حين أراك

أربع أو خمس ساعات في الليل كفيلة أن تضعني في مكان لا أعرفه، لا أجدني أحلم بالأشخاص، فلا أتذكر أنني رأيت في حلمي أشخاصاً، لكن أرى ما خلف الأشياء، وهذا كفيل بأن يحدث خللاً في إدراكي طوال اليوم.

عربي بوست
تم النشر: 2017/09/15 الساعة 09:22 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2017/09/15 الساعة 09:22 بتوقيت غرينتش

سأحدثكم عن حلمي حين أراه، أعاني من حلمي، لا أعرف ما إن كنت أحلم أو أن ما يقع لي في حد ذاته حلم.

حين يقبع الظلام أخاف أن أدخل غرفتي لأنام، لا آسفة إنني لا أنام، بل أحلم حينما أغمض عيني، أعني من حلم يأخذني بتفاصيله للواقع، أسمع صوت كل شيء، أسمع صوت الحشرة في حديقة منزلنا وهي تتمشى على ورقة من أوراق الصنوبر التي تزرع أمي، أتعرفنا حجم هذه الأخيرة أم لا، إذاً فأنا أسمع صوت مشيتها على الزرع.

أسمع أيضاً صوت نقطة الماء الذي يتقطر من صنبور جارتنا العجوز التي لا تصلح شيئاً في منزلها.

أدركتم حجم الكارثة التي أعاني منها، أنهض في صباح الغد وأنا غارقة في حلمي، إذ يقع لي شيء لا أفهمه، أشاهد ما وراء المرئيات، أرى يومي، أرى طريقي، أرى المارة في الشارع، أرى حتى قهوتي، أرى كل تفاصيل يومي، حينها أشعر بعجز يزن ضعفي وزني يحملني من أعماقي أعصابي لأصرخ بكل قوتي حتى الجنون.

جنون يؤدي بي إلى المصحة لأدخل في حوار مع الطبيبة التي ما إن تتحدث معي لا أعرف كيف أتمعن في ملامحها لأعرف أنها مطلقة، وتعاني من مشاكل في زواجها وكل تفاصيلها التي أراها في وجهها ومكتبها وصورها التي تكون لديَّ فكرة عن الواقع.

صدقوني أو لا تصدقوني لا أملك سبباً مقنعاً لأكتب هذا، فلا شيء سيخرجني من حدود مملكتي، ولا شيء سيغير من تعرجات القدر، لأصبح سجينة حلمي الذي أخذني بعيدة عن طريقكم.

أربع أو خمس ساعات في الليل كفيلة أن تضعني في مكان لا أعرفه، لا أجدني أحلم بالأشخاص، فلا أتذكر أنني رأيت في حلمي أشخاصاً، لكن أرى ما خلف الأشياء، وهذا كفيل بأن يحدث خللاً في إدراكي طوال اليوم.

أعتقد أن لديَّ الكثير من الأمور المختلفة في حياتي، ثم إنني لست قديسة أو ما شابه، فحياتي بسيطة واحبها كما هي.

تعودت دائماً على الشكر، وتقديس اللحظات بحمد، فصرت على امتنان دائم لكل شيء في كل لحظة، فربما حلمي هو حقيقتي، وربما شيء يخصني أنا باختلافي وبتقبلي.

حلمي يبعدني عن الناس، ولا يحزنني فراقهم، فأصبحت السعيدة مع نفسي.

ربما حين أراك تضعني في مرض أو في جنون لحظي يستوجب مني أخذ دوائي، لكن ما إن أراني في المرآة أحتضن نفسي أحب وجهي، أنفي، فمي، عيني، أحب شماتي التي لا تخلو من وجهي، أحب خلق الله فيا، أحبني كما أنا.

حلمي كان قادراً على إضحاكي تارة، وإخراجي من دائرة النمطية الواقعية التي يعيشها معظم الناس تارة أخرى.

حين أراك أعرف أن سبب سعادتي لا يتطلب أسباباً كثيراً، بل فقط ابتسامة أو رسالة قصيرة منك في الليل تحمل معها تصبيحة كفيلة بأن تجعل يومي يبتسم.

حلمي خلق لي قوانين جديدة للزمن فلا أحد سيحبكم سوى أنفسكم، فكونوا لأنفسكم كل شيء، ولا تسمحوا بسيطرة خبث السريرة عليكم؛ لأنه سيصعب عليكم وجود بشر أنقياء.

ملحوظة:

التدوينات المنشورة في مدونات هاف بوست لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.

تحميل المزيد