انتبه إلى خُرافة السرطان

هل تعلم عزيزي القارئ أنك وقعت في فخ خُرافة صنعها لك أصحاب المؤامرات الكونية من خلال استخدام السوشيال ميديا؟ وهل تعلم أنك إذا لم تصدقهم وتمرر رسائلهم التي تأتيك من كل حدب وصوب ستحل عليك اللعنة؛ لأنك بخلت في نشر علمهم الثمين، وستحكم على جميع مرضى السرطان الذين يتعالجون كيماوياً أو إشعاعياً أو مناعياً أو هرمونياً بالموت؟

عربي بوست
تم النشر: 2017/06/14 الساعة 10:37 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2017/06/14 الساعة 10:37 بتوقيت غرينتش

هل تعلم عزيزي القارئ أنك وقعت في فخ خُرافة صنعها لك أصحاب المؤامرات الكونية من خلال استخدام السوشيال ميديا؟ وهل تعلم أنك إذا لم تصدقهم وتمرر رسائلهم التي تأتيك من كل حدب وصوب ستحل عليك اللعنة؛ لأنك بخلت في نشر علمهم الثمين، وستحكم على جميع مرضى السرطان الذين يتعالجون كيماوياً أو إشعاعياً أو مناعياً أو هرمونياً بالموت؟

خرافة السرطان الشهيرة بنقص فيتامين B17 والكتاب الشهير الذي منع من النشر، والذي يتواجد على أمازون، وعلاج السرطان يتم فقط بالتهام بذور المشمش أو اللوز المر وعندها ستختفي آخر خلية سرطانية إلى الأبد، والتي هي بالحقيقة تسرطنت بسبب نقص هذا الفيتامين الافتراضي.

أستغرب تصديق هذه الخزعبلات ونحن نعيش عصر التكنولوجيا وإمكانية التحقق من المعلومات من مصادرها العلمية أو من سؤال مختصين في ذلك، وأستغرب أكثر من جُملة المثقفين الذين يروجون هذه الخرافات، لا وبل أصبح أي شخص ليس له علاقة بالطب أو علم السرطان من منبره يملي على الناس هذه الخرافة، ويبدأ في وصف علاجات عشبية بأنها العلاج الناجع لكل السرطانات.

خلطة عشبية سحرية، أو حفنة من بذور المشمش هي علاج لكل أنواع السرطان، بما في ذلك الدماغ والرحم والرئتان والدم والبنكرياس والكبد والبروستات.

ولكن عزيزي القارئ.. هل ينفع مثلاً أن تداوي الزكام بدواء حرقة المعدة؟

السرطان ليس مرضاً حديثاً

ما لا يعرفه مجموعة كبيرة من الناس أن السرطان مرض قديم جداً، ومن عصر الديناصورات؛ حيث تم الكشف عن خلايا سرطانية موجودة في أحفورة ديناصور يعود تاريخها إلى 70 مليون سنة، وليس هذا فحسب، بل ومن خلال فحص المومياوات المصرية لوحظ أن بعضها كان مصاباً بسرطان العظام، أي 3000 قبل الميلاد، وفي المخطوطات الفرعونية المكتوبة باللغة الهيروغليفية ترجم أنه كان هناك حالات استئصال ورم سرطان الثدي باستخدام الحفر بالنار، وكتب عنه المرض الذي لا علاج له، أضف إلى ذلك أن أبو الطب أبقراط عام 300 قبل الميلاد أطلق على مرض السرطان بسبب تشبثه بالجسم اسم سلطعون البحر، وجاء العالم جاليوس وعدل التسمية إلى سرطان.

إلى أن استحدث مفهوم المنهج العلمي للبحث وبدأ العلماء بدراسة الأنواع المختلفة من السرطان، وتم تأسيس مستشفى للسرطان في مدينة رميس في فرنسا عام 1779، وتم فيها جراحات استئصالية وأبحاث على أنواع مختلفة من السرطان.

حقيقة قصة نقص فيتامين B17

صاحب هذه القصة التي خدعت الملايين هو أرنست كربس، وهو مكتشف المركب الكيميائي ليترل Laetrile، أو الأميجدالين المعروف حالياً بفيتامين B17، وقد أطلق عليه مكتشفه اسم B17 حتى يسهل عليه أخذ تصريح من منظمة الدواء والأغذية العالمية FDA، ولكن تم رفض تقاريره التي ناقشت قدرة هذا المركب على علاج السرطان، لا بل أثبت قرابة الـ200 بحث علمي عدم فاعلية هذه المادة في علاج السرطان، كما أنها مادة سامة للخلايا بسبب تحللها إلى مركبين، أحدهما المركب السام السيانيد.

مُكتشف هذه المادة ظهر أمام العالم على أنه طبيب، ولكن في الحقيقة هو ليس كذلك، بل يحمل دكتوراه فخرية من إحدى الجامعات غير المعترف بها، وأضف إلى معلوماتك -عزيزي القارئ- أن صاحب هذه الإشاعة هو من مجموعة العلاج بالطب الشعبي أو التقليدي، وعندما تم رفض أبحاثه شن حرباً ضارية على علماء السرطان والأطباء، ولكن لنفترض جدلاً أنه لو تم قبول أبحاثه أو دواؤه السحري فسيكون حتماً من المعترفين بوجود السرطان، ولن يكون خدعة.

الأعشاب لا تعالج السرطان!

وما لا يعلمه الكثير من الناس أن الباحثين في مرض السرطان وفي معاهد عالمية تضع ميزانيات خيالية من أجل إيجاد علاج ناجع بديل للكيماوي أو اكتشاف تشخيص مبكر للمرض، كما أن هناك الكثير من العلماء يبحثون في مستخلصات الأعشاب أو الأغذية كأدوية مساندة إلى جانب العلاج الكيماوي، وهناك علماء يستندون على استخدام حميات غذائية خاصة تزيد من مقاومة المريض المناعية، خصوصاً أن العلاج الكيماوي يضعفها، فيصبح المريض هشاً أمام نسمة هواء.

ولكن أن تحل عشبة ما مكان جرعات العلاج التي وصفها الطبيب فهي بداية الهاوية، وكم شهدنا على مرضى سرطان تدهورت صحتهم بسبب ركضهم خلف دجّالي الأعشاب والتغذية على شبكات التواصل الاجتماعي وقد أصيبوا بمضاعفات وأمراض أخرى بجانب السرطان، مثل خلل في وظائف الكبد بسبب سُمية بعض المواد، أو خلل في وظائف الكلية وغيرها من الأمراض.

لذلك لا تصدقوا كل مَن يكتب على السوشيال ميديا، وتأكدوا من المعلومات، ولا يغرنكم عدد المتابعين لشخص ما امتهن الكذب والخداع في علاج الناس بالوهم، وأنا لا أنكر فائدة المواد الطبيعية، ولكن لا يمكن أن تكون علاجاً لمرض شرس يفتك بآلاف البشر سنوياً.
الآن عزيزي القارئ.. هل ما زلت مُصراً على نشر خرافة معلومات أخرى مفبركة من أجل عدد من الإعجابات، متناسياً أنك قد تكون سبباً في قتل أرواح قرأت منشوراتك أو رسائلك.

المراجع :

Vitamin BS
Laetrile treatment for cancer
cancer
Early History of Cancer

ملحوظة:

التدوينات المنشورة في مدونات هاف بوست لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.

تحميل المزيد