في الرد على خليل: الزواج ليس أولوية.. الزواج ضرورة

فليست فكرة الزواج هي التي تفرض أولويتها؛ المرحلة العمرية والفكرية هي من تحدد أولوياتنا وبشدة، فالزواج أولوية تبعاً لمعطيات مرحلية، كما أن الشهادة الجامعية ورخصة القيادة وشهادة التدريب أولوية تبعاً للمرحلة، وضرورة الفكرة.

عربي بوست
تم النشر: 2017/06/25 الساعة 03:33 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2017/06/25 الساعة 03:33 بتوقيت غرينتش

كتب الأستاذ خليل الزيود على صفحته، مخاطباً الأنثى على وجه الخصوص:

"أولوياتكِ الحصول على شهادة جامعية، ورخصة قيادة، وإن أمكنكِ وظيفة، والزواج ليس أولوية".

وأتت التعليقاتُ متباينة، منها ما استنكر القول، ومنها ما أيده، ومنها ما أضاف دلائله التي تضمن المسير في صحة المعادلة المتسلسلة من الأولويات أعلاه، ومع يقيني أن في الكلام أعلاه كلاماً محذوفاً أو منقوصاً عن قصد من الأستاذ خليل، فإنني لم أتخلّ عن إمعاني في المكتوب، والبدء بالتقليب في تلكَ الأولويات، ورأيتُ:

– الزواج -وكما كتبتُ سابقاً- هو الصيغة الضامنة للتوازن المجتمعي، والمعادلة التي تقدم استقراراً على المستوى العاطفي لمجموع الطبقات المجتمعية، فلا يمكن تجاهل العاطفة والغريزة على المستوى الإنساني بهذا الشكل اللافت دون تقديم ضرورات تبرِّر هذا التجاهل، وقد ينجم عن هذا التجاهل تمرد في التصرفات والسلوكيات البشرية على مستوى المجتمع، فيدفع بالفوضى الأخلاقية لتتراكم بالشكل الذي يجعل من إعادة ضبطها أو إزالتها أمراً ليس هيناً.

لكن هل هذا يعني أن الزواج هو كل شيء؟ هل يعني أن الزواج هو الضرورة التي لا يمكن التنازل عنها؟ وهل هو الأولوية التي تتخطى كل الأولويات؟ بمعنى آخر: هل الزواج هو كل شيء أم أنه لا شيء؟

– التصنيف بالصورة الأخيرة قد يكون مجحفاً، فالزواج ليس كل شيء ولا يمكن اعتباره لا شيء أيضاً، ولا يمكن لأي أمر أن يكون فوق كل الأمور بالمطلق، فلكل الأمور نسبيتها من حيث التصنيف والترتيب، فلا يمكن أن تتعدى أي أولوية على أخرى، وضرورات المجتمع قد تعين على ترتيب هذه الأولويات بشكل جوهري لا يمكن إنكاره، فالشهادة الجامعية حاجة ملحة لكل فئات المجتمع، وكل أجناسه، تعين على وضع اللبنة الأولى في البناء الواعي للشباب، والوظيفة أداة منتجة تضيف قيمة إلى المجتمع، وترفع من مستوى وعيه الإنتاجي والعطائي.

والسؤال إن كان الزواج ممكناً في إحدى هذه المراحل، فهل هو خطيئة هنا؟ أو غير لازم؟ وفي حال كان الترتيب لازماً بالسياق ذاته المذكور أعلاه، فكيف يمكن مجاراة العاطفة والغريزة بصورة تحمل ضبطاً واعياً لا إخلال فيه، وسط كل هذا الشجب والنحول الأخلاقي؟ وكيف يمكن معالجة التصادمات العاطفية بالطرق غير المشروعة، بعد الذهاب بالزواج بعيداً في سلم الترتيب دون أي إيضاح وتنوير؟

– ويمكن القول أيضاً إنه من لا يُقبَل وضعُ كل الحاجات ضمن سياق واحد، لتتدافع فيما بينها ويُلغي بعضها بعضاً، ولا يُقبَل أيضاً فرضُ ترتيب معين تبعاً للقياس أو الاستنتاج من عينة ما، ليتم تعميم النموذج المُرتب على المجتمع بأسره، وتصبح سنةً مفروضة على الجميع.

فأي حاجة أو ترتيب مرتبط بعدة فرائض وشروط، هي التي تحدد مدى لزومه ومدى تأجيله، ويمكن تعيين المصلحة العامة للمجتمع شرطاً أولياً، ومن ثم خصوصية الفرد وقدرته على الالتزام بأي ترتيب أو أولوية، فما ينطبق من أولوية متعلقة بإتمام الجامعة لفتاة، لا يمكن أن يكون أولوية بالنسبة لفتاة أخرى، أو أن تأجيل فكرة الزواج لمرحلة متقدمة قد ينطبق على عدد من الأفراد في مرحلة ما، ولكنه ليس من الممكن أن ينطبق على فئة أخرى، وبالصورة ذاتها.

– فليست فكرة الزواج هي التي تفرض أولويتها؛ المرحلة العمرية والفكرية هي من تحدد أولوياتنا وبشدة، فالزواج أولوية تبعاً لمعطيات مرحلية، كما أن الشهادة الجامعية ورخصة القيادة وشهادة التدريب أولوية تبعاً للمرحلة، وضرورة الفكرة.

– فالكلام الذي رتَّبه الأستاذ خليل ليس صحيحاً بالمطلق، وليس مغلوطاً بالمطلق، هو لغم واعٍ، يبدو أنه يريدنا أن نُمعن أكثر في موروثات أي فكرة لدينا.

ملحوظة:
التدوينات المنشورة في مدونات هاف بوست لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.

تحميل المزيد