يذهب بعض المؤرخين عند الحديث عن سقوط الدولة الإسلامية في الأندلس إلى تحميل زرياب المسؤولية كأحد أهم أسباب هذا السقوط، وهناك الكثير أيضا ممن يعارضون هذا الطرح ويعتبرونه تشويهاً لتاريخ هذا الرجل، فهل في هذا الاتهام تجنٍّ على هذه الشخصية المثيرة للجدل؟
للحكم في هذه المسألة سأقوم بتجربة إسقاط الماضي على الحاضر، ولكن قبل ذلك من هو زرياب؟ ولماذا ألصقت به هذه التهمة؟ زرياب باختصار شديد لمن لا يعرفه هو موسيقي ومغن عاش في بغداد في العصر العباسي ثم انتقل منها إلى الأندلس؛ حيث لمع نجمه هناك وقام بتعليم الغناء لعدد كبير من تلامذته والجواري، وأسس معهداً للموسيقى كأول مدرسة من نوعها في العالم العربي والإسلامي، ولذلك يتهمه البعض بأنه غير المزاج العام للناس وصرفهم عن الدين وتعاليمه وقيمه إلى سماع الأغاني وتعلم العزف والطرب فضعفت الدولة لضعف الوازع الديني حتى سقطت في النهاية.
وبالعودة إلى الحاضر نجد أنه لا يكاد يخلو منزل في وطننا العربي من زرياب فيه، أو على الأقل من شخص يطمح إلى أن يصبح يوماً ما زرياباً مشهوراً يطارده المعجبون حيثما حل، ناهيك عن التعلق الكبير الذي وصل إلى حد الجنون في الكثير من شبابنا بهؤلاء الزراريب المنتشرين كالجراد، فهذه متيمة بعمرو زرياب وهذا يتسلطن لسماع جورج زريوب، وتلك تبكي بحرقة كلما سمعت نانسي زريب،
وكأن محبة هؤلاء أصبحت ضمن الحالات السبع التي سيظلها الله بظله يوم لا ظل إلا ظله. فهل انتهى الأمر عند هذا الحد؟ للأسف كلا، وكأن فضائياتنا المحترمة لم تكتفِ بوجود هذا الكم الهائل من الزراريب في الوطن العربي فأمطرونا بوابل من البرامج التي تعمل على هدف موحد ألا وهو تفريخ أكبر عدد ممكن من الزراريب مع تغيير اسم البرنامج في كل مرة مثل زرياب ايدول وزرياب فاكتور وزرياب أكاديمي…….. إلخ،
ومرة أخرى لم تنتهِ المسألة عند هذا الحد، فلم يسلم الأطفال من عملية زريبة الأمة فكان لهم نصيب من هذه البرامج فهم عماد المستقبل فما أجمل أن يكون عماد أمتنا زرياباً، إذا ما هي النتيجة بعد كل هذا؟ الجواب ببساطة دول عربية ساقطة، شباب ساقط، إعلام ساقط. فهل فعلاً ساهم زرياب بشكل أو بآخر في سقوط الأندلس؟ بالنسبة لي الجواب هو نعم، فقد سقطت الأندلس وسقطنا نحن أما زرياب فهو باق ويتمدد.
ملحوظة:
التدوينات المنشورة في مدونات هافينغتون بوست لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.