عندما نتحدّث عن بداية جيدة للأطفال في التعليم، هناك أحياناً ذلك الافتراض بأن الأطفال يبدأون في المدرسة الابتدائية على قدم المساواة. لكن الأطفال يُمكن أن تتفاوت معدلات نموهم تفاوتاً كبيراً، وبالأخص هؤلاء الذين لا يطوّرون مهارات التواصل في وقتٍ مبكر يُمكن أن يواجهوا منحدراً صعباً من أجل اللحاق بالركب.
تملّك زمام اللغة واحدٌ من الأركان المؤسسة لنموٍ صحي للأطفال الصغار، لذا فهو يوضع كواحدة من الأولويات الجوهرية، إلى جانب النمو الجسدي والعاطفي. مع نمو مهارات التواصل عند الأطفال، يكتشفون آفاقاً جديدة تماماً من التفكير. يبدأ الأطفال في تعلم، ليس فقط القدرة على إضفاء الأسماء على أشياء مألوفة والتواصل مع الآخرين، لكن أيضاً استكشاف أحاسيس ومفاهيم جديدة وترتيب الأفكار. تُعطيهم اللغة أساساً يكبرون منه ويتعلّمون.
الإحصائيات تكررت على مسامعنا كثيراً. بحلول الوقت الذي يدخل فيه الأطفال المدرسة الابتدائية يكون من المتوقّع منهم الوصول إلى إنجازات معينة في نموهم، لكن أبحاثاً من صندوق التواصل تُشير إلى أن هناك مليون طفلٍ وشاب -اثنين أو ثلاثة في كل صف- مصابون بشكلٍ من أشكال الصعوبة في التواصل أو في اللغة أو في الكلام. حديثهم قد يكون متلعثماً ومفردات اللغة عندهم أقل من أقرانهم. ربّما يستخدمون جملاً أقصر ويجدون صعوبة في فهم التعليمات المعقدة. فيما يصل إلى 90% من الحالات، يجد هؤلاء الأطفال صعوبة في القراءة، ما يؤخر عمليتهم التعليمية بشدّة. لذا فمن المهم أن نتغلب على تلك المشاكل في أصغر سنٍ ممكنة.
الحقيقة المحزنة هو أن هناك ارتباطاً قوياً بين مستوى المنطقة المعيشي والمهارات اللغوية لأطفالها. في أنحاء البلاد، يعاني طفل من كل ثمانية صعوبات من هذا النوع. وفي المناطق المحرومة ترتفع هذه النسبة إلى أكثر من النصف- رقمٌ صادم وغير مقبول.
كل طفل يستحق فرصة استغلال قدراته الكاملة، لذا يُسعدني بشدة أن أرى برامج مبتكرة تُخاطب تلك المشكلة مباشرة.
الشهر الماضي، كنت في مدينة هول، التي تحتوي على مناطق تُعاني حرماناً كبيراً.. مدينة تُعاني فيها نسبة من الأطفال أعلى من المتوسط صعوباتٍ لغوية وكلامية. ألهمني خلال زيارتي طلاب مدرسة Southcoates الابتدائية، ممن يستخدمون بثقة لغة إبداعية يطمح البالغون في الوصول إليها يوماً. تحاور الطلاب بسعادة حول الكلمات التي اكتشفوها هذا الأسبوع وأنهم لا يطيقون الانتظار حتى يوم الإثنين لتجربتها في الفصل. حماستهم وفخرهم كانا ملموسين. لقد وجدوا مفتاحاً إلى عالمٍ لم يعرفوا بوجوده وأرادوا مُشاركة حماستهم بما وجدوه.
كانوا يشاركون في مشروع The Talk of the Town، الذي دمج تعليم مهارات التواصل في جدول الدراسة الأسبوعي. انبثق المشروع من تجربة استمرت عامين أجراها صندوق التواصل وصندوق الوقف التعليمي. منذ 2015، أدارت المدرسة نفسها المشروع، وتحسنت درجات المشاركين فيه في التواصل والقراءة تحسناً ملحوظاً.
وبرامج أخرى مثل التي يديرها صندوق القراءة والكتابة القومي، انتهجت نهجاً مجتمعياً مشابهاً مع مدارس تقع في المناطق الأكثر فقراً في البلاد. مئات الأطفال من مناطق في ميدلزبره تُعاني معدلات عالية من صعوبات اللغة سجّلوا تحسّنات هائلة في الوصول إلى أهداف السنوات المبكرة. ومع أن منهج Early Words Together كان على نطاقٍ قومي، فقد نجح لأنه نبع من الوعي بالقضية على مستوى محلي، وكان مستشعراً للحاجات المحلية.
زُرت كذلك مؤخراً مدرسة لونغمور الابتدائية في ليفربول، حيث كان الأطفال يتعلمون لغة الماندارين في فصول الاستقبال كجزءٍ من العوامل المحفزة لإعطائهم أفضل بداية محتملة. أظهرت الدراسات أن تعلم اللغات يزيد من مهارات التفكير النقدي، والإبداع والمرونة خاصة في سنٍ مبكرة. يسجّل الأطفال ثنائيو اللغة علاماتٍ أعلى من أقرانهم أحاديي اللغة، ليس فقط في سعة المفردات والقراءة وإنما في اختبارات الرياضيات، والتفكير النقدي ومهارات حل المشكلات التي يشجّعها تعليم اللغة الجديدة تُصبح مهاراتٍ حياتية قيمة.
بالنسبة للأطفال الصغار، فإن منافع استكشاف التواصل بكل صوره بادية للجميع. أريد أن أرى المزيد من المبادرات مثل تلك التي تشجّع الطموح وتغرس في الأطفال حباً للغة يصب في صالحهم طوال حياتهم.
هذه التدوينة مترجمة عن النسخة البريطانية لـ"هافينغتون بوست". للاطلاع على المادة الأصلية، اضغط هنا.
ملحوظة:
التدوينات المنشورة في مدونات هافينغتون بوست لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.