العلوم السائلة.. خرافة الموضوعية العلمية ومرضى التصلب المعرفي

بل إن أحد السفن الحربية غرقت في القرن السابع عشر وبدراستها وجد العلماء حديثا أن سبب الغرق أن أبعادها غير متناظرة بسبب استعمال عمال أحد الجانبين مسطرة سويدية وعمال الجانب الآخر مسطرة هولندية، فتسبب اختلاف قدر القدم في البلدين في غرق السفينة. منقول من ويكيبيديا، ونفس الخبر بالإنجليزية هنا.

عربي بوست
تم النشر: 2017/07/27 الساعة 06:26 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2017/07/27 الساعة 06:26 بتوقيت غرينتش

هل من الممكن أن يدل نص ثابت مثل القرآن على "الحقيقة" بالرغم من اختلاف فهم وظروف البشر في كل الأزمنة؟ هل من العدل أن نطالب الجميع أن يستدلوا بالنص على نفس الحقيقة بالرغم من اختلاف معارفهم عبر الزمن؟

في المقال السابق ناقشنا عدم انضباط الألفاظ، وقصور اللغة عن احتواء المعاني. واستعرضنا كيف يُشكِل على العلماء الموازنة بين عمق الاسم ومساحته وأن هذا يحكم بحتمية قصور تعميم أي اسم حتى البسيط منها مثل "كلب". واستعرضنا أن باستخدام الأفعال كفيلم متحرك أقرب وسيلة للدلالة على الحقيقة. وأشرنا إلى أن هناك حركة كبيرة لإعادة كتابة الكثير من العلوم باستخدام لبنات ديناميكية (الأفعال).

ولكن إلى أي مدى بالفعل تعتبر اللغة مشكلة للعلماء في رصد الحقيقة؟ فهم في النهاية يستخدمون القياس والأرقام ولا يهتمون بالألفاظ والمعاني المجازية.

الحقيقة أن اللغة (وبالذات الأسماء) هي لبنات بناء العلوم، بل يتطلب العلماء توصيفًا وقياسًا لكل لفـظ لكي يستطيعوا استخدامه بشكل منضبط. وقصور الأسماء لا يسبب إشكاليات في العلوم الاجتماعية فقط ولا حتى البيولوجية، بل يمتد لينال من أساسيات كل العلوم مثل الفيزياء والكيمياء.

فلكي يستطيع العلماء أن يصفوا الموجودات بشكل موضوعي يجب أن يستخدموا أسماء لها معانٍ "حقيقية" أي ثابتة بغض النظر عن الزمان والمكان والظروف وهو الأمر الذي أثبت أنه صعب جدا فوحدات القياس بها نفس القصور وعدم الموضوعية مثل أي اسم آخر. فلا يوجد شيء في الواقع اسمه "متر" أو "كيلوجرام" بل هما أفكار متخيلة وليس لها وجود حقيقي مستقل إلا في خيال المتحدث. ولأهمية توحيدها عكف العلماء مئات السنين على النقاش والدراسة ليتفقوا على ما هو المتر وكم يبلغ طوله.

بحث العلماء أولا على وحدة قياس لها وجود حقيقي مستقل ومشترك بين كل البشر بحيث يستطيع أي شخص أن يقيسه ويعرف الطول المقصود به بشكل مادي. فبدأوا في استخدم عظمة الساعد كوحدة قياس (الذراع) أو طول القدم (القدم) أو عرض إصبع الإبهام (البوصة) كأداة قياس حيث اعتقدوا أنها لا تختلف كثيرًا بين شخص وآخر. إلا أن افتراضاتهم كانت مرتبطة بجنس معين في بلد معينة وبالتالي غير صالحة للتعميم على العالم كله.

بل إن أحد السفن الحربية غرقت في القرن السابع عشر وبدراستها وجد العلماء حديثا أن سبب الغرق أن أبعادها غير متناظرة بسبب استعمال عمال أحد الجانبين مسطرة سويدية وعمال الجانب الآخر مسطرة هولندية، فتسبب اختلاف قدر القدم في البلدين في غرق السفينة. منقول من ويكيبيديا، ونفس الخبر بالإنجليزية هنا.

في فرنسا في القرن الثامن عشر اجتمعت لجنة من العلماء لحل مشكلة، "ما هو المتر؟"، وكيف نقيسه بشكل ثابت في كل مكان؟ فإن لم يستطع العلماء أن يتفقوا بينهم على معنى موضوعي ثابت ودقيق لوحدات القياس فالتقدم العلمي كله في مأزق.

حاول العلماء استخدام طول حبل البندول الذي يمكنه من قطع ثانية واحدة، ثم اكتشفوا أن سرعة البندول نفسها غير ثابتة، بل تختلف حسب اختلاف قوة الجاذبية من مكان لآخر في الكوكب.

ومن ثم حاولوا استخدام الكرة الأرضية نفسها، فاقترح العلماء أن وحدة القياس هي ١/١٠،٠٠٠،٠٠٠ من نصف قطر الكرة الأرضية. وبالفعل جهزوا الرحلات العلمية من أوروبا حتى القطب الشمالي لقياس نصف قطر الكرة الأرضية. إلا أن عدم استواء التضاريس وطول المسافة جعلهم (رغم الجهد الكبير) يخرجون بقياس خاطئ ويقل بـ ٢ مليمتر في كل متر (وهو خطأ قد يكون له آثار كارثية). وبالفعل تم صناعة نموذج المتر الذي سيستخدمه العالم لمعايرة كل شيء وهو يحتوي على هذا الخطأ.

مع التقدم وبعد مئات السنين من المحاولات استطعنا حديثا أن نحسن قياسنا للمتر من خلال استخدام المسافة التي يقطعها الضوء في ثانية للحصول على طول ثابت من الأمتار يمكن قياسه في أي مكان بنفس الدقة.

إلا ان هذا يجرنا لمشكلة وحدة قياس الزمن وما هو طول الثانية. ولهذا قصة طويلة مماثلة، ونهايتها السعيدة هي أن الثانية تحسب الآن باستخدام أحد المواد النادرة (السيزيوم) فتحسب الثانية على أنها الوقت اللازم لعدد معين الذبذبات المنبعثة من هذه المادة.

ومن ثم فالزمن كان هو نقطة البداية الوحيدة التي بنينا عليها الطول ثم أخذنا نرتب المعايير واحدًا تلو الآخر عليهما. وبعد الاتفاق على المعايير (من زمن وحرارة وطول وكتلة.. إلخ) استخدمناها كوحدات بناء لتشييد العلوم الحالية. وبهذا كانت كل لبنة في البناء المعرفي ليس لها حقيقة مستقلة في حد ذاتها إلا إذا قيست بأخرى حتى تصل إلى نقطة بداية المعايير والعلوم نفسها، ألا وهو الزمن. والمفارقة أن الزمن نفسه وهو اللبنة الأولى للعلوم هو أشهر المفاهيم ارتباطًا بالنسبية وعدم التحديد.

فالعلم مبني من أسماء المعايير وأسماء الموجودات. وهذه الأسماء تشير للموجودات ولكنها هي نفسها ليست لها حقيقية موضوعية مستقلة في حد ذاتها. بل إن مصداقيتها في الإشارة للموجودات تأتي من إرادة وقبول بين مجموعة محددة من المستخدمين. فالأسماء ما هي إلا عقود، يوافق بموجبها المستخدمين على استدعاء فكرة معينة إلى خيالهم عندما تتلى حروفها.

إلا أن هذا العقد غير ملزم لغير مستخدميه، فيتغير هذا القبول من وقت لآخر، ومن علم لآخر، ومن استخدام لآخر، ومن حرفة إلى أخرى.

وهذه هي معضلة العلوم والمعارف. فالأسماء غير قادرة على أن تشير إلى مسمياتها بشكل موضوعي، بل هي اتفاق محدود الصلاحية زمنا وظروفا واستخداما. وهذا القصور ليس لعيب في العلم، ولكن لقصور في اللغة وقصور قدراتنا الإدراكية نفسها وسُمُوّ الموجودات عن الاحتواء. ولهذا فلا أمل للعلم لإدراك أو صياغة الحقيقة بشكل قطعي مستقل عن افتراضاتنا. فجل مهمة العلم المتبقية هو أن يأتي بتطبيقات مفيدة وإن كانت غير صحيحة أو كما
يقول عالم الرياضيات الشهير جورج بوكس "كل النظريات خاطئة ولكن بعضها مفيد".

أحد الأمثلة الواضحة التداعيات الكبيرة لقصور اللغة على صحة العلم هي اختبار الذكاء.

فاختبار الذكاء هو أحد أهم الاختبارات والذي يعتبر المعيار الذهبي الذي يستخدم في التنبؤ بالأداء التعليمي ويستخدمه الاقتصاديون للتنبؤ بالدخل المتوقع ويستخدمه الإداريون للتنبؤ بالأداء في العمل وعلماء الاجتماع في التنبؤ بالجريمة. ولكن بالرغم من هذا فإحساسنا العام أن هناك خطأ ما. فكل مرة ترى طفلًا رفض قبوله في المدرسة بناء على هذا الاختبار تستشعر بشيء ما غير صحيح. وكل مرة تجد دراسة تصنف من هم في مستوى ذكائك أنهم سيحققون دخلًا عاليًا تتعجب لماذا لا ينطبق هذا عليّ! وعندما نجد من يصنف "أمثالنا" ذكاءً أنهم يتوقع منهم نسبة جريمة عالية تستهزئ بالأمر تمامًا. ولكننا لسنا عادة في موقف يصلح لمجادلة وإثبات وجهة نظرنا فترك الخوض فيه. والحقيقة أن بالفعل إحساسك أصدق من تعميمات العلماء. فحتى داخل مجموعة العلماء أنفسهم هناك جدل واسع على ما هو الذكاء وما هي القدرات التي تقع داخله وخارجه، وجدل أكبر عن كيفية قياسه بشكل ثابت من شخص لآخر.

ونظرا للجدال الكبير في صحة اختبار الذكاء. أراد الاتحاد الأمريكي لطب النفس أن يحسم هذا الخلاف فأنشأ مجموعة عمل من أكبر علماء العالم قاموا بمناقشة الاختبار وناقشوا ما له وما عليه ووضعوا تقريرهم سنة ١٩٩٥ "الذكاء المعروف عنه وغير المعروف" ومن أهم النقاط التي أثارها التقرير هو "ماهية الذكاء" ومدى قدرة الاختبار نفسه على قياسه. فالذكاء نفسه أوسع من أن تقصره في مجموعة المهارات التي يختبرها (مثلا مقياس ستانفورد بينيه يختبر الذاكرة والذكاء المعرفي والحسابي والاستنباطي والقدرة البصرية) فالذكاء نفسه أشمل وأكثر تنوعًا حسب المواقف والمعطيات من أن تحصره في هذا الإطار الجامد والضيق وتتجاهل بقية الجوانب. بل إن توسيع المفهوم نفسه ليشمل كل الجوانب الأخرى ليس حلا فكلما زاد عمق المعنى قلت قدرتك على التعميم وأصبح يصلح لمجموعة أصغر دون غيرها. ومع تطور العلوم الديناميكية حديثا والتي مكنتنا من دراسة الحقيقة السائلة كما هي استطاع العلماء في ٢٠٠٧ أن يطوروا أدوات قياس ذكاء ديناميكية تستطيع أن تسير خطوات نحو دراسة الذكاء بشكل غير جامد.

احد المشاكل المهم الإشارة لها في هذا السياق هو ما ناقشه سكوت اتران أن الاختبار نفسه لا يقيس الذكاء بل يقيس "مهارات التفكير المفضلة اجتماعيا" وبالتالي فهي تمثل في الأصل ما يفضله المجتمع الغربي (و الذي تطور هذا الاختبار في الأصل فيه وله). ولهذا فمتوسط الذكاء ١٠٠ يعبر عن متوسط المجتمع الغربي ولا يعبر عن قيمة مستقلة يمكن مقارنتها بالمجتمعات الآسيوية مثلا. بل إن "مهارات التفكير المفضلة اجتماعيا" لدى الآسيويين مختلفة عن الغربيين كمثال فالطلبة الشرق آسيويين يفضلون اختيار الإجابات التي تتسق مع بيئة الشيء وليس مع الشيء نفسه كالغربيين ويفضلون حل الأسئلة باستخدام التحليل القصصي وليس التصنيفي كالغربيين ويعتبرون الإجابة الأصح هي التي تتوافق مع ما يتذكرونه عن مثيلاتها وليس ما يتوافق مع ما يجب أن تكون عليه مثل الغربيين. وبالتالي فالطالب الآسيوي الذكي يختار كثيرًا من الإجابات الخاطئة لأنه ذكي ولكن ليس ذكيًّا غربيًّا. وأخيرًا فقد أشار تقرير الاتحاد الأمريكي لطب النفس المذكور سابقا لأن اختبارات الذكاء كثيرًا ما تستخدم لخدمة أغراض سياسية (كمثال لتهميش مجموعة دون أخرى) وليس بهدف البحث العلمي نفسه.

وهكذا فعدم قدرة اللغة على الإشارة للمعنى بشكل فعال تجعل مفردات العلم نفسها تتوقف صحتها على الاستخدام المتعاقد عليه وليست صحيحة في حد ذاتها. سواء كان في البيولوجيا (مثال الكلب) أو الفيزياء "مثال المتر" أو العلوم الإنسانية مثال "الذكاء". وقس بما ذكرت من أمثلة ما لم أذكر من علوم.

وعلى العكس من المقلدين (بلا وعي) فالعلماء أنفسهم يدركون أن الحقيقة سائلة وأكثر تفلتا من أن تحتويها في أوانٍ جامدة. بينما نجد كثيرين ممن يحاولون أن يضعوا الحياة في قوالب جامدة (المستعلمين) يثقون بشكل أعمى بالمخرجات العلمية.

وتراهم يتحصنون داخل هذه القوالب الجامدة فيستشعرون القوة أنهم يتكلمون باسم العلم فيحكمون بكل دوجماتية على طالب آسيوي أو إفريقي بمقياس غربي للذكاء فيخرجونه من مدرسة، أو يرفضون قبولك في وظيفة، أو يقللون أهميتك للمشاركة السياسية لمجرد أنهم صنفوك بأحد هذه الأدوات العلمية الجامدة. فهم أشبه بشخصيات لعبة ماينكرافت الشهيرة يروك ويروا العالم في صورة مجموعة من المكعبات الجامدة. بالرغم من أن حقيقتك سائلة. فأنت لست "غير متطور عقليا" ولكنك في وقت الاختبار "لم تجب الاختبار بنجاح" ولكن قد تجيب اختبارًا آخر مضبوطًا عليك بنجاح وقد تجيب نفس الاختبار في وقت آخر أفضل بكثير. وحتى إن كنت غير ذكي فهذا لا يعني أنك ستكون طالبًا أو موظفًا أو مواطنًا أقل أداءً من غيرك.

فالأسماء أوانٍ جامدة إن زدت عمقها تضحي بمساحتها/اتساعها والحقيقة سائلة أقرب إلى الأفعال من الأسماء. الحقيقة ليست مقامًا ثابتًا. بل حالًا يتغير. لهذا فالمعارف والعلوم لكي تكون صحيحة يجب أن تكون متغيرة لا جامدة وثابتة كما يظن البعض.

وبالتالي فالنص الذي يعبر عن الحقيقة بشكل صحيح لكل البشر معًا باختلاف الأزمان و الثقافات:

لا يمكن ان يكون نص جامد له طريقة واحدة لفهمه. بل يجب أن يكون مرنًا ليشير إلى الواقع الدائم التدفق.

يجب أن يكون سائلا متدفقا كفيلم فيديو للواقع بينما يستخدم الأسماء كصور ثابتة تمكنك من استخراج لقطة ما والتعامل معها على حدى.

يجب أن يمكن للعلماء أن يخرجوا منه بمساحة مشتركة ليكون مفيدًا كأداة اجتماعية، وفي نفس الوقت يمكن تأويله بشكل شخصي يناسب الحالة الفردية لكل شخص. بل يجب أن يكون من الثراء أن تستقرئ منه في المواقف المختلفة معانٍ مختلفة وتظل كلها صحيحة في حينها.

يجب أن تكون مساحته واسعة ولكنه متعدد الأعماق لكل منا.

النص الذي يعبر عن الحقيقة يجب أن يكون نصًّا عبقريًّا يجمع هذا التباين المستحيل بين العمق والمساحة في وحدة واحدة، وفي نفس الوقت يكون منضبطًا فلا يحمل تضاربًا.

ولإدراك معنى القران لا يكفي تداول ألفاظه، بل يجب مكابدتها. فإن أشكل عليك هل أنت من المؤمنين المقصودين في آية: "يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُل لِّأَزْوَاجِكَ وَبَنَاتِكَ وَنِسَاء الْمُؤْمِنِينَ يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِن جَلَابِيبِهِنّ" (لأحزاب ٥٩) فلا تأخذ لفظ مؤمنين كحائط يفصلك عن غيرك. بل إن الإيمان هو حال يتجدد كل لحظة حقيقته انقياد القلب تصديقًا و محبة وبديله زيغ القلب إهمالا أو جحودًا. فأنت في كل لحظاتك كادح إلى ربك كدحًا. فالآية هي خطاب خاص للمقبلين لا للمدبرين. فهل تخاطبك الآية؟

لأن الأحوال دائمة التغير، فليس في الإسلام رتب ثابتة لا تتغير للمؤمنين والمسلمين والكافرين. بل كلنا فى نفس قدسية وحرمة بعض. فلا تفاضل بين شخص وآخر إلا بالتقوى. وهي أحوال يمكن اكتسابها والترقي فيها كما يمكن خسارتها في أي لحظة. فالإيمان فعل ووجهة وليس مقامًا ثابتًا لهذ قال الله عز وجل "يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا آمِنُوا…" [النساء: 136] ووضح الرسول صلى الله عليه و سلم أن الإيمان يزيد وينقص ليس له مستوى ثابت، ومسؤولية الإنسان في كل لحظة هي زيادته بالطاعة وحفظه من النقصان باجتناب المعاصي.

كما أن إدراك الخير والشر مسؤولية المسلم الشخصية، فالخير والشر ببساطة يتدفقان أمامك طوال الوقت بلا قوالب جاهزة "البر حُسنُ الخُلق، والإثمُ ما حاك في نفسك، وكرهت أن يطلع عليه الناسُ" رواه مسلم. فإن حاك في نفسك لا تقربه وإن أفتى لك أكبر عالم بغير هذا. وإن حكم لك القضاء بما لا تستحق فالحكم هنا ليس عنوان الحقيقة بل هو قطعة من النار ولو حكم لك به رسول الله نفسه كما أخبرنا بنفسه صلى الله عليه وسلم. واستشراف الحقيقة يكون بأن تُسلِم نفسك للحق، تستشرفه ظاهرًا وباطنًا. وتتدبر في الآيات فلا تأخذ من الألفاظ بناءها وتغفل عن حقيقتها ومبناها. فبيان الإسلام للحلال والحرام تبيين وجهة ومساحة وليس تعيين حواف حادة ينتهي عندها أحدهما ويبدأ الآخر بل يُمرَجوا في بعضهما، تضطرب حوافهم في بعضهم ولا يبغيان. فالحلال منحاز إلى الحق والحرام منحاز عنه. فإن اشتبهت عليك حدود الحقيقة فالزم نفسك الصحيح لشخصك حتى لو خالف من تحسبهم أفضل منك. فلن نحاسب جميعًا بقوالب جامدة بل كما خلقنا الله عز وجل أفرادًا منفردة لا تتكرر، وجعل الواقع لحظات لا تتكرر، وجعل إدراك البرزخ بين الحلال والحرام مسألة شخصية، فكذلك "كلهم آتيه يوم القيامة فردًا".

-المصادر:

1- New Clues Emerge in Centuries-Old Swedish Shipwreck

2- George E. P. Box

3- Intelligence: Knowns and Unknowns

4- The Opinion Pages

5- Cognitive Education: Constructivist Perspectives on Schooling, Assessment, and Clinical Applications

6- 2014 : WHAT SCIENTIFIC IDEA IS READY FOR RETIREMENT?

7-

ملحوظة:

التدوينات المنشورة في مدونات هاف بوست لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.

علامات:
تحميل المزيد