حثتني رسائل مديري في العمل الإلكترونية على النهوض من حالة الإرهاق الجسدي والحرمان من النوم لحقائق العمل الحياة خارج إطار رعاية الطفل في المنزل.
أعد فريقنا محادثة جماعية للمناقشة إطلاق مشروعنا الجديد الذي سيبدأ مع نهاية إجازة الأمومة لدي، والتي كانت مثيرة ومحطمة للأعصاب في آن. أخيراً عندما رن جرس الهاتف سرت دفعة من الأدرينالين في جسدي بينما كنت أحاول متوترة أن أنجح في مهمتي الثانوية وهي إبقاء الطفل هادئاً.
قمت باستخدام زر إغلاق الميكروفون وهيأت نفسي للاعتناء بالطفل كلما بدأ في البكاء لضمان أن لا يعيق بكاءه النقاش الجاري في غرف الاجتماعات في عدة دول. لم أكن أريد الظهور بمظهر عضو الفريق الذي يقاطع النقاش ببكاء طفلة ولم أكن مستعدة في نفس الوقت للتخلي عن القضية الجديدة التي أضحي في سبيلها بكل وجودي الفيزيائي وقواي العقلية وهي الإرضاع.
في الأيام المبكرة للأمومة عندما كان عقلي مليئاً بكل تلك الأدلة والحكايات العلمية عن أهمية وقيمة الإرضاع أصبح هدف حياتي القريب هو هذا الأمر بالتحديد. إكمال هدف الستة أشهر من الإرضاع بدا لي خط نهاية مهماً ولم تكن لدي الرغبة في جعل العمل يشتتني عن الوصول إليه. فور انتهاء هذا الاجتماع الأول سارت الأنباء سريعاً بشأن اجتماع آخر كان يجب علي فيه الحضور بشكل شخصي. كنت أعد جدولاً قابلاً للتغيير والمراجعة المستمرة وكان زوجي يغير من جدول عمله بناء على جدولي ليبقى في المنزل ويطعم الطفل من حليب الصدر المعد مسبقاً. كان هذا الأمر مشجعاً ومحطماً للأعصاب في نفس الوقت. كان من المشجع أن يكون زوجي الطبيب على القدر الكافي من الشجاعة والثقة لتهدئة وطمأنة طفل متكرر البكاء، والذي لم يكن يهدأ إلى بالرضاعة حصراً، وكان يقوم من أجل ذلك بالتفاوض مع زملائه في العمل لتغيير ورديات عمله، ولكن الأمر كان محطماً للأعصاب؛ لأن جدولي كان دائم التغير وصعبت عليه مهمة الالتزام بخطة ثابتة.
العقبة الأولى التي واجهتني كانت تعلم كيفية ضخ الحليب عبر مضخة الصدر. أول مرة قمت فيها بهذا الأمر كان لم يتجاوز الناتج 20 مليلتر؛ نظراً للرضاعة المتكررة من الطفل، وكان هذا المقدار بالكاد يكفي عدة رشفات. مع مرور كل يوم كان مستوى توتري يزداد بسبب شعوري بعدم قدرتي على توفير القدر المطلوب من لبن الصدر المثلج لاستخدامه بينما أكون خارج المنزل.
كان الأحد قبل الأخير قبل رجوعي إلى العمل وكنت ذاهبة مع زوجي لقداس الأحد كالمعتاد حين بدأ الطفل في البكاء في منتصف المراسم، حينها تناوبنا أنا وزوجي في تهدئة الطفل عند الباب وحين حان دوري التقت عيناي بعيني امرأة أخرى تحمل طفلاً.
ربما رأت اليأس وانعدام الحيلة في عيني مما دفعها للابتسام والبدء في حوار معي وفي وقت قصير وجدت نفسي أسكب عليها مخاوفي بشأن التدفق الفقير للبن من صدري إلى الزجاجة.
في خلال دقائق فككت مخاوفي كلها وقدمت حلاً بنّاء على الخبرة والثقة. أرضعي ابنك من ثدي واحد ووفري الآخر لضخ الحليب، بدا الأمر بسيطاً وسهل كفاية وقد نجح بالفعل. المعجزة التي كنت بحاجة إليها وجدت أخيراً. قمت بضخ حليب كاف وتجاوزت أول عدة أسابيع من الاجتماعات التي كانت مفروضة علي وعندما حان الوقت لتكرار الأمر مجدداً بعد عدة أسابيع كنت مستعدة.
الحليب المثلج لم يكن المعضلة الوحيدة التي واجهتنا. مهمة إذابة وتسخين الحليب وإرضاعه للطفل كانت مهمة عسيرة على زوجي، خصوصاً أن اجتماعاتي لم يكن لها مدة محددة. كنت أحضر الاجتماعات وأنا ممسكة بالهاتف بحرص في قبضتي وأراجع الرسائل المرسلة منه. عندما يتأخر الناس عن المواعيد المقررة أو تطول النقاشات عن المتوقع كانت معدتي تتقلص بينما يزداد حجم ثديي. لم يكن بإمكاني تقدير الوقت الذي سأكون فيه في المنزل لمعاد الرضعة القادمة وزوجي يحاول بيأس تحضير الحليب للطفل. كانت هناك أيام قام فيها بالقيادة إلى مكان عملي حتى يكون بإمكاني إرضاع الطفل في السيارة بين الاجتماعات، لكننا فعلناها معاً تجاوزنا الستة أشهر الأولى وبعدها ثمانية عشر شهراً آخرين.
الإرضاع الحصري التزام ورحلة تتطلب المثابرة والشجاعة وتعتمد على مساعدة العديد من الأشخاص. التزامي أنا وزوجي فقط لم يكن كافياً، كنا بحاجة لـ "قريتنا" للمساعدة في إطعام طفلنا ولهذا الأمر نحن ممتنون كثيراً لهذه "القريبة".
– هذه التدوينة مترجمة عن النسخة البريطانية لـ"هافينغتون بوست". للاطلاع على المادة الأصلية، اضغط هنا.
ملحوظة:
التدوينات المنشورة في مدونات هافينغتون بوست لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.