الأكاذيب والأوهام التي نما عليها مشاهير مواقع التواصل الاجتماعي

الكثير من الناس يحصلون على وظائف في التلفزيون والإذاعة ليس بسبب قدراتهم المهنية في مجالهم، بل بسبب عدد المتابعين لديهم على تويتر. فكر في عدد المرات التي ينشر فيها المشاهير منشورات تذكرك بمدى بذلهم وكم هم محظوظون بالحصول على كل هذه الأشياء مقابل عملهم الشاق، بالتأكيد إذا كانوا يعملون بكد لم يكونوا ليمتلكوا الوقت الذي يخبرونك فيه بذلك.

عربي بوست
تم النشر: 2017/05/09 الساعة 05:13 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2017/05/09 الساعة 05:13 بتوقيت غرينتش

على ثقافة التأثير أن تتوقف عن الكذب، بالتحديد بعد الظهور الحديث نسبياً لمشاهير وسائل التواصل الاجتماعي الذين أصبح بإمكانهم أن يكونوا مؤثرين لصالح العلامات التجارية بطريقة أكثر دقة، وتبدو أكثر حميمية من قبل.

الفكرة الأساسية أن المشاهير لديهم متابعون على منصات التواصل الاجتماعي والعلامات التجارية تريد الوصول بمنتجاتها لهؤلاء المتابعين؛ لذا يقومون بالدفع للمشاهير لاستخدام مساحاتهم الإعلانية.

أكثر من ذي قبل أصبحت أواجه مشكلة مع ثقافة التأثير هذه، وكيفية عملها في جنوب إفريقيا ولا أظن حقاً أنها ظاهرة مفيدة.

خلال السنوات القليلة السابقة انخرط في عالم مشاهير جنوب إفريقيا، لا أعتبر نفسي مشهوراً وبصراحة باستثناء عدد قليل لا أظن أن أحداً في هذا البلد كذلك بالفعل، على كل حال هناك الكثير من الناس الذين يعملون في مجال الترفيه ولديهم عدد متابعين فوق المتوسط، والذين أعتقد أنهم سيكونون سعداء بتعريفهم بمصطلح مشاهير، ومن خلال شبكة متصلة من الحفلات والفعاليات والظهور المتكرر أصبح لديَّ حس عام بماهية هؤلاء الناس وكيف تبدو هذه الثقافة من الداخل.

في الأغلب فإن هذه الثقافة تتكون من المبدعين الذين يعملون في مجال الترفيه والأعضاء البارزين في المجتمع ومثيري الجدل، وللأسف بعض السياسيين أيضاً.

أنا أقع في فئة المبدعين، بشكل عام نحن أعضاء في صناعة واحدة نتنافس على كعكة صغيرة نسبياً. المجال تنافسي للغاية؛ حيث عدد الوظائف محدود والأمان الوظيفي منعدم، معظمنا يعمل بشكل حر ويدفع ضرائب كبيرة ويعتمد بشكل كبير على عقود واهية للحصول على لقمة العيش.

لتوضيح فكرة المقالة سأشير بلفظ مشاهير للعاملين في المجال الإبداعي الذين ترغب الشركات التجارية للدفع لهم للدعاية لمنتجاتهم، لست مهتماً بالأعضاء البارزين في المجتمع أو السياسيين المشهورين بالقدر الذي يشكلون به إزعاجاً بالنسبة لي، ربما سأكتب عنهم في وقت لاحق.

تعتبر الشركات هؤلاء المشاهير كمؤثرين شعبيين ويفترضون أن شراء ولائهم جيد لأعمالهم، قد يكون المنطق سليماً لكن النتيجة المرجوة نادراً ما تتحقق.

في الغالب يكون المشاهير مخادعين بشأن هذه الإشادات، ينشرون منشورات يصورون فيها نمط حياة أعلى بكثير من إمكانياتهم، بشكل عام فإن المشاهير ليسوا أغنياء، على الأقل ليسوا أغنياء بالشكل الذي يصورونه، حياة مهنية ناجحة في مجال الترفيه توفر دخلاً جيداً، وكأن هؤلاء الفنانين على بعد صفقة ملغاة واحدة؛ ليصبحوا في الشارع.

لكن في الحقيقة فإن معظم هؤلاء الناس يتقاضون رواتب متواضعة، الأدهى من ذلك أنني دائماً ما ينتابني شعور على وسائل التواصل الاجتماعي في جنوب إفريقيا بأن الكثير من مشاهيرنا في الواقع مكروهون بسبب ثروتهم الزائفة، هذه الثروة الزائفة غالباً ما تصور بطريقة "أنا أمتلك وأنت لا لذا تباً لك"، لا أفهم كيف يعتبر فعل ذلك للمتابعين فكرة جيدة، أتصور أنه الغرور فقط.

الشيء الآخر الذي يجب أن نقلق بشأنه هو ما نوع المناخ الذي نخلقه عبر ثقافة التأثير هذه، تقوم هذه الثقافة بشكل غير دقيق برفع المنظور الذي يتم تصوير نمط حياة المشاهير به ويخلق تضخماً غير واقعي لما يجب أن يكون النمط السائد.

النتيجة أن المشاهير يشعرون أنهم يجب أن يظهروا ناجحين؛ ليبقوا في الصورة.

أعلم من خلال التجربة الشخصية أن هذه هي الحقيقة، في 2017 فإن حساب إنستغرام جيداً من المرجح أن يجلب لك صفقات أكثر كـDJ من مهاراتك خلف الأجهزة.

الكثير من الناس يحصلون على وظائف في التلفزيون والإذاعة ليس بسبب قدراتهم المهنية في مجالهم، بل بسبب عدد المتابعين لديهم على تويتر.

فكر في عدد المرات التي ينشر فيها المشاهير منشورات تذكرك بمدى بذلهم وكم هم محظوظون بالحصول على كل هذه الأشياء مقابل عملهم الشاق، بالتأكيد إذا كانوا يعملون بكد لم يكونوا ليمتلكوا الوقت الذي يخبرونك فيه بذلك.

ثقافة الاستهلاك تتغير، والمشاهير لا يتم النظر إليهم بنفس الطريقة التي كانت من قبل، عندما يكون الناس معرضين بشكل زائد لمواقع التواصل الاجتماعي يصبح من الأصعب أن يقعوا فريسة للدخان والمرايا. أصبح كشف الترشيحات الزائفة أسهل بسبب عدم وجود أي مجهود مبذول فيها، ليس هناك أي محاولة لخلق محتوى.

كما أرى فإن الاستراتيجية العامة كانت تسير كالتالي: نريد أن نبيع منتجنا من المشروبات الكحولية إذن لندفع لأحد المشاهير كي يقوم بنشر منشور وهو يتناول منتجنا، وأيضاً الكثير من الإشادات التي نراها على منصات التواصل الاجتماعي لا تتناسب بشكل جيد مع المنتجات التي تحاول الإعلان عنها.

كيف يتم اتخاذ هذه القرارات من قِبل فرق التسويق هو لغز محير بالنسبة لي؟ لا أعرف كيف يظن أحد الجالسين في مجلس إدارة شركة صناعة سيارات فاخرة مثلاً أن إعطاء آخر موديل من سياراتهم لمغنّ سيجعل الناس تشتري السيارة.

لا أقوم هنا بالدعوة لإنهاء ثقافة التأثير، حتى لو أردت ذلك فأنا أعلم أن هذا الأمر لن يتغير، أتمنى فقط أن نكون أكثر نقداً للطريقة التي يعمل بها المشاهير والشركات التجارية معاً.

بشكل شخصي كنت منخطراً في حملات رائعة للغاية، وأتمنى أن أستمر في ذلك، أقول ذلك بدافع الاتساق والتفاعل، نحن في حاجة لأن نقدم محتوى للناس، المستهلكون ليسوا أغبياء وكلما طال كذبنا عليهم كلما قلَّت ثقتهم في المشاهير والشركات التجاري، كصناعة يجب علينا العمل معاً لتوفير مفاهيم أفضل تفضل التفكير المبدع على الهراء الذي نغرق فيه الآن.

أعتقد أنه مع الزمن، فإن النموذج الحالي القائم على إعارة المشاهير نمط حياة معيناً يعرضونه للجمهور الذي يريد أن يعيشه بدوره سينهار ذاتياً.

النزعات العالمية تخبرنا كذلك أننا بحاجة للابتعاد عن الكيفية التي نفعل بها الأشياء نحو وضع أكثر اتساقاً وإبداعاً.

يجب أن يكون فنانونا أكثر قدرة على التعبير عن وضع الصناعة الحالي المتقلب ويجب علينا دائماً أن ننمي ثقافة يكون الفن فيها هو الأولوية الأولى.

لا نريد أطفالنا الصغار الذين يلهمهم الفنانون والموسيقيون وغيرهم أن يتلوثوا بفكرة الثروة الزائفة وثقافة الغرور المهترئة التي سمحنا لها بالازدهار في 2017.

– هذه التدوينة مترجمة عن نسخة جنوب إفريقيا من هاف بوست. للاطلاع على المادة الأصلية، اضغط هنا.

ملحوظة:
التدوينات المنشورة في مدونات هاف بوست لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.

تحميل المزيد