حماس في فوهة المدفع من جديد

وها هم الإخوة في حماس يردون على تلك الأقاويل والافتراءات "فعلاً" لا قولاً فحسب، نجده من خلال صمودهم بشأن قضية الأسير الإسرائيلي الذي تريد إسرائيل ومن معها أن تقلب الدنيا ظهراً على عقب من أجله، وسعت لأن تمارس جهات كثيرة - داخلية وخارجية - ضغوطاً على حماس "للتنازل" عن حقهم في مبادلة هذا الأسير بآلاف الأسرى الفلسطينيين من الشباب والنساء والأطفال الذين لم تُعر لهم إسرائيل اهتماماً وتعير الآن جل اهتمامها بأسير واحد!

عربي بوست
تم النشر: 2017/10/06 الساعة 09:30 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2017/10/06 الساعة 09:30 بتوقيت غرينتش

نستغرب كثيراً من قول أحدهم حينما نعت حركة حماس بأنهم يسعون إلى السلطة، وقد أخذوا ما أرادوا، وحازوا ما سعوا من أجله منذ زمن طويل، وها هم قد توجوا "جهادهم" بالوصول إلى السلطة! وكم افترى هذا القائل على تلك الفئة التي باعت الحياة الدنيا واشترت الآخرة.. أبعد ذلك تُقال عنهم تلك الافتراءات؟!

عجباً والله من فهم بعض الناس لما يجري من حولهم، وأعتذر عن استعارة كلمة (فهم)؛ لأنهم في حقيقة الأمر لم يفهموا حقيقة الأمور، ومن لا يفهم حقيقة الأمور يصنف من الجاهلين لما يحدث ويجري حوله، فهناك من الحقائق الساطعة والبراهين الظاهرة لكل ذي لب وصاحب عقل، ولكن البعض يريد أن يصبح كقوم نوح حين دعاهم إلى عبادة الله فتجدهم يصمون آذانهم ويستغشون ثيابهم ويصرون ويستكبرون استكباراً.

إن حركة حماس لم تكن في يوم من الأيام طالبة للسلطة أو المنصب، وإنما وضعت نصب عينيها تحرير "كامل" فلسطين في الوقت الذي كان فيه البعض يشحذُ "الفُتات" من أرض فلسطين التي هي في الأصل أرضهم التي سلبت منهم، ولهذا فإن المؤرخ لتاريخ هذه الحركة يجد أنها قد قدمت آلاف الشهداء من أبنائها وأبناء فلسطين في سبيل الوصول إلى تلك الغاية السامية، وسلكت طريقاً مليئاً بالمخاطر والأشواك.. في الوقت الذي سلك فيه الآخرون طريقاً "ناعماً حريراً مخملياً" هو أقرب إلى الرفاهية منه إلى المجاهدة وأقرب إلى الترف منه إلى شدة العيش وأقرب إلى الراحة منه إلى التعب وأقرب إلى الدعة والسكينة منه إلى البأس، أبعد ذلك كله يقال عن "حماس" إنها كانت تسعى للسلطة؟!

بل إنني استغربت أكثر عندما قالوا جازمين (بالتأكيد ستتنازل حماس عن مواقفها بمجرد وصولها للسلطة).
لماذا نفترض دائماً سوء النية فيمن حولنا على الرغم من التحذير الإلهي من الله -عز وجل- بعدم ظن السوء خشية الوقوع في دائرة الإثم وعلى الرغم من الوصية النبوية من سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم بضرورة إحسان الظن في أخيك المسلم حتى تصل إلى مرحلة وضع الأعذار له؛ لأن الشيطان يراود النفس في تلك اللحظة ليجعلها تعتقد في الآخر سوء الظن والإفك والزور والبهتان، وما إلى ذلك من التشويهات التي لا تنطبق على أرض الواقع، فكان من الواجب أن نفترض حسن النية في حماس وغيرها ممن عرفناهم صالحين ولو شكلياً أو ظاهرياً مصداقاً لقول المصطفى: (إذا رأيتم الرجل يرتاد المساجد فاشهدوا له بالإيمان)؛ لأن سرائر الأمور والغيبيات هي في علم الخالق -عز وجل- لا ضمن دائرة معرفة المخلوق.

وها هم الإخوة في حماس يردون على تلك الأقاويل والافتراءات "فعلاً" لا قولاً فحسب، نجده من خلال صمودهم بشأن قضية الأسير الإسرائيلي الذي تريد إسرائيل ومن معها أن تقلب الدنيا ظهراً على عقب من أجله، وسعت لأن تمارس جهات كثيرة – داخلية وخارجية – ضغوطاً على حماس "للتنازل" عن حقهم في مبادلة هذا الأسير بآلاف الأسرى الفلسطينيين من الشباب والنساء والأطفال الذين لم تُعر لهم إسرائيل اهتماماً وتعير الآن جل اهتمامها بأسير واحد!

وكم يعترينا الأسف ونحن نرى حماس تواجه هذا التيار القوي وحدها على الرغم من حملها لراية تحرير الأرض، وردّ اعتبار وكرامة الأمة التي ضاعت في ظل التخاذل والتنازل الذي ابتليت به الأمة منذ عهد طويل وحتى اليوم.

ناهيك عن الاتهامات التي تتهافت عليها من بعض الدول على أنها تنظيم إرهابي والتلفيقات التي تتهمها بتنفيذ عمليات تفجير داخل مصر، وتضييق الخناق عليها من خلال إغلاق آخر متنفس لأهل غزة على العالم وكأنهم يدفعونها للتسليم والتفاوض مع إسرائيل.

رغم كل ما سبق فهذا لا يضير حماس ولا غيرها من الشرفاء أن يتطاول عليها المتطاولون، ويفتري عليها المفترون؛ لأنهم اعتادوا على الأشواك في طريقهم ومن اعتاد على الشيء أصبح ذا مناعة ضده، فهم سائرون في طريق النصر، وليس في أيدينا إلا أن نحلق بأرواحنا وقلوبنا معهم، داعين أن ينصرهم الله وأن تتحرر فلسطين.. فبوركت حماس وبورك شعارها: (إما النصر وإما الشهادة).

ملحوظة:

التدوينات المنشورة في مدونات هاف بوست لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.

تحميل المزيد