِك بعيداً؟!
مرَت الأيام، وقلبه يزداد ضعفاً وألماً يوماً تِلو الآخر، رُبما يضيع العقل في مثل تِلك الأمور وتِلك التساؤلات التي لا تتجانس مع حاضرك أبداً.

بدا صاحبنا متعباً كعادته فأخذ يستريح بُرهة، وأخذ يتمعن النظر في صُورة لهُ على الحائط عندما كان طفلاً لا يهتم بشيء سِوى ألعابه البسيطة، فكم كانت تُدخل السرور في قلبه!

وكغالبية الوقت لا يتبع الذكريات شيء إلا البكاء، حتى إن كانت جميلة!

بدأ صغيرنا الذي في الصورة يسأل عن حاله الآن كيف يبدو؟ هل أصبح كل شيء على ما يرام؟ أم أن الأمور تزداد سوءاً؟

طلب الطفل من الشاب أن يخبره عن تلك الأمور التي وضع فيها أمله مستقبلاً وفقد فيها الكثير من جمال طفولته راجياً الغد المُشرق.. لم يُجِب الشاب عن شيء!

فسأله الطفلُ مرة أُخرى: "أما زالت أيامك تطلبُ مِنك المزيد من الوقت كي تكون على ما يرام!".

لم يجد الشاب جواباً سِوى دموعه تحكى وتسرد كل تفصيلة لما هو عليه، ولم يلبث الطفل وقتاً حتى أدرك من أين أتت تِلك الدموع إلى صديقه في الحاضر، فللدموع رائحة لا يشمها إلا القلب.

قام الشاب من مجلِسه ونظر إلى ما كان عليه من قبل بنظرة صادقة حتى وإن أبى، فذاك البُعدُ ليس لديه إلا خِيار الِصدقِ، أدرك أنه لم يكُن من قبل على ما يرام، وأن تِلك الأشياء التي في قلبهِ لم تكُ نِتاج اليوم فقط، بل هي نِتاج كُل يوم سيئ وكل حدث مُوحش مرَ عليه وهو يُواسي نفسه، ويطلب منها أن تنظر إلى الغد المُشرق الذي لم يُشرق بعد، ويعدها بأن غداً سيكون على ما يرام حتى وإن علم في قرارة نفسه أن لا شيء سيكون على ما يرام، وأنها فقط مجرد البداية التي لا يشتهيها كائن أبداً.

كان كُل هذا بمسمعٍ ومرأى مِمن سيكون، فقام ونظر إلى ما كان وأمسك بيدِ مَن يكون ونظر إليه، ثم قال: "كنت أرغب أن أكون كاذباً كما كُنت تكذب على نفسك في ماضيك، ولكنه ذاك البعد يُرغمني أن أتحدث بصدق، ولكنني سأتحدث إليك بواقعية زماني، يا صغيري ليس عليك قط أن تكذب على نفسك ثم تبكي على أوهامك التي هي سَرَاب بِقِيعَةٍ ظننتها بظمئك مَاءً، فلِكي تدرك من تكون فعليك أن تستمع إلى ما كُنت عليه وتتحرى أمره، وإلى ما أنت عليه بحكمتك في الحاضر، وتستمع إلى واقعية من ستكون، وربما لا يقتصر الأمر فقط على كيفية الخروج من ذلك البعد بعد وقُوعك فيه، ولكن الأمر، لم لا تذهب إليه كلما صعُب عليك الأمر؟ تذهب إلى ذلك البُعد الذي لم تُفكر أن تذهب إليه برغبتك من قبل، خوفاً من معرفة الحقائق التي ستُكلفك كثيراً؛ لكي تتمكن منها وتتغلب عليها، ولكن تذكر أنه كلما بعدت عن الحقيقة، قربت من ثقوب الكون السوداء، فيُهلك قلبك ويرهق بدنك، ورحمة الله بعقلك المسكين.

ملحوظة:
التدوينات المنشورة في مدونات هاف بوست لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.

علامات:
تحميل المزيد