ما ينبغي للمرء فِعله بدلاً من الالتحاق بالكلية (أو بعد التخرج فيها)

إذا كنت تقرأ هذه التدوينة، فثمة فرصة كبيرة أن تكون قد أنهيت دراستك الجامعية بالكُلية، أو أنك لا تزال في السِّلك الجامعي حالياً، لا بأس! لستَ مضطراًّ إلى أن تترك الجامعة غداً، ولا أن تمزق شهادة حصولك على الدبلوم، ندماً وحسرةً على ما فاتك، صحيح أن مشاهدة ذلك سيكون ممتعاً لي.. لكن أصْدُقُكُم القول: لستم مضطرين إلى ذلك.

عربي بوست
تم النشر: 2017/05/23 الساعة 06:57 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2017/05/23 الساعة 06:57 بتوقيت غرينتش

لا يهم المكان الذي أنت فيه الآن، وإنما عليك أن تبدأ في إعادة النظر فيما يعنيه لك "عمل الحياة".

لو استقبلتُ من أمري ما استدبرتُ، لتخطَّيتُ السِّلكَ الجامعي، ولَوجَّهتُ رَحلي -بدلاً من ذلك- إلى أمرٍ أكثر فائدة لمدة 3 سنوات أو أربع، كالعمل على مشروع هادف يكون له تأثيرٌ على هذا العالَم.

ليس بيني وبين السلك الجامعي أو الكليات أي شحناء، وإنما في الحقيقة، أنا أوصيك أن تفعل ما تريد أن تتخصص فيه، سواء أكنت تريد أن تصبح طبيباً أم محامياً أم حتى عالِمَ حفريات، أما إن كنتَ تقرأ هذه التدوينة، فإن ثمة احتمالات تفيد بأنك لا تريد أن تصبح أياً من هذه الأمور.

وفي رأيي الشخصي، أرى أن أي رجلِ أعمالٍ طَموح يحتاج إلى أن يكون عنده "مشروع كبير" يبدأ به، وليس شرطاً أن يكون المشروعُ بالضرورة وظيفةً. وإنما من الأفضل أن يكون المشروع شيئاً من اختيارك وتصميمك وتمويلك.

فإذا ما أقحمتَ نفسَك في أشياء تُعنَى بأمرها كثيراً، فأنت بذلك تكتسب معرفة حقيقية من واقع تجربتك أنت، وهذا النوع من المعرفة لن يمكنك أن تحصَّله في فصلٍ دراسي، بل هو نوع من "المواد الأولية" التي يمكن أن تتحول إلى أصول (مهارة أو منتَج) يمكنك بيعُها وتسويقُها فيما بعد.

حتى أكون واضحاً: أنا لستُ "مُعادياً للسِّلك الجامعي"، إنما أنا "مؤيِّد للخيارات المتعددة".
كثيرون منا لا يدركون أنه يوجد طريق أخرى للعثور على عمل يُحبه المرء، بدلاً من تقليب صفحات المواد التخصصية أو الجلوس في قاعة المحاضرات. حتى إن كنتَ تقرأ هذه التدوينة وما زلتَ تريد الالتحاق بالكلية (أو التحقت بها بالفعل)، فعليك أن تبحث بحثاً دؤوباً عن تحسين حياتك وتعمد إلى تطوير نفسك من خلال خوض التجارِب الصعبة التي أنت مَعنيٌّ بها عنايةً كُبرى.

إليكم عدداً من المشاريع المُعِينة على تغيير نمط الحياة لكي تجربوها بدلاً من الكلية:
* سافرْ حول العالم — إن تجرِبة السفر سوف تمنحك منظوراً جديداً تماماً، كما أن فرصة التعرض لثقافات جديدة يفتح لك أبواباً مثيرةً تكون هي مدارَ الحديث مع أناس آخرين. زُرْ الأماكنَ التي لم تعرفها إلا على صفحات الكتب، وكُلْ طعاماً كنتَ تُنكِره وأنت في بلدك، واعقدْ صداقاتٍ مع أناس لم يكن مقدَّراً لك مقابلتُهم لولا تجربة السفر هذه، ففي هذا الأمر نفعٌ لك.

* أنشِئْ لنفسك عملاً — أولُ شيء سيُعلمك إياه إنشاءُ تجارتك الخاصة هو أنّ الفشلَ أمرٌ محتم لا مَحيص عنه، وبمجرد أن تتخطى هذه المحنة ستكون فرصتُك أكبرَ في النجاح في المرة القادمة. وهذا من بدَهيات تكوين الشخصية، وتُعتبر فكرة إنشاء تجارةٍ وسيلةً كُبرى لتتعلم كيفية التفاوض عندما يكرهك الناس، وكيفية إقناع الآخرين بمساعدتك. فهل أنت مستعدٌّ للبدء ولكن لا تعرف الطريقة؟ تفضلْ قواعد الأعمال الخَمسَ والعشرين التي يحبذها كل رجل أعمال طموح.

* كنْ مِعطاءً — اعثرْ على دافِعٍ باعِثٍ أنتَ به أعنَى وبشأنه أهَمّ، وقدِّمْ أكبر ما بوسعك من عطاء. ساعدْ في بناء المنازل في مجتمعك. درِّسْ الأطفال بعد المدرسة. لكن لا تتخذْها هِوايةً، بل اجعلها أشبهَ شيءٍ بالوظيفة. قدِّمْ كل ما بوسعك تقديمُه. كنْ إنساناً نافعاً فحسب. فهذا يعود عليكَ بالنفع الكبير؛ فأنت أيضاً تتعلم الكثير عن نفسك وتفكر بِغيرك.

* أتقِنْ لغةً جديدة – بالطبع لا أقصد أن تدرسَها بنفس حماستك في تعلم اللغة الثانية في المدرسة، وإنما أعني أن تتقنَها حقَّ الإتقان، تعلمْ اللغةَ حتى تتحدثها بلسانٍ طَلق، وجرِّبْ أن تستمتع بنواحٍ من الثقافة التي تعتبر عادةً عند الناطقين بها، ثم اقضِ عطلةً طويلة في بلدٍ يتحدث أهلُه بتلك اللغة التي تعلمتَها.

* اصنعْ عملاً فنياًّ – أمامَك فنون عدة، كالرسم والموسيقى والرقص والنحت؛ اعثرْ على فنٍّ يخاطب فيك الروحَ، ولا تقضِ يوماً دون أن تمارسَه فيه؛ واصنع عملاً فنياًّ تفتخر به، ثم انشرْه.

* كن رياضياًّ – تعلمْ فناًّ من فنون الدفاع عن النفس، جرِّبْ رياضة البولِنغ أو تعلمْ لَعِب الشِّطرَنج، وحبذا لو كوَّنتَ نادياً للجري في منطقة سكنك، المهم أن تؤدي رياضةً بدنيةً في وقت فراغك، ثم ادفعْ نفسَك على إتقانها أفضل وأفضل، وتتَبَّعْ مدى تقدمك فيها، ادخل منافسةً بطولية، واضمن لك أن يكون ذلك وسيلةً ممتازة للحفاظ على لياقتك دون أن تشعر، وأنا شخصياًّ أفضل رياضتَيْ كَمَال الأجسام وفن الجوجيتسو، فقد غيّرَتَا حياتي.

* كنْ متخصصاً في شيءٍ يبهرك – أتُحب فيزياء الكَمّ؟ اعكفْ طَوالَ العام على تعلُّم كل شيء عن نظرية الأوتار وكنْ ضليعاً في الزمَكان، اكتبْ أبحاثك الخاصة عنها وحاولْ نشرَها في نشرة علمية، لا يفعل الأشخاص "العاديون" ذلك عادةً، فكن أنت استثناءً، كنْ وراء حدودك الفكرية وادفعْها دائماً على تعلُّم المفاهيم الصعبة التي تُخيفك.

* ألِّفْ كتاباً – ثمة احتمال كبير ألا تعرفَ ما كنتَ تكتبه وتتكلمُ عنه عندما تقرأُ كتابَك هذا بعد عشرين سنةً، لكن المفيد في شأن الكتابة والتأليف والضربِ والتحرير هو التأمل، والتفكُّر، وبناء العادة، وأنت بذلك تتعلم التحكم في ضبط أفكارك، وتدرك أهمية تخصيص وقتٍ محددٍ كل يومٍ لأداء شيء ما.

هذا المشروع الكبير سوف يكون له أثر كبير على حياتك:
1. سوف يجعلك هذا المشروع قادراً على أن ترى أيَّ فكرةٍ منبعِثةٍ بوضوح وتنفذَ في أعقابها ونتائجها.
2. سوف يجعلك تستشعر المخاطر، فتُنشئ بيئةً آمنةً منخفضة المخاطر نسبياًّ، ولن "تخسر" خسارةً حقيقيةً، إن سار المشروع على غير ما هو مأمول. (وهذه علةٌ أخرى في سبب أفضلية عدم اعتبار الوظيفة مشروعاً).
3. سوف يعلمك التصرفَ في إيجاد الموارد الضرورية المطلوبة من أجل إنجاز المشروع. لا سيما أنك قد لا تمتلك الكثير من المال حتى يومك هذا.
4. سوف يساعدك في رؤية المسار الحقيقي الذي ترنو إليه، ويُوصِلك بآخرين يسعون إلى مسارهم أيضاً، وهو ما يجعلكم مؤتلِفين (وهذه أولى مراحل تكوين شبكة العلاقات).

إذا كنت تقرأ هذه التدوينة، فثمة فرصة كبيرة أن تكون قد أنهيت دراستك الجامعية بالكُلية، أو أنك لا تزال في السِّلك الجامعي حالياً، لا بأس! لستَ مضطراًّ إلى أن تترك الجامعة غداً، ولا أن تمزق شهادة حصولك على الدبلوم، ندماً وحسرةً على ما فاتك، صحيح أن مشاهدة ذلك سيكون ممتعاً لي.. لكن أصْدُقُكُم القول: لستم مضطرين إلى ذلك.

ولهذا أقول: لا يهم المكان الذي أنت فيه الآن، وإنما عليك أن تبدأ في إعادة النظر فيما يعنيه لك "عمل الحياة"، وهو مصطلح لا يستعمله سوى قِلة قليلة لوصف رحلتنا هذه الأيام، فماذا تريد أن يكون تأثير حياتك؟ وما نوع العمل المفيد الفريد الذي يمكنك أن تسهم به في العالم لتتركَه على حالة أفضل مما وجدتَه عليها؟

***
أرجو أن يكون المقال مفيداً لكم!
إذا كنت ترغب في معرفة كيف بدأتُ، وكيف يمكنك أنت أن تبدأ رحلتك الخاصة إلى العمل الحر، فما عليك سوى الاشتراك في الدورة المصغرة المجانية التي أنظمها في كيفية كسب الأموال. وسوف نشرح لك خطوةً خطوةً كيفية إنشاء عملٍ جديد باستخدام مهاراتك الموجودة بالفعل.

– هذه التدوينة مترجمة عن النسخة الأميركية لـ "هاف بوست". للاطلاع على المادة الأصلية، اضغط هنا.

ملحوظة:
التدوينات المنشورة في مدونات هاف بوست لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.

تحميل المزيد