الدّين كصيغة أولى بديلة

وقد تجد هذا القانون في دولة لا تدين بالإسلام، وبالتالي كان الإسلام في فترته الأولى بديلاً لجزء كبير مما تم تطويره لاحقاً عبر الزمن.. من علوم واختلاف طرق التطبيق دون الخروج عن الغاية المحددة، ولذلك يجب علينا ألا نصبغ كل ما يستجد بصبغة الدين، منشغلين بالبحث عن أساس فقهي أو دليل ونص نبوي، طبعاً دون الانتقاص من الدين بل بعدم تحميله كل شيء في هذا العصر.

عربي بوست
تم النشر: 2017/07/31 الساعة 05:38 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2017/07/31 الساعة 05:38 بتوقيت غرينتش

إن تعاليم الإسلام كمنهج حياة بدأ في فترة النبوة وما بعدها بقليل.. كان بديلاً في ذلك العهد "الفقير إلى كل شيء"، كان بديلاً أولياً لكثير من العلوم التي تطورت لاحقاً لكثير من القوانين التي جاءت بعد ذلك في الدولة المكتملة الملامح.

وبالتالي من السخف البحث عن فتاوى وأدلة لتحليل أو تحريم قيادة المرأة للسيارة، وسرد حوادث تاريخية في عهد النبي لخدمة هذا الموضوع.

ومن الغريب جداً أن تلزمني بكتب وطرق تربية للطفل قالها علماء مسلمون منذ أكثر من ألف عام، مستشهداً بأحاديث نبوية، يفسرها حسب فهمه، في الوقت الذي تطور فيه علم النفس، وألفت كتب لا تحصى في تربية الطفل.

يحذرنا الرسول -صلى الله عليه وسلم- من إيذاء الجار واعتبر من الكبائر، ووصف الرسول من يؤذي جاره بأنه "لا يؤمن"، لقد وضع لنا الدين أسساً وقيماً محددة، بينما أستطيع اليوم وتحت القانون في دولة محترمة ألا أكتفي باعتبار إيذاء الجار من الكبائر "دينياً"، بل أستطيع تجريم هذا الفعل ومعاقبة الفاعل.

هنا طريقة التعبير ومعالجة وتطوير الامتثال لهذا المبدأ الديني تتغير وتختلف، بل وتتبلور أكثر مع الزمن.

وقد تجد هذا القانون في دولة لا تدين بالإسلام، وبالتالي كان الإسلام في فترته الأولى بديلاً لجزء كبير مما تم تطويره لاحقاً عبر الزمن.. من علوم واختلاف طرق التطبيق دون الخروج عن الغاية المحددة، ولذلك يجب علينا ألا نصبغ كل ما يستجد بصبغة الدين، منشغلين بالبحث عن أساس فقهي أو دليل ونص نبوي، طبعاً دون الانتقاص من الدين بل بعدم تحميله كل شيء في هذا العصر.

الدين.. "كل ما اعتبر تعاليم دينية" في عهد النبوة كانت له وظيفة أكبر مما يجب أن تكون له اليوم.. "كصبغة إسلامية للتعليمات"، بل هي اليوم ضمن ما طورته البشرية جمعاء مشتركاً في هذا النتاج الحضاري العالم المسلم والعالم اليهودي والعالم المسيحي والعالم الملحد، خدمةً للإنسان لا خدمةً لدين أي منهم، ولا اعتبار هذه الحضارة دينية أو غير دينية، بل حضارة إنسانية.

في بداية بزوغ الإسلام، كثير من الأمور الحياتية المعيشية وضعت ضمن إطار ديني، بغية التنظيم، حيث لا قوانين آنذاك إلا قوانين هذا الدين وأحكامه تضبط هذا المجتمع.

وأرى اليوم أن كثيراً من هذه الأمور قد تجد قوانين تضبطها في المجتمع المعاصر، والدولة الحديثة بعيداً عن التحريم والتحليل، والخطأ كل الخطأ هو عدم الخروج من هذا الإطار الديني الذي وضع مؤقتاً في البدء لكثير من الأحكام؛ ليتماهى كقانون ضابط لاحقاً.. والله أعلم.

ملحوظة:

التدوينات المنشورة في مدونات هاف بوست لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.

تحميل المزيد