ربما لا يقصد الكاتب بالضرورة طائري فلامينغو يتراقصان على ناي سيد سالم في أغنية أم كلثوم "بعيد عنك".
ولا يتحدث بشكل خاص عن ضحايا حب من طرف عاشر.
وبالتأكيد جورج برنارد شو أخطأ بقوله بأن أوفى حب لدى البشر هو حب الطعام.
لكن هل بالغ غاندي عندما كان يقول: بما أنني رميتُ سيفي فإن كأس الحب هو كل ما أستطيع أن أهديه لمن يتعرض لي؟
طريق الإيمان يبتدئ بالحب
ما أجمل من يصلي حباً.. وما أتعس من يصلي خوفاً!
لعل أكبر خطأ بداية أن نتعلم كيف نخاف الله، ولا نتعلم كيف نحبه، ذلك الحب الذي ينعكس عليك بحبك لنفسك، تلك النفس التي وهبها الله إياك، فخالقك أجدر بمحبته أولاً، ومحبتها ثانياً.
هما رفيقاك متى عشت، فأحسن لهما، ثم أحب الخير لكل البشر، وأما عن حب الماديات، أحب وأدرك بأنك مفارق ما حاولت.
فلا تهمِل.. ولا تنغمِس لأخمص قدميك، هل تذكرت وأنت تقرأ قول رسولنا الكريم: "لا يؤمن أحدكم حتى يحب لأخيه ما يحب لنفسه"؟
بالتأكيد، طريق الإيمان يبتدئ بالحب، ولا احتمال لغير ذلك!
عِش بالحب كأنك في الجنة
الجنة جنتان؛ جنة في الدنيا، وجنة في الآخرة، ومن لم يعِش جنة الدنيا، لن يعيش جنة الآخرة، هكذا يقول ابن تيمية، ولا أجد قولاً أبلغ وأصح منه، هي جنة بالحب وبالامتنان، هي جنة عندما تريد أن تراها كذلك، فما الذي يمنعك؟
جرب الآن أن تغمض عينيك، ولتشعر بنعم الله عليك وفضله، ولتشعر بما حولك من نعيم، وما تمتلكه بين يديك، ولترضَ بما لم يكتبه الله لك، اطمح له، وتقبل أولاً عدم وجوده وبصدرٍ رحب.
لا تدري لعل عدم وجوده خير، ودوماً تذكر قوله تعالى: "يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلَا يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ"، وعِش ما تبقى من حياتك في سعادة، وكأنك في الجنة!
العالم مليء بالكراهية والحب
لك حرية الاختيار الكامل بينهما، وبطبيعة الحال، إن ما يضفي على قوس قزح جماله، هو تلك الألوان المختلفة، المهم من كل الأمر ألا يتغير اللون الأبيض في داخلك، مهما تلوثت الألوان في الخارج.
أنت لست مسؤولاً عن العالم، أنت مسؤول عن نفسك لا غير، فاحرص على نقائك جيداً، وفي أسوأ الظروف التي تحيل بينك وبين هذا النقاء وتميل بك لعكسه، تذكر قوله تعالى: "لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْساً إِلَّا وُسْعَهَا"، ولا تعني هذه الآية بالتأكيد الفهم الشائع من استسلام وخنوع، بل بالعكس تماماً، ما تعنيه أن الله لن يضعك في ظرف إلا وهو يعلم أنك قادرٌ على تخطيه وبشكل صحيح إذا أردت ذلك.. فتوكل على الله دوماً، وكفكف بالحب دموعك.
الحب يعني العطاء
الحب لا يعرف شروطاً أو قيوداً، الحب هو أن تُدخل السعادة بقلب غيرك دون أن تنتظر مقابلاً لذلك، يقول رسولنا الكريم: "لأن يمشي أحدكم في حاجة أخيه خير له من أن يعتكف في مسجدي هذا".
إن الورود في حدائق أمستردام لا تشترط عليك، ولا تطلب منك، هي فقط تساعدك على رؤية الجمال، فكن مثلها، اجعل عطاءك وحب الخير لغيرك لا محدود، وبقلبك تستطيع أن تسع العالم!
"إن رأيت هذا الرأس مليئاً بالسعادة ومتخماً بالفرح كل ليلة وكل نهار، اعلم أن أصابع الحب قد لامسته" جلال الدين الرومي.
ملحوظة:
التدوينات المنشورة في مدونات هاف بوست لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.