شيء من نقد الذات

لم نقدم نحن بديلاً شبيهاً في القوة، يزاحم هذه الخبائث، يجسد الواقع بصورة حسنة مراعية للأخلاق والثوابت، نملأ به قاعات السينما وشاشات التلفزيون، ومنصات المسارح والمهرجانات، لماذا لم نسعَ نحن لتكوين مراكز سينمائية تراعي الأخلاق والجمال الإبداعي

عربي بوست
تم النشر: 2017/05/26 الساعة 04:13 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2017/05/26 الساعة 04:13 بتوقيت غرينتش

تعاني المجتمعات المسلمة من زلزال وتصدّع على مستويات عديدة، وما لم يتم تدارك ذلك وإرسال دعوات استنجاد فكرية وثقافية، فإن الأمر سيزداد خطورة وسيستعصي تقديم حلول معقولة، فيما بعد.

ولمواجهة فعل ما، لا بد من رد فعل أقوى، يحتوي الفعل ويهيمن عليه، وهذا ما ينبغي التنبه له والالتفات إليه؛ لأن الأفعال السيئة مهما كانت لا بد من أفعال شبيهة بها؛ للقضاء عليها أو أقوى منها، ولتذهب البيانات والإدانات حينذاك إلى الجحيم؛ لأنها لا تقدم شيئاً مثمراً، بل تقوم بإشهار مجاني لتلك الأفعال الموصوفة بالسوء.

ولتكون الصورة أوضح نقدم مثالاً على ذلك من أحداث وقعت في الآونة الأخيرة، وتحدث الآن، وما أكثرها! وصفناها بالقبيحة والمسيئة من أفلام ومهرجانات وندوات وأغانٍ ورسومات.

لم نقدم نحن بديلاً شبيهاً في القوة، يزاحم هذه الخبائث، يجسد الواقع بصورة حسنة مراعية للأخلاق والثوابت، نملأ به قاعات السينما وشاشات التلفزيون، ومنصات المسارح والمهرجانات، لماذا لم نسعَ نحن لتكوين مراكز سينمائية تراعي الأخلاق والجمال الإبداعي، نعرض فيها الواقع حسب رؤية أخلاقية، نحلل التاريخ، ونشرح النظريات العلمية؟

أكيد لو فعلنا ذلك لارتقينا اجتماعياً وثقافياً، ولما تركنا الغربيين يوجهون أبناءنا ويجردونهم من فطرتهم ويسلخونهم من مبادئ الإسلام كما تسلخ الأرنب من جلدها!

لقد تركنا المنحلين يتسللون إلى المؤسسات الحيوية في الدولة، ليفرضوا علينا أقبح الخصال وأرذلها، وبعدها نلوك في أفواهنا كلمات نرمي بها إليهم، ونولي وجوهنا شطر حائط الهروب من الواقع، غافلين عما يحدث في دنيا الناس، حتى إذا وجهت طعنة أو لكمة لما اعتدنا أن نراه حسناً قمنا نندد وندين، ونلعن وننتقد، ثم نعود لحائطنا من جديد!

لقد صرنا بين فكَّي فكرين متضاربين، كلاهما يؤدي بنا للهلاك؛ فكر جامد متحجر، لا يتجاوز الظواهر، يكفي أن تخالف مفتكريه لترمي بالكفر ويراق دمك، وفكر منحل مائع لا يجاوز آراء الغربيين في نسف كل ما هو ديني، والتمرد على المبادئ!

إن الفكر يقارَع بالفكر، والمقال بالمقال، والفيلم بالفيلم.. ولا تتسع خطبة جمعة، أو درس خاص للرد على ما قيل في فيلم من ثلاث ساعات، أو مؤتمر من يومين، أو كتاب من مائتي صفحة!

ندّعي أننا نسير نحو التحضر، وما سيرنا إلا كماشٍ بفرس فوق رمال تمور تحت الأقدام!
ما أتعسنا بل ما أشقانا ورب فلسطين!

ملحوظة:

التدوينات المنشورة في مدونات هاف بوست لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.

تحميل المزيد