نقترب من مرور عام على إعلان المجمع الانتخابي فوز دونالد ترامب بالانتخابات الرئاسية للولايات المتحدة الأميركية. خسر ترامب التصويت الشعبي بنحو 3 ملايين صوت، ليدّعي على الفور وجود عملية تزوير ضخمة لأصوات الناخبين، ثم يُشكِّل على أثرها لجنة زائفة للتحقيق في عمليات التزوير؛ كي يثبت عبثاً وجهة نظره.
فقد علمنا أكثر منذ الانتخابات عن التدخل الروسي واسع الانتشار باسم ترامب والحزب الجمهوري، فضلاً عن التواطؤ المحتمل مع جهود أفرادٍ من حملة ترامب. وسوف نرى ما الذي ستخرج به تحقيقات روبرت مولر.
يشعر كثير منا بالضغط كل يوم ويتساءل عن الجنون الذي ألحقه ترامب بالعالم. وربما علينا أن نضع في عين الاعتبار ما الذي كان من الممكن أن يحدث لو فازت هيلاري بالانتخابات، وما الذي كنا سنفقده، وما الفرص التي تبددت هذا العام.
بدلاً من استيقاظ ملايين الأميركيين في قلقٍ بشأن فقدان الرعاية الصحية، كانت الرئيسة هيلاري كلينتون سوف تعمل مع الكونغرس (أجل، حتى مع كونغرس جمهوري) كي ترسّخ برنامج "أوباما كير" للرعاية الصحية من أجل المستقبل. كانت معرفة هيلاري العميقة بالقضايا، واهتمامها المستمر بالمرأة والأطفال والفقراء من الأميركيين- ستجعلها قائدةً رائعةً في إصلاحات الرعاية الصحية لهذا العام.
كانت هيلاري ستطور برنامجاً للتوظيف حتى تصلح بِنْيتنا التحتية، وفي الوقت ذاته كانت ستُبقي على صدارة قضايا التغير المناخي ضمن أولويات سياساتها. فقد تُركنا لنسأل ما إذا كان ترامب سيستمر في تجاهل الأسباب العلمية وراء موجات الأعاصير من الدرجة الرابعة والخامسة التي تجتاح شواطئنا هذا العام.
لم تكن الرئيسة هيلاري كلينتون ستنسحب من اتفاقية باريس للمناخ. فنحن الآن الدولة الوحيدة "غير" المنضمة إلى الاتفاقية، إذا استثنينا سوريا.
كان أي برنامج إصلاح ضريبي سيفيد أبناء الطبقة المتوسطة؛ ليضمن أن الأثرياء، ورواد شارع وول ستريت، والشركات يدفعون حصتهم العادلة منها. بدلاً من هذا، سيتسبب ما تم اقتراحه في زيادة ٍكبيرةٍ بالعجز وزيادةٍ في ثروات من هم بالفعل أثرياء.
بدلاً من تفريغ وزارة الخارجية ونزع أحشائها، وبدلاً من الصراخ والاهتياج في الأمم المتحدة، كانت الرئيسة هيلاري كلينتون ستعزز الدبلوماسية. وكان منافسو الولايات المتحدة في الخارج سوف يحترمون الرئيسة هيلاري كلينتون ويعملون معها. فالروس يعرفونها جيداً، وخافوا منها بما فيه الكفاية؛ مما جعلهم يعملون جاهدين من أجل تقويض عملياتنا الانتخابية.
فهم يعلمون أن الرئيسة كلينتون كانت ستعارض الاعتداء الروسي المستمر في أوكرانيا ودول البلطيق، وكانت ستدفع بقوة ضد التدخل في انتخاباتنا وانتخابات حلفائنا الأوروبيين. كانت كوريا الشمالية ستعرف أنها قادرة على إطلاق الصواريخ متى شاءت ذلك، لكنها كانت ستواجه حينئذ ائتلافاً عازماً ومتحداً من الأمم لمواجهة استفزازاتها. وكانوا لن يواجهوا هذا الرجل المتبجح في البيت الأبيض، الذي نفّر حلفاءنا وأهان أمماً أخرى في الأمم المتحدة؛ إذ إن افتقاده المهارات الدبلوماسية الأساسية يجعله كثورٍ في متجر للخزف الصيني. كانت أميركا ستصير أقوى وآمناً وأكثر احتراماً اليوم تحت قيادة الرئيسة هيلاري كلينتون.
لسنا في حاجة لأن نقول إن المؤمنين بسيادة الجنس الأبيض كانوا لن يجدوا تشجيعاً من الرئيسة هيلاري كلينتون.
لم يكن آباء وأمهات وأطفال المهاجرين، الذين عملوا بكدٍّ أعواماً وحاولوا أن يسهموا في المجتمع، سيُطوَّقون ويُوضعون في السجن. كانت الرئيسة هيلاري كلينتون ستعامل المهاجرين بكرامة واحترام، معترِفةً بأننا نشكل أمةً من المهاجرين. كانت سياساتها ستحمي الصغار الضعفاء "الحالمين" من تهديدات الترحيل التي لا مفر منها.
يمحو ترامب حماية المثليين والمتحولين جنسياً. ويتساءل جنودنا من المتحولين جنسياً عن المصير الذي ينتظرهم بعد حظر المتحولين جنسياً من الخدمة في الجيش الأميركي. وحتى البنتاغون، فوجئ وأراد أن يبطئ من هذا الحظر. كانت الرئيسة هيلاري كلينتون ستوسع من السياسات المتعلقة بمجتمع "إل جي بي تي" التي ابتدأتها إدارة الرئيس السابق باراك أوباما.
يرغب ترامب في إلغاء تمويل الفنون. ففي أولى خططه للموازنة الفيدرالية، اقترح أن يلغي صندوق الهبات القومية من أجل الفنون، وصندوق الهبات القومية من أجل العلوم الإنسانية، وتمويل مؤسسة الإذاعة العامة. كانت هيلاري كلينتون ستلتزم بدعم الفنون. ولم تكن لتتخذ مثل هذه الخطوات شديدة القسوة؛ كي تلغي جزءاً هاماً من ثقافة هذه البلاد.
كان ميريك جارلاند -وهو القاضي المعتدل بمحكمة الاستئناف الذي يحظى باحترام كبير على الصعيد العالمي، والذي قضى معظم عام 2016 ينتظر دون جدوى، قبوله من مجلس الشيوخ الذي يسيطر عليه الجمهوريون- سيصير في المحكمة العليا. بدلاً من هذا، نجحت خلال العام الماضي الخطة الخبيثة من الإعاقة والتأجيل التي وضعها مكونيل، زعيم الأغلبية في مجلس الشيوخ، والآن لدينا نيل غورساتش، الذي ابتسم وشوّش على طريقته للحصول على قبول مجلس الشيوخ. والآن لدينا الرجل وصوته، الذي سيكون بكل ثقة شديد المحافظة، بقية عمره الطويل.
لم تكن الرئيسة هيلاري كلينتون ستسهّل من إمكانية شراء المرضى عقلياً للأسلحة. كان الحكم استجابةً لحادث إطلاق النار في مدرسة ساندي هوك الابتدائية، التي فتح خلالها رجل يعاني اضطرابات عقلية النار، ليتسبب في مقتل 20 طفلاً و6 بالغين.
تراجع ترامب حتى عن المتطلبات الغذائية لوجبات الغداء في المدارس، في إعادة لمشهد "اعتبار الكاتشب من الخضراوات" الذي حدث خلال عهد الرئيس الأسبق رونالد ريغان والذي كان مثيراً للجدل؛ إذ لم يبدُ الأمر كما لو أن تركيزه الوحيد هو تفكيك إرث أوباما وحسب؛ بل إنه أيضاً يمحو أحد إنجازات السيدة الأولى السابقة ميشيل أوباما. والآن، وداعاً وجبات الغداء الصحية في المدارس، ومرحباً بسمنة الأطفال.
يمزق ترامب قواعد مساواة الأجور بين النساء والرجال، وبالتأكيد يطول الأمر تنظيم الأسرة. فلم يكن تمويل تنظيم الأسرة، الذي يلبي الاحتياجات الصحية العامة لكثير من النساء، سيصير في خطر شديد الآن.
يمكن أن تستمر القائمة بمزيد من السياسات اليمينية الكارثية على البيئة والتعليم وحماية المستهلك.
وفي نهاية المطاف، كان من الممكن أن يصبح لدينا أول رئيسة جمهورية امرأة في تاريخ البلاد. كانت بناتنا وحفيداتنا سيرين مثالاً لامرأة شجاعة وواثقة تقود أمة عظيمة. كانت الرئيسة هيلاري كلينتون ستشكل تحالفاً قوياً مع أقوى امرأة بالعالم في الوقت الحالي، وهي المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل. لم تكن القائدات من النساء سيضطررن إلى تحمّل الإهانات من العمل مع رئيس لا يحترم النساء ويتفاخر بالاعتداء الجنسي. لم تكن مسيرة النساء في واشنطن ستمسي بهذا الغضب والحزن؛ بل كانت ستصبح في سعادة وسرور.
ولعل بلادنا قد تعلمت درساً من هذا الخطأ الجسيم لعام 2016.
– هذه التدوينة مترجمة عن النسخة الأميركية لـ"هاف بوست". للاطلاع على المادة الأصلية، اضغط هنا.
ملحوظة:
التدوينات المنشورة في مدونات هاف بوست لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.