في مساء الثاني عشر من يونيو/حزيران، وفي الساعة السادسة بتوقيت هولندا، كان افتتاح أول مكتبة عربية في أمستردام، بجهد كبير من مؤسسها سامر القادري الذي فعل المستحيل في زمن قياسي لافتتاحها، وبرعاية العديد من المؤسسات، وعلى رأسها "برنس كلاوس فاند"، و"صندوق أمستردام للفنون"، ضمن عزف موسيقي حي لفرقة "كوكوناف أند فريندز"، التي يتوسطها عازف الغيتار والمغني السوري أحمد النفوري، ثم عرض برومو فيلم (Bording) لصانع الأفلام السوري ومدير مهرجان هيليسينكي السينمائي غضفان غنوم، الحائز على جائزة هوليوود الدولية للأفلام المستقلة.
حضر الافتتاح من المثقفين العرب ما يكفي لقيام نهضة عربية جديدة، لكنهم في الأغلب ممن لفظتهم الأنظمة القمعية المنتشرة في العالم العربي، إضافة إلى المهتمين باللغة العربية من جنسيات أوروبية متعددة.
الكلمة التي ألقاها مؤسس بيجز إسطنبول واليوم بيجز أمستردام تركت أثراً كبيراً في نفوس الجميع، فقد أعلن عن أصل حلمه في تلك المكتبة، حلمه في إنشاء بيجز في كل قرية سورية، إلا أن النظام القائم في سوريا يعمل على التجهيل الممنهج للشعب، ولا يرضى بتلك الفضاءات المعرفية والفنية المفتوحة، وأن أماكن كبيجز ستدعم الشباب في تمثيل أنفسهم، وتقديمها في مجمل المجالات الفنية، فهي ليست مجرد مكتبة عربية، هي مركز ثقافي بكل ما في الكلمة من معنى، عزف وغناء وفن تشكيلي وتمثيل في "مسرح الطباشير"، وهو المسرح المبتكر في بيجز بفكرته البسيطة، إضافة إلى سعة صدره لكل الاقتراحات التي يأتي بها أي شخص كان.
وأضاف القادري أن المال لا يجب أن يكون عثرة في طريق الفن، وممارسته، وتذوقه؛ لذلك فإن حضور جميع الفعاليات مجاني، وأيضاً ما يريد القارئ من قهوة وشاي خلال جلوسه في المكان.
المكتبة غنية بمجموعة كبيرة من الكتب الأدبية والسياسية والتاريخية، إضافة إلى قسم لكتب الأطفال، القسم الذي ستبدأ فيه قريباً ورشات عمل للأطفال – كالتي تقام في بيجز إسطنبول بشكل دائم – إضافة إلى وجود مجموعة فريدة من الفن التشكيلي لفنانين سوريين، أذكر منهم: حسام علوم، وعمران يونس، وأماني جربوع، وأحمد الحمود، وفلك الغزي، وعبد الرزاق الصالحاني، هذه هي الأسماء التي استطعت قراءتها وسط زحام الحضور، لكن هنالك المزيد.
سامر القادري رجل سوري بامتياز، يحمل في صدره سوريا حرة للجميع، تصدّر قائمة الثمانية أشخاص الذين أحضروا الثقافة السورية إلى هولندا، حسب موقع الـ"داتش نيوز"، نفخر بهذا الإنجاز، فكم نحن بحاجة إلى بيجز في كل مكان!
ما لفت نظري شخصياً، وخارجاً عن سياق الاحتفال بهذا الإنجاز الرائع، لماذا انتظرت الجاليات العربية حتى يأتي سامر القادري ليكون للعرب مكتبة في أمستردام؟ مع أن أمستردام منبر من منابر النشر في أوروبا، لقد عبّر العديد من الإخوة العرب، خلال الافتتاح، عن غبطتهم تجاه ما يقوم به السوريون عموماً في رفد الثقافة العربية في أوروبا، من خلال مشاريع فنية وثقافية متنوعة، أما بالنسبة للكتب، فقد قالت إحدى المغتربات القديمات: " كنت أسافر إلى النمسا لأشتري بعض الكتب".
ملحوظة:
التدوينات المنشورة في مدونات هاف بوست لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.