كيف تقضي امرأة أربعينية غير متزوجة وقتها؟

لدينا كل الحق في شغل مساحة في هذا الكون، نحن ننفق المال في المحال التجارية، نحن نهيمن على أماكن العمل والمنشآت التعليمية، نحن نتظاهر مطالبات بحقوقنا، ولدينا وفرة من الحكمة للمشاركة في الساحات الدينية والروحية، يجب أن نكون أحراراً في التعبير عن أنفسنا بشكل كامل في الساحات الفكرية - بأي طريقة نختارها

عربي بوست
تم النشر: 2017/07/06 الساعة 07:40 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2017/07/06 الساعة 07:40 بتوقيت غرينتش

لا ينبغي أن يكون من الصعب على الناس أن يتصوروا أن النساء يستطعن أن يعشن حياة سعيدة وهادفة بدون رجال.
وقفت جارتي سيتا في مدخل شقتي، وقد جاءت لتأخذ أطفالها. كانت الساعة الثانية ظهراً تقريباً. رفعت عيني عن جهاز الكمبيوتر الخاص بي فرأيتها، ثم وقفت للترحيب بها. سيتا امرأة ضئيلة ونحيفة ذات جديلة لامعة من الشعر الأسود تصل إلى منتصف ظهرها. تبدو دائماً مسترخية، كما لو كانت الحياة قد أعطتها كل شيء أرادته. أما أنا فعلى النقيض منها أبدو منهكة. قضيت معظم اليوم في البحث على الإنترنت، للتخطيط لقضاء عطلة كان من المفترض أن أنظمها قبل ستة أشهر.

وبينما كنا ننتظر أن يجمع الأطفال أشياءهم، تجاذبنا أطراف الحديث حتى انفجرت قائلة: "ماذا تفعلين طوال اليوم؟".

ضحكت، أنا مدرسة في عطلة الصيف، أنا معتادة على ذلك، إذا كنت أقل اهتماماً بنظرة الناس لي، لكان الأمر أسهل. "لا أفعل شيئاً طوال اليوم. فقط أستلقي على الأريكة وآكل الحلوى".

هناك شيء حول حتمية ذلك السؤال يزعجني، ولا أزال أحاول الوصول إلى مغزاه. يدهشني هذا الخيال الجدب بشكل لا يصدق.

بعض الرجال يكافحون لفهم أن المرأة موجودة بشكل مستقل حتى عندما لا يكون هناك أحد يشهد وجودها، إنه أمر مزعج، ولكنهم رجال، فماذا سنفعل؟

الغريب في الأمر أن حتى النساء لديهن صعوبة في تصور حياة نظيراتهن من الإناث، وخاصة اللاتي لا يمكن تعريفهن بدور اجتماعي مثل الزوجة والأم، أو القائمة على الرعاية، أو المربية.

في بعض مقالاتي الأخرى، مثل "أعزائي المتزوجون"، حددت بإيجاز بعض الطرق التي أقضي فيها "وقت الفراغ"، لا، ليس لأنني رائعة جداً، ولكن ببساطة في محاولة للرد على سؤال يحير الكثير من الناس (من الرجال على مواعيد العشاء إلى الأمهات):

كيف تقضي المرأة غير المتزوجة في الأربعينات من عمرها وقتها؟ أظل أبحث في كتاباتي عن طرق لشرح فكرة أن حياة النساء العازبات اللاتي تخطين الأربعين يمكن أن تكون غنية، وممتعة، وهامة مثلها مثل أي شخص آخر.

نعم، إذا كنت امرأة ألفية وتقرأين هذا، اعلمي أنك في مرحلة ما من حياتك سوف تشعرين كما لو كان العالم كله يرسل إليك رسالة مفادها أنك غير مرئية، أن وجودك لا يهم أحداً (إلا إذا كنت جذابة)، وأن ما تقولينه أو تفعلينه لا يفيد. هذه هي الطريقة التي ينظر بها مجتمعنا إلى الأمور في الوقت الحالي، ولكنها لا يجب أن تستمر إلى الأبد.

النساء العازبات ممن تجاوزن الأربعين لهن وجود هادئ، ولكنه قوي، نحن قوة غير معترف بها في عالم يريد إنكار وجودنا، لدينا كل الحق في شغل مساحة في هذا الكون، نحن ننفق المال في المحال التجارية، نحن نهيمن على أماكن العمل والمنشآت التعليمية، نحن نتظاهر مطالبات بحقوقنا، ولدينا وفرة من الحكمة للمشاركة في الساحات الدينية والروحية، يجب أن نكون أحراراً في التعبير عن أنفسنا بشكل كامل في الساحات الفكرية – بأي طريقة نختارها – دون أن نتعرض للمعاملة الفوقية، أو للاستخفاف، أو يقال لنا إننا "نبالغ في شخصنة الأمور"، أو "عاطفيون"، أو "هستيريون".

هل تعتقد أن النساء فوق الأربعين ليس لهن نشاط جنسي؟ أنت مخطئ، ولكن هذا الموضوع قد نفرد له مقالاً مستقلاً.

سوف تمر عليك أوقات ستضطرين فيها إلى الدفاع ليس فقط عن حقك في الوجود، ولكن أيضا عن حقك في أن تكوني مرئية ومسموعة، تلك هي الأوقات التي سوف تميلين فيها إلى الانسحاب، أو ربما حتى الاختفاء، تلك اللحظات، التي يهمس فيها صوت العار الخافت في أذنك "أنت تشغلين مساحة أكبر من اللازم" قد تكون فرصة مثالية للانطلاق بقوة.

هذا هو الوقت الذي قد تكتبين فيه مقالاً عن اليوم الذي ولدت فيه ابنتك؛ أو تنشرين قصيدة عن حبيبك كنت قد خبأتها في دفتر قديم أو تذهبين إلى المسيرة التي يعتقد صديقك أنك يجب ألا تنضمي إليها. هذا هو الوقت المناسب للذهاب في رحلة "غير عملية تماماً" عبر البلاد إلى نيو مكسيكو لرؤية مهرجان الفلامنكو، أو تعلم الشطرنج أو الكاراتيه.

إنه الوقت الذي تبدأين فيه في إعطاء المزيد من الاهتمام لحياتك الإبداعية.

إنه الوقت الذي تتوقفين فيه عن إهدار الكثير من الطاقة في القلق بشأن "العثور على رجل أو الاحتفاظ به"، سوف تندهشين كم سيحررك ذلك فتستطيعين التركيز على مشاعرك الخاصة. أنا لا أقول إن عليك أن تتخلي نهائياً عن البحث عن الحب والتواصل. ببساطة، أنا أقول إننا نعيش في مجتمع يقول لنا إن حياتنا غير مكتملة كنساء حتى نتزوج، إنها أسطورة طفولية معيقة، وهي ليست صحيحة.

أنا لا أقول لك شيئاً جديداً، أنا أنشر هذا هنا وأتركه بمثابة تذكير؛ لأن النساء يجب أن يتذكرن دائماً أنهن جديرات بالاحترام والتقدير بغض النظر عن عدد من ضغطوا زر "أعجبني"، أو تصفحوا منشوراتهن، لدينا الحق في شغل مساحة في العالم، فلنسمّها "المرأة تنتشر" (أو ربما لا).

أما بالنسبة لهذا السؤال: "ماذا تفعلين طوال اليوم؟" الجواب هو، ببساطة، إذا كانوا لا يستطيعون أن يتصوروا أن المرأة لها حياة مستقلة – حياة القلب والعقل – إذن ليس لديهم الحق في المعرفة.

أقول لهم إنها تجلس على الأريكة طوال اليوم، تتناول الحلوى، هذا كفيل بأن يُسكتهم بسرعة.

هذا الموضوع مترجم عن النسخة الأميركية لـ "هاف بوست". للاطلاع على النسخة الأصلية، اضغط هنا.

ملحوظة:

التدوينات المنشورة في مدونات هاف بوست لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.

تحميل المزيد