كان لظهور القرآن في القرن السابع الميلادي الأثر المرجح للدعوة المحمدية، وكان من الأمور المعجزة التي أيّد الله بها نبيه الكريم، وجعل له اليد الطولى على باقي قبيلته، الذين أصابهم اللفظ المحكم للقرآن الكريم بالذهول؛ حيث تروي لنا الكتب أن الوليد بن المغيرة بن عبد الله بن عمر بن مخزوم قال: والله لقد سمعت من محمد آنفاً كلاماً ما هو من كلام الإنس ولا من كلام الجن إن له لحلاوة وإن عليه لطلاوة وإن أعلاه لمثمر وإن أسفله لمغدق، وإنه يعلو وما يعلى عليه.
من هنا دارت العرب والتفت حول الكلام الذي أعجزها وهي من هي بالبلاغة والفصاحة، وأضحى القرآن أحد أكبر أسباب حفظ اللغة العربية من الاندثار، وأصبح قاموس قواعدها ومرجع البلاغة والفصاحة.
لم يكتفِ القرآن الكريم بذلك، بل حوى داخله عالماً من الإعجاز ما زلنا نغرف منه وسنبقى حتى يأذن الله برفعه من صدور العالمين.
من هنا، فأنا أؤمن أن العلم أبداً لا يتعارض مع القرآن الكريم، وأن كتابنا المُعجز يحوي بين دفَّتَيه العلم الحق، شاء مَن شاء، وأبى مَن أبى.
وفي قراءتي المتأنية لفواتح سورة السجدة، وتحديداً للآيات الكريمات (7 و8 و9) وجدتُ أن الله تبارك وتعالى قد أخبرنا وبشكل واضح وجلي، أن سيدنا آدم لم يأتِ بالصورة التي تناقلتها الإسرائيليات، بل كان نتيجة لأمور سبقته وقد شرحها قرآننا بوضوح وتسلسل منطقي.
يقول الله في محكم تنزيله: "الَّذِي أَحْسَنَ كُلَّ شَيْءٍ خَلَقَهُ وَبَدَأَ خَلْقَ الْإِنسَانِ مِن طِينٍ * ثُمَّ جَعَلَ نَسْلَهُ مِن سُلَالَةٍ مِّن مَّاء مَّهِينٍ * ثُمَّ سَوَّاهُ وَنَفَخَ فِيهِ مِن رُّوحِهِ وَجَعَلَ لَكُمُ السَّمْعَ وَالْأَبْصَارَ وَالْأَفْئِدَةَ قَلِيلاً مَّا تَشْكُرُونَ" صدق الله العظيم.
من هنا نرى بوضوح لا يقبل الشك أن بداية الإنسان كانت من طين، ثم، ولاحظوا معي الاستخدام المُعجز لـ(ثم)، التي تعطي معنى التراخي في الوقت، بعد مرحلة الطين تأتي مرحلة أخرى، يتم تزاوج ذلك الإنسان واستمرارية نسله عن طريق ذلك الماء المهين (وهو المعروف بالمني)، ثم، أي بعد وقت غير محدد، تتم مرحلة التسوية، والنفخة المقدسة، التي خص الله بها سيدنا آدم دوناً عن كل العالمين؛ حيث نفخ فيه من روحه، قبل أن يهبه حواسه المعروفة من سمع وبصر وبصيرة وشعور، فتبارك الله أحسن الخالقين.
وبتسلسل رياضي أقول إن الآية الكريمة قد قدمت لنا التالي فيما يخص موضوع الخليقة:
1- بدء خلق الإنسان من طين.
2- تكاثر ذلك المخلوق من الطين وتزاوجه بطريقة النكاح المعروفة لنا الآن.
3- التسوية.
4- نفخ الروح (وأؤكد هنا أن المعنيَّ بالنفخة هو آدم عليه السلام).
5- تكوّن الحواس المعروفة لنا.
وأنا، إذ كنتُ لا أدري تسمية ما روته الآية الكريمة (إن لم يكن تطوراً)، فإنني أدعو لعدم التشكيك بقرآننا العظيم وعدم الإساءة له بادعاء أن ما يثبت علمياً لا يوافق نصوصه الكريمة.
دُمتم بعلم وخير وفائدة.
ملحوظة:
التدوينات المنشورة في مدونات هافينغتون بوست لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.