الاندماج المعضلة الأزلية

لكن بعد مضي ما يقارب العامين على إعلان ألمانيا فتح حدودها ومعابرها لاستقبال اللاجئين، وبعد هذه الفترة الطويلة، ما زال اللاجئون بحاجة إلى هذه الملتقيات الخاصة، وذلك بسبب صعوبة تكوين العلاقات والصداقات مع الألمان أو حتى مع الأجانب الموجودين هنا منذ أعوام

عربي بوست
تم النشر: 2017/03/28 الساعة 02:20 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2017/03/28 الساعة 02:20 بتوقيت غرينتش

توجَّه القسم الأعظم من اللاجئين إلى ألمانيا، تحديداً في موجة اللجوء التي اجتاحت القارة الأوروبية قبل عامين؛ حيث قدّر العدد الذي وصل إلى ألمانيا وحدها بما يقارب المليون لاجئ، ومن ذوي خلفيات عرقية ودينية مختلفة.

اعتماداً على ذلك والحاجة الماسة لهؤلاء اللاجئين، تهافتت المنظمات الحقوقية والمجموعات المختلفة للمساعدة، وبشكل تطوعي تم افتتاح عدة مقرات مثل المقاهي أو قاعات مخصصة في الكنائس، على أن تكون فرصة للاجئين من أجل اللقاء بالألمان والتحدث باللغة الألمانية.

لكن بعد مضي ما يقارب العامين على إعلان ألمانيا فتح حدودها ومعابرها لاستقبال اللاجئين، وبعد هذه الفترة الطويلة، ما زال اللاجئون بحاجة إلى هذه الملتقيات الخاصة، وذلك بسبب صعوبة تكوين العلاقات والصداقات مع الألمان أو حتى مع الأجانب الموجودين هنا منذ أعوام، وهذا ما يعتبر من المشاكل الأساسية التي يعاني منها اللاجئ الواصل حديثاً إلى ألمانيا.

من الأسباب الكامنة وراء صعوبة الاندماج في المجتمع الألماني قد يكون طبيعة الثقافة في ألمانيا، وانشغال الناس بأعمالهم، فالشعب الألماني مجدّ في عمله، ونسبة العاطلين عن العمل قليلة جداً، وليس هناك متسع من الوقت لإقامة الصداقات، كما أن الاعتداءات الإرهابية التي ضربت ألمانيا وعدداً من الدول الأوروبية لعبت دوراً محورياً في اتساع الهوة بين اللاجئ والمواطن الألماني؛ لتعد هذه الملتقيات للكثير من اللاجئين الفرصة الوحيدة من أجل التحدث بالألمانية أو إيجاد مَن يمكن أن يقدم له المساعدة بالمسائل المتعلقة بالدوائر الحكومية والترجمة وغيرها.

"التر فوير فاخه" هو عبارة عن مقهى تم افتتاحه في الشهر العاشر من العام المنصرم، وتفتتح أبوابه كل يوم أربعاء وفي أوقات محددة.

تحدثت هناك مع "ابيرد هالد فاله"، وهو ألماني في العقد الخامس من عمره، يعمل تطوعاً في المقهى؛ حيث أوضح لنا الخدمات الكثيرة التي يقدمها المقهى للاجئين، مثل البحث عن شقق سكنية، أو الترجمة للاجئين الذين ما زالوا يعانون من مشكلة اللغة، بالإضافة إلى امتياز المقهى بخاصية ألا وهي توفير مكان خاص للأطفال للعب، بالإضافة إلى وجود سيدتين متخصصتين في الاهتمام بهؤلاء الأطفال.

التقيت أيضا بـ"باربارا" وهي إحدى السيدات الألمان اللواتي يعتنين بالأطفال، وخلال زيارتي للمقهى كانت ترسم مع مجموعة من الصغار، عبرت عن السهولة التي تجدها في التعامل مع اللاجئين أو أطفالهم، وتعتبر الأمر مهمة سهلة ومشوقة بالنسبة لها.

بالتأكيد يتم توفير كل الحاجيات للاجئين هنا في ألمانيا، ويتم صرف الكثير من الأموال والجهد من أجل رعاية اللاجئين، لكن "أنكا كغاو" إحدى الألمانيات اللواتي التقيت بهن أيضاً في المقهى تجد أنه من الضروري أيضاً التحدث مع اللاجئين؛ لأن اللاجئين يعيشون في وحدة صعبة، ولا يجدون من يتواصل معهم؛ لذلك من الواجب تقديم يد المساعدة لهم.

أحد الأماكن الأخرى التي تخصصت بمساعدة اللاجئين في مدينة فوبرتال، هو مقهى "سوفيان" في إحدى الكنائس البروتستانتية؛ إذ ينظم المقهى لقاءات دورية تجمع اللاجئين بالألمان، من أجل اندماجهم وممارسة اللغة الألمانية.

"كاتيا دومر" هي إحدى المتطوعات في المقهى، أخبرتني أن فكرة تأسيس المقهى طرحت بعد قدوم موجة اللاجئين الكبيرة إلى ألمانيا، وذلك من أجل مساعدتهم، وفهم الخلفية الثقافية التي يحملها هؤلاء اللاجئون، وشرح المبادئ الأساسية في الثقافة الألمانية لهم.

وأضافت كاتيا أنه وبعد شهور من افتتاح المقهى، أصبح الأمر متعلقاً بالالتقاء بالأصدقاء؛ حيث إنها تنتظر الأسبوع بالكامل حتى تلتقي بمن تعرفت عليهم هناك، إذاً فالأسباب تغيرت مع مرور الوقت.

أما بالنسبة للاجئين الذين التقيت بهم في هذه الملتقيات الخاصة، فقد أكدوا معاناتهم من عدم القدرة على التواصل وخلق الصداقات مع الألمان، ولعدم امتلاكهم أصدقاء أصبحوا يرتادون هذه الأماكن المخصصة للاجئين وبشكل دوري.

لكن السؤال الذي يتبادر إلى أذهاننا هو: إلى متى سيعاني اللاجئون من صعوبة الاندماج وتكوين الأصدقاء والاختلاط الكافي مع المجتمع الجديد؟ وإلى متى ستبقى الحاجة قائمة إلى هذه الملتقيات الخاصة؟ لكن بالتأكيد يتحمل اللاجئ بدوره مسؤولية كبيرة بما يخص الاندماج، فعليه تعلم اللغة الألمانية؛ لأن اللغة تعتبر المفتاح الأساسي للانخراط في أي مجتمع.

ملحوظة:

التدوينات المنشورة في مدونات هافينغتون بوست لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.

تحميل المزيد