بالنسبة لأي شخص يبدأ علاقة جديدة، لابد أن تكون هناك الكثير من الأشياء التي لا يعرفها عن شريكه، مثل هواياته المفضلة، والأطعمة التي يكرهها، وعادات الحمام غير المقبولة (نعم، نعرف هذا).
ولكن، ماذا عن الأشياء التي ربما يشعر الناس حيالها براحة أقل عندما يضطرون إلى الكشف عنها خلال تلك اللقاءات الأولى القليلة، مثل حالة صحتهم العقلية أو أي حالات خفية يمكن أن يتعامل الناس معها سراً.
ونظراً إلى وجود تقديرات تشير إلى أن واحداً من بين كل 6 أشخاص في المملكة المتحدة يعاني مشكلة تتعلق بالصحة العقلية كل أسبوع، طبقاً لمؤسسة الصحة العقلية- نستعرض طريقة الحوار الذي يحتاجه الكثير من الأشخاص.
ولكن، ما النقطة التي ينبغي عندها البدء بالمشاركة؟ وما رد الفعل الذي تتوقعه؟
يقول الدكتور أنشومين بهاجات، ممارس عام وأحد مؤسسي تطبيق طبيب تحت الطلب GPD: "تُبنى العلاقات الصحية على الثقة والصدق. فإذا دخلت إحدى العلاقات مرحلة الجد، فقد يُصبح من المهم الاستمرار في تعميق هذه الثقة، وذلك من خلال مشاركة ماهيتك الحقيقية مع شريكك، ومن ضمن هذه الأشياء الصحة العقلية".
ولذا، طلبنا من 3 خبراء واثنين ممن خاضوا تجربةً شخصيةً، الرد على الأسئلة التي ترغب في الإجابة عنها.
متى ينبغي أن تناقش صحتك العقلية؟
ربما يبدو الأمر شخصياً للغاية لمشاركة ذلك في أول لقاء، أو حتى في اللقاء الثاني، ولكن عند شعوركما بالراحة والمسؤولية بعضكما تجاه بعض، فمن المحتمل أن يكون ذلك هو التوقيت المناسب. وتقول باربرا بلومفيلد، مستشارة منظمة Relate: "أفصح عن ذلك عندما تبدأ الشعور بأن العلاقة مهمة بالنسبة لك".
ووافق المتحدث باسم جمعية Anxiety UK على عدم وجود وقت محدد، ولكن يتعلق الأمر بتوقيت شعورك بالراحة: "ربما يشعر البعض بالجاهزية للتحدث مباشرةً، ولكن بالنسبة لآخرين ربما يستغرق الأمر أسابيع أو حتى أشهراً".
كما أخبرت شيا وونغ، التي تعاني اضطراباً ذا اتجاهين (ثنائي القطب) وإحدى مناصرات حملة Time To Change، "هاف بوست" بالمملكة المتحدة HuffPost UK: "تختلف كل علاقة عن الأخرى؛ ولذا لا تشعر كما لو أن الإفصاحات الطبية يجب أن تحدث في إطار زمني محدد. فقد اخترت تقريب ذلك من وجهة نظر عاطفية، وكانت مشاعري قوية بشكل كافٍ وكنت أفكر في المستقبل مع شخص ما، وكان التوقيت مناسباً للبدء في مناقشة المسائل التي تتعلق بالصحة العقلية، وخاصة إذا كانت مُزمنة".
كيف يجب التطرق إلى الحوار؟
ينصح الدكتور بهاجات بأنه قبل أن تتعمق في الحوار (أو أن تثْمل وتقرر الدخول في حالة من الثرثرة العاطفية)، لم لا تكتب الأشياء التي تود مشاركتها حتى تستعد للأمر؟
"تذكّر دوماً أن هؤلاء الذين لم يعانوا مشاكل الصحة العقلية لن يتفهموا الأمر تماماً، ولذا ربما يتطلب الأمر بعض الوقت للتوضيح".
وبمجرد أن تستجمع أفكارك معاً، حدّد الوقت الذي لن يقاطعك خلاله أي شيء وأن يكون على انفراد؛ حتى تتمكن من التحدث بصراحة وكذلك التوضيح بشكل تام.
كيف يجب التعبير عن أو صياغة هذه المحادثة؟
تقول بلومفيلد: "يمكنك البدء بمناقشة العلاقة المرتبطة بصحتك العقلية وكيف تعلّمت التعايش مع الحالة وما الأشياء التي تُشعرك بالتحسن".
وإذا كنت ترغب في توجيه الحوار نحو زاوية محددة؛ حتى تتمكن من قياس رد الفعل قبل أن تكشف جميع أوراقك على الطاولة، تقترح بلومفيلد أن تطرح هذا السؤال: "هل تعرف الكثير من الأشخاص الذين يعانون مشاكل تتعلق بالصحة العقلية؟".
وعندما تتعرف على ذلك، تحدث بثقة ودون خجل.
ما مقدار المعلومات التي ينبغي مشاركتها مع الشريك؟
بمجرد أن تبدأ في مشاركة المعلومات، قد تواجهك صعوبة في تحديد وقت التوقف.
وتوضح وونغ أنه استناداً إلى تجربتها الشخصية، ينبغي أن تعتبر نفسك معلماً تدرس للطلاب.
وتقول: "أنت لا ترغب في إرهاقهم، ولكن في الوقت ذاته لا تودّ أن تبخل كثيراً بالتفاصيل التي يملأون بها الفراغات من خلال أفكارهم الشخصية التي استجمعوها مسبقاً".
"امنحهم فكرة عامة عن المرض: ما يفعله بالمخ، وكيف يؤثر عليك بشكل عام، وكيف تتعامل معه، ثم قم بتشجيعهم على طرح الأسئلة؛ لكونهم مستعدين لتلقي المزيد من المعلومات. دعهم يفهمون دوماً أنه لا توجد أسئلة سيئة، وأنك موجود هنا لتساعدهم على الفهم".
ما الذي تريده من وراء إخبار شريكك؟
من أحد الأشياء التي ربما ترغب في التفكير فيها قبل إخبار شريكك الرد الذي تود سماعه، وكيف تأمل أن يساعدك ذلك أو أن يغير الطريقة التي تتعامل بها مع مرضك أو علاقتك.
تقول جينا هادن، (33 عاماً)، التي تعاني اضطراب الوسواس القهري OCD، إن إخبار شريكها "سام" ساعدها على اكتساب المزيد من المعرفة، كما ساعدها في أن تتعلم الحصول على المساعدة المناسبة.
"قام بتشجيعي كي أكون صريحة فيما يتعلق بمرضي، ولذا أقوم حالياً بالتوعية حيال هذا، كما أكتب عن المرض علانيةً".
ولكن هناك شيء يجب أن تعيه، ويتمثل في التأكد من أنكِ لا تبحثين عن الشريك كي يحل مشكلتك. ويقول الدكتور بهاجات: "في النهاية، تكونين أنت وحدك المسؤولة عن سلوكك وعن إدارة صحتك العقلية. فمن الجيد تماماً أن تطلبي المساندة من الشريك الجديد، ولكن لا تشعريه بالمسؤولية؛ حيث يمكن لذلك أن يُضفي نوعاً من الضغط والتوتر على العلاقة. ويعتبر الصبر والتفهم من أفضل الأشياء التي يمكن طلبها، فيما يحاول الشريكان التعرف على كيفية التعامل معه معاً".
كيف يمكن التعامل مع رد فعل الشريك؟
يأمل الجميع أن يتقبل الشخص الأمر مباشرة، ولكن لا يعد هذا واقعياً دائماً. فربما يكون لبعض الناس أحكام مسبقة وقد لا يرغبون في منحك الفرصة، وقد يحتاج آخرون القليل من الوقت لاستيعاب ما سمعوه منك.
كما صرح الدكتور بهاجات: "حاوِلي ألا تتوقعي رد فعل معيناً، ولكن كوني مستعدة فقط للكثير من التساؤلات وابذلي ما بوسعك؛ كي تساعديهم على استيعاب ذلك".
"وإذا جاء رد الفعل بخلاف المأمول، فلا تلومي نفسك، والأهم من ذلك ألا تتركي ذلك يمنعك من إخبار الشركاء الآخرين المحتملين".
– هذه التدوينة مترجمة عن النسخة الكندية لـ"هاف بوست". للاطلاع على المادة الأصلية، اضغط هنا.
ملحوظة:
التدوينات المنشورة في مدونات هاف بوست لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.