لماذا يخاف الناس حين تقود الطائرة امرأة؟

كلنا نحمل هذه الانحيازات، وهي تقدّم إطاراً للكثير من قراراتنا اليومية. هي انحيازات قويّة وخبيثة بقدرٍ مساو. قوية بسبب طبيعتها اللاواعية، وخبيثة لأنها تدفع إلى اتخاذ قراراتٍ دون المستوى المطلوب على أفضل تقدير، ومشوبة بالتحيز والازدراء غير المقبول على أسوأ تقدير.

عربي بوست
تم النشر: 2017/03/22 الساعة 05:11 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2017/03/22 الساعة 05:11 بتوقيت غرينتش

أوشك على الصعود على متن طائرة متجهة من هيثرو إلى نيويورك، وأتذكر محادثة أجريتها قبل بضعة أشهر مع زميلة في العمل. صارحتني بعدم ارتياحها – أعتقد أنّها قالت "رُعبها" في الحقيقة – لأنّها كانت تصعد على متن طائرة ولاحظت أن الطيّار أنثى. الإناث الطيّارات، أخبرتني، يُشعرنها بالتوتر. يجب أن يكون الطيار رجلاً، وحبذا لو كان في الخمسينات من عمره، شعره رمادي ويبتسم ابتسامة مطمئنة. لا منطق في حدسها، ولا إحصائيات تدعم تأكيدها على أن الطيارين الذكور أفضل، أو أكثر أمناً أو كفاءة من النساء. إذن ما الذي يحدث؟ ولماذا هي مرتعبة؟

أفترض أنّها تُعاني من "الانحياز غير الواعي".
يصف "الانحياز غير الواعي" الآراء التي نكونها عن الأشخاص بناءً على أشكالهم أو نبرة كلامهم وفقط. كما يُشير الاسم، ترتكز هذه الانحيازات ليس على تجاربنا العقلانية وإنما على تحيزاتنا العاطفية.

تأتي الانحيازات بكل الأشكال والأحجام – مثلاً، الطويل أخرق، والسمين كسول، والأصلع بالغ الفحولة (حسناً، الأخيرة اختلقتها أنا).

كلنا نحمل هذه الانحيازات، وهي تقدّم إطاراً للكثير من قراراتنا اليومية. هي انحيازات قويّة وخبيثة بقدرٍ مساو. قوية بسبب طبيعتها اللاواعية، وخبيثة لأنها تدفع إلى اتخاذ قراراتٍ دون المستوى المطلوب على أفضل تقدير، ومشوبة بالتحيز والازدراء غير المقبول على أسوأ تقدير.

أريد التركيز على جوانب انخفاض المستوى في هذا النوع من صناعة القرار والنظر إليه من أعين الشركات الكبرى.

في سياق الشركات الكبرى، يعمل الانحياز اللاواعي كقيدٍ على المواهب، إمّا ينفّر المواهب التي نلتقي بها، يمنعنا من لقائها من الأصل. مجالي (مثل الكثير من المجالات) يُصارع من أجل تحقيق التنوّع – يتحسّن التوازن بين الرجال والنساء، لكنّنا أحرزنا تقدماً ضئيلاً للغاية في مناطق مثل العرق، والخلفية المجتمعية، والإعاقة. لماذا؟ نعرف بالتأكيد لِمَ لا. ليس الأمر لأن أعراقاً أو خلفياتٍ معينة أقل ذكاءً، وأقل عملاً وأقل ملاءمة للمجالات الإبداعية.

يرجع الأمر جزئياً إلى أننا، برغم نوايانا الحسنة، نسمح عن غير قصدٍ لانحيازاتنا – أو افتراضاتنا – اللاواعية بالتأثير في تحركاتنا وسلوكياتنا. وهذا بلا شك يؤثر على اختياراتنا لمن نعمل معه، ومن يحصل على الترقية، أو على الوظيفة. وعواقب هذا واضحة للغاية، وتشرح لماذا تُصارع العديد من المجالات حتى الآن في سبيل صنع قوة عاملة تُظهر تعددية العالم.

لذا، في محاولة لنقل المحادثة إلى ما هو أبعد من مجرد العرق والنوع في صناعة الإعلانات، وتشجيعاً لأقراننا على التركيز على الاختلافات التي تجعل الناس متفردين، سنتحدّى مجتمع الإعلانات أن يغيّر وجه مجال الإعلانات هذا العام، في فعالية Advertising Week Europe.

سنصوّر أكبر عددٍ ممكن من الممثلين ونُدخل الصور إلى أداة مزجٍ للوجوه، لنصنع وجه Ad Week Europe 2017. سنوفّر الفرصة للحضور للمشاركة في اختبارات الربط الضمني التي تنظمها جامعة هارفارد، من أجل إخراج انحيازاتهم اللاواعية إلى السطح. ونأمل أن ذلك سيجذب الانتباه إلى التحيزات المسبقة المتأصلة في أغلب الأحيان، لكي نساعد في إحداث التغيير.

المُثير للاهتمام أن أعداد النساء الطيارات حول العالم منخفضة للغاية، حوالي 3%. وفي استطلاع رأيٍ أجرته شركة British Airways على ألفي امرأة، قال 63% منهن إنّهن أحبطن عندما كبرن، لأسباب تتضمّن الافتقار إلى القدوة وإخبارهن بأنّا مهنة للرجال. من الواضح أن زميلتي لم تكن وحدها في انحيازها، الذي يبدو أنّه لم يكن لا واعياً إلى هذه الدرجة.

هذه التدوينة مترجمة عن النسخة البريطانية لـ"هافينغتون بوست". للاطلاع على المادة الأصلية اضغط هنا.

ملحوظة:
التدوينات المنشورة في مدونات هافينغتون بوست لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.

علامات:
تحميل المزيد