يمكن العثور على الحب في الزيجات المدبّرة

عربي بوست
تم النشر: 2017/06/12 الساعة 09:38 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2017/06/12 الساعة 09:38 بتوقيت غرينتش

ها هو الصيف على الأبواب، ما يعني أن جميع الخالات والعمات يقمن بتبادل المعلومات، أملاً في إحراز عدد من عروض الزواج (الريشتا) وإقامة احتفالات الزواج الباذخة التي تمتد لأسبوع لأبنائهم العازبين البائسين.

لطالما كانت حفلات زواج (الديسي) قريبة لقلبي، وما زالت أكثر الليالي المميزة التي أذكرها تتضمن ارتدائي الساري والمشاركة في مظاهر الاحتفال التقليدية مثل الحنة والموسيقى الهندية (snageet)، إلا أن فتح النقاش حول الزواج مع الأميركيين يذكرني بالهوة الثقافية التي تفصل بيننا، وبمحاولاتي الثمينة للموازنة بين البلدين في الوقت الذي لا أنتمي فيه لأي منهما بشكل كامل.

حين أخبر أصدقائي الأميركيين بشأن حفلتي الزفاف اللتين سأحضرهما في الهند في أغسطس، تشرق وجوههم على الفور بينما تنهال عليّ الأسئلة من قبيل: كيف التقيا؟ ما الفترة التي تواعدا خلالها؟ كيف كان طلب الزواج؟ لا شك أن أصدقائي يبحثون عن إجابات شبيهة بروايات نيكولاس سباركس، وأنا أعلم أنني على وشك أن أخيب آمالهم.

"زواجهم مدبر".. (يا إلهي) يشهقون في الوقت الذي لا أتمكن فيه من وضع يدي على التغيير بدقة، إلا أن نبرة أصواتهم مختلفة، يتغير مزاج الحديث في الغرفة، وأشعر باضطراري إلى اللجوء لموقف دفاعي.
لطالما مثلت الزيجات المدبرة تحدياً فريداً بالنسبة لي، كان زواج والدي مدبراً، وكذا معظم البالغين الذين كبرت بينهم؛ لذا فإن الحضور الدائم للزيجات المدبرة في حياتي جعل منها نمطاً مقبولاً بالنسبة لي.

في الوقت نفسه، أدت نشأتي في الولايات المتحدة، حيث التأكيد على قيم الفردية والحرية، إلى إيماني بأن الزواج يجب أن يرتكز على الحب والاختيار الشخصي.

أثرت آراء أصدقائي الأميركيين على آرائي، كما تسببت أفكارهم الخاصة بالمواعدة والرومانسية والزواج في أن أنظر إلى الزواج المدبر باعتباره "أقل" من الزيجات الأخرى.

لكن حين أنظر إلى والديّ، فكل ما أراه هو الزواج الناجح المُرضي المليء بالحب.

بعد ثلاثة عقود معاً، يتشارك والداي قدراً لا يوصف من الراحة تجاه بعضهما البعض، نوع من العلاقة التي لا تتأتى إلا بعد بناء حياة كاملة معاً.

يعرفان نقاط ضعف الآخر، وأحلامه ومخاوفه وكل الصفات الأخرى صغيرها وكبيرها. تثير القصص التي يرويها والداي عن سنواتهما الأولى معاً اهتمامي دائماً. حين أتذمر بشأن الكاري الذي أعدته أمي للعشاء، يذكرني أبي دوماً بأنه اُضطر لتناول أرز الليمون طوال عام زواجهما الأول؛ لأنه كان الطبق الوحيد الذي تعرف أمي كيفية إعداده، لم يشأ الضغط عليها أو طلب أي شيء آخر بما أنه لم يكن بوسعه المساعدة، وكان ذا مهارات متوسطة في الطبخ؛ لذا قرر تناول أرز الليمون يومياً إلى أن تطبخ أمي شيئاً آخر.

أحب أيضاً مشاهدة شرائط الفيديو القديمة التي سجلها أبي لأمي سراً وهي تغني العديد من الأغنيات بصوت مرتفع وبشكل مذهل ومختلف عن اللحن الأصلي، ثم ابتسامتها وصراخها أمام الكاميرا حين تدرك انكشاف أمرها.

يمتلئ زواجهما كذلك بذكريات مقالب أبي، وبسفرهما معاً حول العالم، وبانغماس أمي في ولع أبي بالأفلام الكلاسيكية واستماعها له أثناء شرحه لحبكات بعض أفلام بوليوود الرديئة التي تعود للسبعينيات. لقد حفل زواجهما بالمغامرات والضحك، والصداقة والبهجة العميقة، ولا أظن أن بوسع أحد التخمين بأنهما اختارا أن يتزوجا بعد أن التقيا للمرة الأولى.

لنكُن منصفين فإن الزواج المدبر له أيضاً عيوبه، هناك فتيات صغيرات بالكاد تجاوزن سن الثانية عشرة يجبرن على الزواج وهناك نساء تتم مهاجمتهن بالحمض أو حرقهن حتى الموت؛ لأن مهورهن ليست مبهرة بالقدر الكافي.

هناك ناجيات من العنف الأسري لا يستطعن مغادرة منازلهن؛ لأن الاغتصاب الزوجي أمر شرعي والطلاق وصمة اجتماعية.

بالنسبة لي فهذه المشاكل متعلقة أكثر باحتقار النساء والزواج باعتباره مؤسسة اجتماعية غير مثالية أكثر مما هي متعلقة بالزواج المدبر في حد ذاته، والذي هو ببساطة عملية إشراك الأبوين والأسرة في عملية البحث عن النصف الآخر.

نحب أن نفكر في الزواج المدبر باعتباره نقصاً في الاختيارات، لكن والديّ اختارا أن يتزوجا بعضهما على الرغم من أنه كان بإمكانهما بكل بساطة اختيار شخص آخر.

والدي دائماً ما يقول: "الوقوع في الحب هو اختيار" وربما هو محق، ربما علينا أن نفكر في الحب باعتباره فعلاً وليس اسماً، باعتباره شيئاً نمارسه بنشاط وعن قصد بدلاً من اعتباره ظاهرة غامضة نجلس وننتظر أن تحصل لنا.

ربما والداي واقعان في الحب وربما لا ولكن الشيء الأكيد أنها يحبان بعضهما البعض، أحياناً أتساءل إذا كان المجتمع الأميركي يمجد الحب الرومانسي على حساب كل أنواع الحب الأخرى الموجودة. لا أعرف كيف أعرف الشعور الذي يتشاركه أبواي، لكني أقول بحسم إنه يضيف شيئاً خاصاً لا يقارن في حياتهم. وربما هذا كل ما نحن في حاجة لمعرفته.

ربما قدرة أبي الخارقة على تناول أرز الليمون طوال العام وهواية أمي الجديدة في غناء (لاغ جا غيل) في فترات غربية تخبرنا أكثر عن الحب الأصلي أكثر مما تستطيعه أفعال الحب الرومانسي التقليدية.

العلاقة التي يتشاركها والداي لا يمكننا أن نجدها بين صفحات رواية لنورا روبرت أو على الشاشة في فيلم يعرض على قناة هولمارك، لكنها جميلة وذات مغزى.. إنها الحب.

هذه التدوينة مترجمة عن النسخة الأميركية لهاف بوست. للاطلاع على التدوينة الأصلية، اضغط هنا.

ملحوظة:
التدوينات المنشورة في مدونات هاف بوست لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.

تحميل المزيد