5 دروس تعلَّمتها من أبنائي عن الحزن

أما أنا فأبكي للتنفيس عن مشاعري، أبكي بسبب إحباطي من شركة الهاتف المحمول؛ لأنها لم تساعدني على إغلاق الحساب الخاص بزوجي؛ لأنني لا أعلم كلمة السر الخاصة به، أبكي حين تسقط شهادة الوفاة من حقيبتي في المتجر فتتسخ، أبكي حين يفيض المرحاض، أو حين يعلق الباب الأمامي فتتبول الكلبة داخل المنزل؛ لأن أحداً لم يأتِ في الوقت المناسب لإخراجها.

عربي بوست
تم النشر: 2017/03/21 الساعة 07:39 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2017/03/21 الساعة 07:39 بتوقيت غرينتش

ترملت منذ 70 يوماً.
الحزن شعور غريب؛ في معظم الأيام يمكنك أن تحيا وتعمل بشكل طبيعي، وفجأة تصطدم ببقعة جليدية وتبدأ في الوقوع مهما حاولت الوقوف من جديد.
معظم ما عرفته عن الحزن تعلمته من مشاهدة تعامل أبنائي المراهقين معه، على سبيل المثال:

1- عليك أحياناً أن تضغط زر الإيقاف للحياة
للمرة الأولى، ارتكبت ما أعده خطأً تربوياً لا يغتفر، سمحت لابني بالتغيب عن المدرسة بينما لم يكن مريضاً حقاً.

لم يكن محموماً، ولم يعانِ من الزكام حتى، لكنه كان مرهقاً قليلاً، مرهقاً من الذهاب إلى المدرسة على ما أظن، لم يكن الأمر مرتبطاً بفرض مدرسي لم يتمه، أو اختبار قصير نسي أن يذاكر له، إنه طالب متميز، لكنه أراد أن يُترَك وحيداً.

ابتعد عن الأجهزة الإلكترونية، واصطحب الكلاب في نزهة طويلة، ونام، نام طويلاً. قد يكون النوم هو أنجع علاج لما تعاني منه، حتى الحزن. صنعت له بعضاً من حساء الدجاج؛ لأن جزءاً منّي احتاج أن يظن أن المرء لا يتغيب عن المدرسة إلا إن كان مريضاً بشدة.

2- ليس هناك طريقة خاطئة للبكاء
ابني متحمل، أعلم أن فقدانه لأبيه مؤلم، لكنه لا يبكي، على الناحية الأخرى، قضت ابنتي بعضاً من الأيام السبعين الماضية وهي تبكي، حين تدخل إلى غرفتها وتغلق الباب، أعلم أنها تبكي.

أما أنا فأبكي للتنفيس عن مشاعري، أبكي بسبب إحباطي من شركة الهاتف المحمول؛ لأنها لم تساعدني على إغلاق الحساب الخاص بزوجي؛ لأنني لا أعلم كلمة السر الخاصة به، أبكي حين تسقط شهادة الوفاة من حقيبتي في المتجر فتتسخ، أبكي حين يفيض المرحاض، أو حين يعلق الباب الأمامي فتتبول الكلبة داخل المنزل؛ لأن أحداً لم يأتِ في الوقت المناسب لإخراجها.
أبكي لأن زوجي لم يهتم بنفسه أكثر من ذلك، ولأنه نسي تغيير زيت سيارتي قبل أن ينهار في ممر السيارات، الحزن يلوي عنق الأشياء، حتى المنطق العقلاني.

لكن ما من عيب في البكاء أو عدم البكاء أو حتى البكاء لسبب غير منطقي، حين يتعلق الأمر بالبكاء، فما من طريقة واحدة مناسبة للجميع، مثله في ذلك مثل الحزن نفسه.

3- الحياة طبيعية بالنسبة للجميع عداك
تستمر الحياة في طريقها المعتاد، هناك حفلات المدرسة التي عليك الاهتمام بها، ومواد الدراسة لفصل الخريف التي عليك اختيارها، وطبيب الأسنان الذي تحتاج للذهاب إليه لتنظيف أسنانك.

حين تفقد شخصاً عزيزاً عليك، يتوقف العالم عن الدوران، صحيح أن أصدقاءك يقدمون لك الدعم في البداية، لكن بحلول اليوم السبعين ليس هناك أصدقاء ما زالوا يجلبون لك العشاء، حياة الجميع كما هي، وحياتك فقط هي التي تغيرت رأساً على عقب.

الحل يسير: جزء من أن تكون طبيعياً هو أن تتصرف باعتيادية، معتمداً على الحكمة القديمة "تصنَّع ما تفعله حتى تنجح فيه"، يمكنك المضي قدماً عن طريق تصنُّع المضي قدماً، وستفاجأ بقدرتك على فعل الكثير من الأشياء.

لذا، نعم ستذهب لحفل المدرسة، وستحدد موعداً مع طبيب الأسنان، وإن عرض عليك شخص ما قضاء يوم على الشاطئ أو دعاك للعشاء، أجبر نفسك على الذهاب.

4- تحكم فيما يمكنك التحكم فيه
تعلم الأغنيات التي تمزق نياط قلبك؛ لذا لا تستمع لها، تعلم الطريق الذي سارت فيه سيارة الإسعاف في ذلك اليوم المشؤوم؛ لذا تذهب عبر الطريق الآخر، هذا الفندق هو المكان الذي قضيتما فيه عطلتكما الأخيرة معاً، اذهب إلى مكان آخر.

لا يمكننا محو الألم الناجم عن فقد الأحبة، لكن ما من فائدة للقيام بالأمور التي تذكرنا بفقدهم، كما بيَّن لي أبنائي، جزء من الحزن هو تقدير الذكريات مقروناً ببناء خبرات جديدة في الوقت نفسه.

حين أعلنت إحدى الجارات عن حاجتها لاقتراض عكاز للمشي لأحد الأصدقاء، قالت ابنتي: "لنعطِها العكاز الخاص بأبي"، وحين أراد أحد الأقارب سيارة لأجل ابنته التي ستحصل على رخصتها قريباً، أعطيناه مفاتيح السيارة.
يساعدنا القيام بأمور لمساعدة الآخرين على الشعور بالتحسن، بينما لا تفعل الأشياء التي تضايقنا ذلك، علينا أن نختار.

5- الأشخاص يقولون العبارات الخاطئة؛ لذا ساعدهم
يسبب الموت شعوراً بعدم الراحة للكثيرين، ويدفعهم أحياناً للتفوه ببعض العبارات المريعة.

مثلما جرى حين قابلت ابنتي مدربها السابق في المكتبة، غير عالم بوفاة والدها، سألها عن أحواله، وإن كان سيشاهد تدريبات الربيع لأحد فرق البيسبول.
أخبرَت المدرب لماذا لن يحدث ذلك، واللحظة الصعبة المؤلمة التي نمر بها جميعاً.

إلا أنني شاهدتها وهي تبتسم للمدرب وتخبره بأن فوز الفريق ببطولة كأس العالم في أكتوبر/تشرين الأول الماضي جعل والدها سعيداً للغاية، وهو ما ساعد على القضاء على غرابة الموقف.

ما زلت أتلقى الرسائل الإلكترونية الموجهة لزوجي، أو يرن الهاتف سؤالاً عنه، مؤخراً أرسلت لنا إحدى شركات (التايم شير) دعوة لعرض تقديمي كان علينا حضوره. ضحكت لعلمي بما كان زوجي ليقوله: "بالطبع، تعالَ لأخذي".

– هذه التدوينة مترجمة عن النسخة الأميركية لهافينغتون بوست. للاطلاع على المادة الأصلية، اضغط هنا.

ملحوظة:
التدوينات المنشورة في مدونات هافينغتون بوست لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.

تحميل المزيد