أبلغ 35 عاماً، وُلدت في كورنوال وأعيش حالياً مع زوجتي إيميل وطفلتين. منذ وفاة ابني وأنا أقضي أغلب الوقت مع طفلتيّ وجمع التبرعات لمستشفى جريت أورموند ستريت الخيري للأطفال، وأشاهد الرياضة في الأوقات الأخرى.
كُتبت أشياء كثيرة عن الحزن، يمكنك البحث على جوجل، وستجد عدداً كبيراً من التوجيهات، أو الاقتباسات الموضوعة على أساس من الغيوم البيضاء الرقيقة.
على الأرجح، أنت لم تبحث في جوجل عن "الحزن" إلا عندما شعربت به بطريقة أو بأخرى، والمؤكد هو أن أنني لم أفعل. في الحقيقة، قد أذهب إلى حد القول إأنني لم أفهم حقاً أو أقدّر ما هو الحزن أو الخسارة، حتى 31 أكتوبر/تشرين الأول 2016. وهذا على الرغم من وظيفتي في الشرطة، حيث قدمت الراحة للضحايا والمفجوعين ولأكثر الأشخاص تأثراً بأحداث محزنة. إلا أنك لا تعرف الحزن فعلاً إلا عندما يصيبك، مثل نيزك يضرب سطح الكوكب.
أسعد لحظات حياتي
في 21 سبتمبر/أيلول 2016، أنجبت زوجتي إميلي توأماً، هما: جيمس وإيزابيل. وكانا مثاليَّين. بعد قضاء وقت قصير في وحدة العناية المركزة الخاصة بحديثي الولادة، غادرنا المستشفى المحلي مع ابنتنا الأكبر سناً ليكسي، وعدنا إلى المنزل. لا أستطيع أن أتذكر وقتاً شعرت فيه بالفخر، أو الابتهاج أكثر.. وربما بالخوف كذلك مما ستكون عليه الحياة.
الأسابيع الأربعة التي تلت ذلك كانت كالغشاوة، أتمنى لو كان بإمكاني أن أتذكرها كلها وكأنها البارحة. ولكن مع القليل من النوم والكثير من "العمل"، بالكاد حافظتُ أنا وزوجتي على رأسينا فوق المياه، ونحن نُطعم الرضيعين ونغير حفاضاتهما، توصلنا إلى حقيقة أن شقتنا الصغيرة ذات الغرفتين لن تسعنا نحن الخمسة!
بالتأمل في ذلك الوقت، ولو كان بإمكاني أن أعطي نفسي نصيحة واحدة، فستكون أن أستمتع بتلك اللحظات وألا أقلق حيال المستقل و"الاحتمالات".
الانتقال إلى المستشفى
في أحد الصباحات، يوم 29 أكتوبر/تشرين الأول، أُصيب جيمس بالمرض، نقلناه سريعاً إلى المستشفى المحلي، لكن وضعه كان سيئاً للغاية وكان بحاجة إلى رعاية أكثر تخصصاً.
العمل المذهل والمتميز الذي قام به فريق الأطباء بالمستشفى المحلي، ثم فريق المسعفين في خدمة نقل الحالات الحرجة الخاصة بالأطفال (CATS)، وأخيراً الأطباء وطاقم التمريض في العناية المركزة بمستشفى جريت أورموند ستريت (GOSH)، سمح لنا بقضاء يومين آخرين مع رضيعنا، قبل أن يموت في ذراعينا في 31 أكتوبر/تشرين الأول بالساعة السابعة و35 دقيقة مساء.
نعتقد -ولكننا للأسف لن نعرف على وجه اليقين- أن جيمس توفي بسبب تعفن الدم. وكانت تلك هي اللحظة التي بدأت فيها أن أفهم ما هو الحزن.
بعد ذلك بـ3 أسابيع، مرضت إيزابيل. وكان الأمر شبيهاً بما حدث لجيمس، ولكن مشكلة إيزابيل كانت مختلفة تماماً، كررنا الرحلة نفسها إلى المستشفى المحلي، ثم إلى مستشفى جريت أورموند ستريت، حيث أُدخلت إيزابيل بسرعة إلى غرفة الجراحة، ما أنقذ حياتها. بعد عام، صارت طفلتي الحلوة تبلغ عاماً واحداً، والعلامة الوحيدة التي تروي هذه القصة المروعة هي ندبة صغيرة على بطنها، والتي ربما تختفي تماماً بمرور الوقت.
التصالح مع الفقد
في كلمة تأبين جيمس، قلت: "يجب ألا يضطر أي والد إلى دفن طفله"، ولا أظن أن هناك عبارة أكثر صدقاً من هذه. إذا كان لي أن أتمنى شيئاً واحداً، فلن يكون عودة جيمس إلى حياتنا؛ إذ ستكون هذه أنانية، ولكن ستكون أمنيتي ألا يضطر أي أب أو أم إلى اختبار ألم ومعاناة فقدان طفلهما.
إذاً، ما الذي تفعله عندما يصيبك أسوأ شيء يمكن أن يحدث؟ لأكون صادقاً، لا أستطيع إخبارك؛ لأنه عكس التوضيحات الموجودة في محرك البحث، فالحزن الذي تشعر به فريد. كل ما يمكنني قوله هو أنك ستتعلم أن تعيش مع الألم، وأن قلبك لن يعود كالسابق مرة أخرى، ولكنه سيستمر في النبض وعليك أن تسمح له بذلك. ستجد العزاء في شيء أو شخص ما، وهذا الشيء أو الشخص سيساعدك في طريق الشفاء.
إرث لجيمس
واحدة من ضماداتنا اللاصقة كانت تحاول رد الجميل، وهكذا أنشأنا صندوق جيمي الصغير لمسقبل مشرق؛ إحياءً لذكرى جيمس، لجمع المال لمستشفى جريت أورموند ستريت الخيري للأطفال، في ديسمبر/كانون الأول من العام الماضي.
وضعنا لأنفسنا هدفاً أن نجمع ما يكفي من المال ليستطيع المستشفى شراء حضّانتين متخصصتين لسيارات الإسعاف الخاصة بنقل حالات الأطفال الحرجة؛ لنقل الأطفال مثل جيمس، من المستشفيات المحلية إلى جريت أورموند ستريت للحصول على أفضل رعاية.
الجهازان سيدعمان الخدمات الحيوية التي يقدمها فريق المسعفين، وثمنهما ليس قليلاً، ولكننا في أقل من عام جمعنا أكثر من 140 ألف جنيه إسترليني، ما يعني أنه بالإضافة إلى قدرتنا على شراء الجهازين، صار في مقدورنا شراء أجهزة أخرى تُستخدم لمساعدة الأطفال في رحلة الشفاء.
"نحن"، هي كلمة السر في هذه الجملة. "نحن" هم الأصدقاء والعائلة والزملاء والغرباء الذين يتبرعون، ويشاركون في فعاليات الجري، مثل نصف ماراثون رويال باركس، وركوب الدراجات، والخبز، والعديد من الأمور الأخرى للمساعدة في شراء الأجهزة، ولكن -حسب قولهم- للمساعدة في "المحاولة والسير معاً على طريق الشفاء".
وهذه هي نقطتي الأخيرة: عندما تكون حزيناً، وفي أحلك أوقاتك، الناس هم من يساعدونك على العودة إلى بعض مظاهر الحياة. عناق العائلة، والمشروب الهادئ الذي تتناوله مع صديق أو رؤية شخص غريب تماماً يقوم بالتبرع.. هذه هي الأمور التي تُثبت أنه يمكن التغلب على الحزن.
– هذه التدوينة مترجمة عن النسخة البريطانية لـ"هاف بوست". للاطلاع على المادة الأصلية، اضغط هنا.
ملحوظة:
التدوينات المنشورة في مدونات هاف بوست لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.