· تمكين المرأة ومنحها الوسائل الكفيلة بترقيتها، هما ما يجب القيام به. إنها مسألة حقوق إنسان، لكن ليس ذلك فحسب؛ بل إنه من الذكاء تحقيق ذلك.
تواجه البشرية اليوم تحديات عالمية على نطاق لم يسبق له مثيل، من تغير المناخ، وكوارث طبيعية، وانتشار آفة الفقر، وندرة المياه، وانعدام الأمن الغذائي، ونزوح السكان على المستوى العالمي، ونشوب النزاعات والعنف، وكلها تحديات من النوع الذي لن يتلاشى من تلقاء نفسه؛ بل تحديات يغذي بعضها بعضاً ويزيد من حدتها. وللتصدي لهذه التحديات، تم طرح أهداف التنمية المستدامة (SDG)، التي تضع خريطة طريق لبناء عالم أكثر شمولاً وسلاماً وازدهاراً، أي باختصار، عالم أفضل.
لكننا لن نرى هذا العالم الأفضل إذا تركنا نصفه خلف ظهورنا دون أن نولي هذا النصف من المجتمع، أدنى اعتبار.
يتفق البنك الدولي وحكومة كندا على أن أحد السبل الأكثر فاعلية للتعجيل بالتنمية الاقتصادية والحد من الفقر وبناء مجتمعات مستدامة في جميع أنحاء العالم، يستوْجب تمكين النساء والفتيات، ومنحهن السبل التي تمكنهنّ من تحقيق ذواتهن. وفي هذا الأسبوع بأوتاوا، أتيحت لنا الفرصة لمناقشة هذه القضايا، وتحدثنا عن حقيقة ماثلة للعيان، تبين أنه متى أتيحت الفرصة أمام النساء والفتيات، لتحقيق إمكاناتهن الكاملة، واختيار مستقبلهن والمساهمة إسهاماً كاملاً في أُسرهن ومجتمعاتهن وبلدانهن، تعود الفائدة العامة على الجميع.
وتؤكد سياسة المساعدة الدولية النسوية الجديدة بكندا أنه ليس ثمة أمل في تحقيق أهداف التنمية المستدامة في حالة عدم إشراك النساء والفتيات في القرارات وعدم منحهن سبلاً متساوية للحصول على الفرص الاقتصادية.
لكننا -للأسف- نعيش في عالم لا تزال 100 دولة من دوله، تقيّد المرأة وتحرمها من القيام بالوظائف نفسها التي يؤديها الرجل، وهذا يتم رغم ما تخبرنا به أبحاث البنك الدولي، التي تُظهر أن القضاء على التمييز ضد العاملات والمديرات يمكن أن يزيد من إنتاجية العامل الواحد، بنسبة تتراوح بين 25 و40 في المائة. وطالما استمر هذا النوع من عدم المساواة قائماً، يظل العالم الأفضل الذي تتصوره أهداف التنمية المستدامة حلماً بعيد المنال.
تعمل كندا، منذ عام 1945، في شراكة مع البنك الدولي لإزالة الحواجز التي تحول دون حصول المرأة على وظائف، وضمان امتلاكها الأراضي والمساكن والتحكم فيها، ويعني ذلك أيضاً التصدي للتحديات، مثل: زواج الأطفال، والعنف القائم على نوع الجنس، والمعايير الاجتماعية التمييزية، وتعزيز مشاركة المرأة في السياسة، وضمان حصول المرأة على الخدمات المالية.
وتجدر الإشارة إلى أن 10 في المائة فقط من النساء اللاتي بدأن مشاريع تجارية، يحصلن على رأس المال الذي يحتجن إليه لتنمية مشاريعهم، ما يقدر بـ300 بليون دولار أميركي، لا يزال بعيداً عن متناول الأعمال التجارية المملوكة للنساء اللاتي يحتجن إلى تمويل.
ولهذا السبب تؤيد كندا قرار البنك الدولي الذي وضع أداة تمويل جديدة، تهدف إلى توفير بليون دولار أميركي من خلال القطاعين الخاص والعام لمساعدة المشاريع الصغيرة والمتوسطة الحجم التي تملكها النساء في البلدان النامية، بما في ذلك عن طريق سد الفجوة الائتمانية.
ويعني ذلك أيضاً التصدي للتحديات الصحية التي تواجهها النساء والفتيات بشكل خاص، وإحدى الطرق التي تستعملها كندا لتحقيق ذلك، تتم عبر كونها جهة مانحة مؤسسة، وداعمة قوية دائمة لمرفق التمويل العالمي التابع للبنك الدولي (GFF) لدعم كل امرأة وكل طفل وكل مراهق.
وباستطاعة مرفق التمويل العالمي أن يلقي بثقله ويحقق نتائج: في تنزانيا، يحصل عددٌ متزايدٌ من النساء على الحديد وحمض الفوليك، بما يمكّن أطفالهن من فرصة عيش ونمو أفضل؛ وفي ليبيريا، بوسع المراهقات الحصول على خدمات الصحة الجنسية والإنجابية التي تساعد على منع حمل المراهقات.
· إن تمكين المرأة ومنحها الوسائل الكفيلة بترقيتها هو ما يجب القيام به، إنها مسألة حقوق إنسان، لكن ليس ذلك فحسب؛ بل إنه من الذكاء تحقيق ذلك. ويوافق البنك الدولي وكندا على ذلك، فغالباً ما تتعرض النساء والفتيات بشدةٍ أكبر للأضرار الناجمة عن التحديات التي تواجه عالمنا، رغم كونهن جزءاً لا يتجزأ من منظومة الحلول التي يتوق إليها عالمنا.
فعندما تشارك المرأة في بناء السلام، على سبيل المثال، تكون الحلول أكثر شمولاً وطويلة الأمد، وكثيراً ما تبادر المرأة وتساعد إيجابياً في الجهود الرامية إلى تلطيف الأجواء والتكيف معها.
وفي ظل هذه الظروف نحن بحاجة إلى عوامل دفع متضافرة من الحكومات والقطاع الخاص والمؤسسات المتعددة الأطراف لإنجاز هذه المهمة، ونحن بحاجة أيضاً إلى شراكات قوية ومبتكرة قادرة على الاستفادة من التمويل والخبرة المعرفية الجديدة، وأمام كل بلد من البلدان دور يقوم به، أسوة بما يقوم به نظام متعدد الأطراف قوي وفعال. ويمكن للعالم أن يعتمد على كندا والبنك الدولي للقيام بدورهما لفائدة النساء والفتيات في العالم.
– هذا الموضوع مترجم عن النسخة الكندية لـ"هاف بوست". للاطلاع على المادة الأصلية، اضغط هنا.
ملحوظة:
التدوينات المنشورة في مدونات هاف بوست لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.