منذ 5 أعوام قابلت شخصاً، كان الأمر بمثابة كليشيه مبتذل من الرومانسية. فقد كان آسراً ومرحاً ولعوباً وقلَّما أجده جاداً. لذا وقعت في حبه مباشرة.
جذبني مظهره الشرق الأوسطي، ورموشه الطويلة للغاية، ولكنته الغلاسكية؛ إذ لم أقابل شخصاً مثله من قبل.
وُلد هذا الشخص في إيران، لكنه انتقل مع عائلته إلى غلاسكو عندما كان طفلاً (ولهذا السبب اكتسب اللكنة بدرجة مذهلة).
وقد عمل في لندن سنوات قبل أن ينتقل إلى أستراليا. كان خبيراً بشؤون الحياة مثلي، لكنه كان مثيراً للاهتمام أكثر بكثير.
تقابلنا عن طريق أصدقاء مشتركين في برث، حيث كان كلانا يعيش في هذا المكان خلال هذه الفترة.
سافرنا حول العالم معاً، وفي بدايات علاقتنا قابل كل منا عائلة الآخر. سافرنا إلى أستراليا لمقابلة والديّ وعائلتي، وسافرنا إلى اسكتلندا لزيارة والديه وعائلته.
كان أول شيء لاحظناه، على الرغم من اختلاف عائلاتنا، أن ثمة عديداً من الأشياء المتشابهة بدرجة مذهلة؛ إذ إن كلتا العائلتين لديها بصورة جوهرية أخلاقيات ومبادئ قوية. يبدأ الأمر بالعائلة في كل مرة.
إلا أننا لم نناقش بكل تأكيد أمر الزواج مباشرة، مثل أي اثنين في ارتباط عاطفي. كنا صغاراً وحسب، نحب بعضنا ونحظى ببعض المرح.
علمنا بكل تأكيد مع مرور الوقت أننا نريد أن نستكمل حياتنا معاً، لذا كنا في حاجة لمناقشة الأمور الهامة المتعلقة بمستقبلنا. أرى أنه إن كنتم ستقدمون التزاماً بالزواج من شخص ما، فينبغي أن يكون لديكما الأهداف نفسها والأحلام للمستقبل. وإلا فلن يستمر الزواج بكل بساطة. كنا في حاجة للتأكد من أننا سنقدِّر ويدعم بعضنا بعضاً فيما يتعلق بمستقبلنا.
لحسن الحظ، أدركنا أن طموحاتنا للمستقبل كانت متشابهة؛ إذ إن كلينا يقوده شغفنا الداخلي ولديه رغبة في الوصول إلى أعلى الإنجازات على الصعيد المهني والشخصي. كما أن كلينا كان يريد عائلة.
في أغلب الأحوال، يكون من الصعب أن تجد شخصاً تتصل به في عديد من الأصعدة، ولكن لحسن الحظ كان لدي هذا الشخص.
بعد أن قضينا عامين معاً، تقدم بطلبي للزواج عندما كنا نقضي إجازة في بالي.
انتابتني مشاعر بالإثارة الشديدة للتخطيط من أجل زواجنا؛ لذا كنت أرغب في دمج الثقافتين؛ لأحظى بحفل زواج مذهل!
لقد أحببت كل شيء متعلق بالثقافة الإيرانية! بما في ذلك الطعام والموسيقى والرقص وحسن الضيافة الكبير، وبكل تأكيد تقليد "التعارف" السخيف! (يعتبر التعارف صورة من صور الإتيكيت، وفيها عندما يُقدَّم أي شيء لأي شخص يرفض بلطف، حتى لو أراد هذا الشيء؛ إذ يرفض الشخص 3 مرات قبل أن يقبله. يمكن أن يكون هذا الشيء طعاماً، أو حتى شيئاً ترغب في شرائه! على سبيل المثال، عندما يُقدَّم الطعام في وقت الوجبات، يقول الضيف "كلا، شكراً لك"، ثم يُقدَّم إليه الطعام مرة أخرى، فترفض 3 مرات قبل أن تقبل في النهاية! وإن كنت في أحد المتاجر وترغب في شراء شيء من البائع بالمتجر، فسوف يقول لك في الغالب إنه مجاناً، لكنهم لا يعنونه حقاً! لقد أخبرتكم بأنه تقليد سخيف!)
أثار والدا زوجي، في فترة قريبة من توقيت خطبتنا، قضية الدين وأهمية تفكيري في التحول إلى الإسلام بالنسبة إليهما. الجدير بالذكر هنا أن زوجي ووالديه لم يطالباني بالتحول لاعتناق الإسلام. وليس أي شيء قريب من هذه الفكرة. بدلاً من هذا، دار النقاش في فلك محادثة محترمة حول ما يعنيه حقاً بالنسبة لهم تفكيري في التحول إلى الإسلام.
لم يكن ثمة أي ضغط أو استعجال أو عدم احترام على أي صعيد. وكنت غير متأكدة في البداية.
فقد تربيت على كاثوليكيتي، وكنت أذهب في المرحلة الابتدائية والثانوية إلى مدارس كاثوليكية. كما كنت أذهب إلى الكنيسة في معظم العطلات الأسبوعية مع والديّ، ولكن بالتأكيد مع وصولي لسن الرابعة عشرة، كان الأمر أقرب إلى العمل الروتيني من كونه رغبة شخصية بالاتصال مع الله.
كنت في المرحلة الثانوية الطالبة التي تثير تساؤلات حول كل شيء. وكان أساتذة التعليم الديني يشعرون بالخوف كلما رفعت يدي. لم أكن أبداً قليلة الاحترام، ولكني كنت أريد إجابات وحسب. كان هناك كثير من الأشياء التي أتعلمها في المدرسة وبالكنيسة، لم أكن متأكدة منها. هل أمطرت حقاً لأربعين يوماً وليلة؟ هل بنى نوح حقاً سفينة واصطحب معه زوجاً من كل حيوان؟ هل حوَّل يسوع حقاً الماء إلى خمر؟
خلُصت إلى أن هذه القصص كُتبَت لاختبار وتفسير الحياة، ولم يكن علي أن أسأل عن ذلك، ولم يكن علي أن أثير تساؤلات عن الدين. كان علي أن أحترم ما اختاره الآخرون ليؤمنوا به. وإن كنت شخصاً صالحاً من الأساس، فما يهم هو أن أحترم الآخرين ولا أؤذي أي شخص آخر على الإطلاق.
أعترف بأن الدين لم يكن ذا أهمية كبيرة في حياتي بعد المدرسة؛ إذ كنت أذهب للكنيسة في المناسبات الخاصة؛ مثل عيد القيامة وأعياد الميلاد، إلا أن الأمر كان متعلقاً به.
لذا، عندما ناقش والدا زوجي معي فكرة التحول إلى الإسلام، علمت أنني في حاجة إلى التفكير الحقيقي لأصل إلى إجابة.
فإن قلت "كلا" لأرد على إيذائهم وحسب، فلن يتحقق أي شيء؛ بل على العكس، أفصح هذا عن مزيد من الأشياء المتعلقة بشخصيتي. وإن قلت "حسناً"، لإسعادهم وحسب، فلن يكون شيئاً صحيحاً.
أدركت أن اتخاذ هذا القرار قد يعتمد على عديد من الأشياء. إنه يعني احترام عائلتي الجديدة، ولكن الأهم من ذلك ما إذا كنت مستعدة لإدخال دين جديد إلى حياتي وما الذي يعنيه لي ولعائلتي. بدأت أُجري أبحاثي ومزيداً من الاستكشاف بنفسي، وقد علمت مبكراً أن علي تجنب وسائل الإعلام الشهيرة، وبدلاً من هذا أقرأ النصوص الأكاديمية وأسأل الأشخاص الذين كانوا في الموقف نفسه الذي أواجهه.
والآن، كان من الممكن أن يطلب والداي أن يتحول زوجي إلى الكاثوليكية.
فقد تحول أبي من أجل أمي، كما تحولت جدتي من أجل جدي. لذا لم تكن فكرة التوحيد باعتبارنا زوجين من أجل مستقبل عائلتي- فكرة غير شائعة بالنسبة إلي.
بيد أن التحول إلى الإسلام كان يعني أكثر لوالديّ حميد وعائلته أكثر مما كان يعني له أن يتحول إلى الكاثوليكية من أجل والديّ وعائلتي.
بعد أن علمت أكثر عن الإسلام، أدركت أنني أعرف أقل القليل، وما اعتقدت أنني عرفته من قراءة المقالات والتعليقات على مواقع التواصل الاجتماعي، كان خاطئاً بنسبة 99%. علمت (وما زلت أتعلم) أنه دين جميل وسلمي، يشبه كثيراً الكاثوليكية.
قررت أنني أرغب في التحول إلى الإسلام. لذا أردت أن أعرف المزيد عن هذا الدين الجميل وأردت أن ينشأ أطفالي في بيئة عائلية تشبه البيئة التي ترعرعت فيها، حيث كان الوالدان متحدين في معتقداتهما وأخلاقهما ومبادئهما.
فالتحول إلى الإسلام أو أي دين آخر ليس تحولاً بين عشية وضحاها؛ بل إنه رحلة، وينبغي أن يمر كل شخص بهذه الرحلة حسب سرعته ووتيرة سيره الخاصة، فلا ينبغي أبداً أن نقارن رحلة شخص ما برحلة شخص آخر.
يفترض كثيرون أن أي مسلم ينبغي أن يتزوج مسلمة، وهو ما ليس صحيحاً. ففي بعض الثقافات، يعتبر هذا الأمر ضرورياً، لكنه ليس مطلباً دينياً. إننا نحتاج أن نتفهم الاختلاف.
تخلط وسائل الإعلام كثيراً بين الثقافة والدين، ونتيجة لهذا لا يستطيع المجتمع أن يفرِّق بين الاثنين، وهو سوء التفاهم الذي يتسبب في كثير من الفوضى والكراهية في العالم.
إذ كان لا يزال ممكناً أن أتزوج حميد دون أن أتحول إلى الإسلام.
لقد اخترت أن أتحول ولم أكن مجبرة أو مُكرهة على هذا. ولم تضطرب حياتي.
بعد أن اتخذت القرار بالتحول إلى الإسلام، زرت أنا وزوجي المسجد المحلي وقابلنا الإمام، حيث تحولت إلى الإسلام وكان أصدقائي شهوداً على ذلك.
ومنذ ذلك اليوم، استمررت في تعلم المزيد وقراءة المزيد وألقيت بنفسي داخل غمار هذه العقيدة. لقد كانت -ولا تزال- رحلة جميلة للغاية.
من المؤكد أنه جانب من حياتي يشعر كثير من الناس بالانبهار تجاهه. فقد طرح على كثير من الناس تساؤلات حول قراري، ومعظمهم لا يتفهمون قراري بالتحول إلى الإسلام. وإنني لا أسألكم أن تتفهموا قراري. إنني لا أفرض، ولن أفرض، معتقداتي على أي شخص آخر. ونيتي لمشاركة هذا الجزء من رحلتي ببساطة تهدف إلى تعليم الناس وتوليد مزيد من الوعي.
إنني أعتقد أن مشاركة قصتي شيء جيد، لا سيما إن كنت أستطيع تبديد الخرافات التي قد تكون لدى أي شخص. وكل ما أطلبه منكم هو الاحترام. لستم في حاجة لأن تتفقوا معي أو مع عائلتي، ولكننا جميعاً نحتاج لأن نكون متسامحين وأن يحترم بعضنا بعضاً.
باعتباري مسلمة جديدة، تعتبر رحلتي مختلفة تماماً عن أي شخص وُلد مسلماً. فأنا لست خبيرة في الإسلام أو في سياسات الشرق الأوسط، ولا ينبغي أن يتوقع أي شخص مني أن أكون هكذا.
لا شك في أن الإسلام تحرِّفه وسائل الإعلام؛ إذ إن القصص تكون في الغالب ذات جانب أحادي وخلافية بهدف إثارة الجدل.
منذ أن تزوجت زوجي، أشعر بأنني أكثر حرية باعتباري امرأة. وأشعر بالمساواة في زواجي، وأشعر بالمساواة وسط عائلتي.
إن كنا فقط نستطيع أن نقرأ مزيداً من القصص التي تشبه قصتي، حيث لا يوجد أي إثارة للجدل؛ لأنني أستطيع أن أؤكد لكم أن هناك عديداً من القصص التي تشبه قصتي.
هذه التدوينة مترجمة عن النسخة البريطانية لـ"هافينغتون بوست". للاطلاع على المادة الأصلية، اضغط هنا.
ملحوظة:
التدوينات المنشورة في مدونات هافينغتون بوست لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.