لماذا تريد النساء إنقاذ العالم؟

تحصي طفلتي دائماً عدد الفتيات الخارقات اللائي يظهرن بالتلفاز، ولسوء الحظ، لا يزال عدد الإناث اللائي يقدمن أدوار البطولة الحركية في أفلام كارتون الأطفال أقلّ، رغم أن الواقع المعيش -لحسن الحظ- ليس هكذا

عربي بوست
تم النشر: 2017/03/17 الساعة 07:20 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2017/03/17 الساعة 07:20 بتوقيت غرينتش

تحصي طفلتي دائماً عدد الفتيات الخارقات اللائي يظهرن بالتلفاز، ولسوء الحظ، لا يزال عدد الإناث اللائي يقدمن أدوار البطولة الحركية في أفلام كارتون الأطفال أقلّ، رغم أن الواقع المعيش -لحسن الحظ- ليس هكذا.
كان شعار اليوم العالمي للمرأة هو "كوني جريئة من أجل التغيير"، ولا يوجد تغيير مطلوب أكثر من إيقاف التغير المناخي؛ ففي عالم محتبس حرارياً، لا أحد يفوز.

وطالما كانت النساء في طليعة الحركة البيئية. ربما لم يكن لديهن دائماً أدوار بارزة، لكنهنّ من حيث الفعل كُنَّ من ينهض ويتطوع ويحدث الفارق، إنني أؤمن بهذا لثلاثة أسباب بسيطة:

السبب الأول: أننا نراه، والثاني: أننا نهتم، أما الثالث: فهو أننا نلتحم ونفعل ما ينبغي القيام به.

فمن يريد المدن التي يزيد فيها نسبة التلوث في الهواء لدرجة تجعلك لا تستطيع أن تترك أطفالك ليلعبوا في الخارج خوفاً من إصابتهم بنوبة ربو؟ أو من يرغب في أن تكون البحار دافئة للغاية لدرجة تجعل قناديل البحر تغطي شواطئنا؟
ينظم ائتلاف التغير المناخي (The Climate Change Coalition) كل عام حملة "أظهروا الحب" (Show the Love)؛ لكي يسلط الضوء على الأشخاص والأماكن التي نريد حمايتها من الاحتباس الحراري. تكون الأغلبية الساحقة من الأشخاص الذين يستضيفون الفعاليات ويصنعون ويتبادلون القلوب الخضراء وينهضون لدعم الائتلاف- هم من النساء. لقد شاهد ما يقرب من 7 ملايين شخص الفيديو في غضون أسابيع قليلة! ومن بين الفعاليات التي بلغ عددها أكثر من 600 فعالية، نظمت النساء الرائعات من معهد المرأة (Women's Institute) 400 فعالية منها. لقد تحقق هذا النجاح الباهر بسبب الالتزام غير المرئي الذي أبدته النساء حول البلاد، فهنَّ اللائي يرغبن بغريزتهن في حماية حياة أحبائهن من التغير المناخي.

إنها القصة ذاتها على الصعيد العالمي، فقد البت الأمم المتحدة، خلال اتفاقية باريس التاريخية، من كريستيانا فيغيريس أن ترأس المؤتمر، التي نجحت عندما وقعت الدول المصدرة للنفط على الحد من استهلاك الوقود الحفري. وأيضاً عندما توقفت كل من ماري روبنسون و هيلين كلارك عن شغل منصبيهما: رئيسة آيرلندا ورئيسة وزراء نيوزيلندا، على التوالي، وكلتاهما اختارت أدواراً لدعم اتخاذ إجراءات تجاه التغير المناخي عوضاً عن دائرة الأحاديث المربحة. ولكن لماذا فعلتا ذلك؟

وفقاً لما أبرزته الشبكة البيئية للمرأة، فإن تأثيرات الاحتباس بالعالم تؤثر على المرأة بصورة غير متناسبة؛ لأنهن أقل قدرة على الهرب عندما تحل الكوارث. ويكمن السبب في افتقار الوصول إلى التمويل وأدوارهن في الاعتناء بالضعفاء والصغار والكهول الذين لا يستطيعون السفر. إنهم محاصرون فعلياً بسبب ارتفاع مستويات مياه البحار، أو المحاصيل الهالكة، أو الأعاصير التي تدمر منازلهم.

لذا، حسبما يذكرنا الطقس الغريب أحياناً: يكمن السباق في معالجة إدماننا النفطي، والنساء هن في طليعة القضية.
لدينا على الصعيد السياسي في المملكة المتحدة، ماري كراي، عضوة البرلمان ورئيسة لجنة المراجعة البيئية، التي تستمر في تسليط الضوء على فشل وزارة المالية فيما يتعلق بتجاهل مصروفات التغير المناخي واستمرارها في دعم صناعات الغاز والنفط. وأيضاً كارولين لوكاس، وهي أول عضوة في برلمان المملكة المتحدة من حزب الخضر.

لسوء الحظ، يعتبر عدد النساء الكبيرات في مجال الطاقة بالأمم المتحدة قليلاً للغاية، إذ يبلغ عدد من يشغلن مناصب في المجالس التنفيذية بين 2% و6% (حسب الاستطلاع الذي ستعتدون به)! يوجد استثناءات: إذ إن قائمة قوة المرأة لعام 2017 تضمنت جولييت دافنبورت، من شركة جود إنرجي، وليندزي مكويد، من شركة سكوتيشباور رينوابل، إلا أنهن قليلات ومتباعدات.

يكمن سبب الحساسية الشديدة لأن ينافس هذا المجال التغير المناخي- في أن الأغلبية العظمى من الانبعاثات الكربونية التي تسبب فيها الإنسان تُشتَق من الطاقة. فهل من المصادفة أن شركات الغاز والنفط بطيئة في الانخراط انخراطاً ذا معنى، عن طريق التوصل إلى بدائل للوقود كي تكفل تحولاً سريعاً نحو اقتصاد منخفض الكربون؟ إذا كان كثير من النساء مسؤولات في شركات الطاقة، هل ستكون قراراتهن الاستثمارية شديدة التخندق؟
لقد حان الوقت لأن نضع هذه القضية في مقدمة حياتنا، لقد حان الوقت أن نضعها في منازلنا ومجتمعاتنا وفي عملنا؛ إذ إن المداهنة التي تُولَى إلى التغير المناخي- هي المكافئ للعب الروليت الروسي بمستقبلنا ومستقبل أطفالنا، وكلما نؤجل الأمر يتعاظم الضرر.

بيد أن ثمة أملاً، فالتكنولوجيا والمعرفة لمجابهة التغير المناخي موجودة، والأهم أن التكنولوجيا النظيفة يمكن الاعتماد عليها ويمكن تحملها. ولا يبقى أي شيء مفقوداً سوى عزيمة التغيير. وهنا يكمن الحيز الذي يمكن للمرأة أن تؤثر فيه على الشركات عبر سلطتهن الجمعية والإقرارات المالية. فإذا اشترى كل شخص سيارة كهربائية، سينخفض الطلب على النفط وستتبدل جودة الهواء. يمكن للنساء أن يصرن موردات للطاقة الخضراء، وأن يعزلن منازلهن، وأن يتجنبن الرحلات الطويلة؛ إذ إنهن المسؤولات عن أغلبية القرارات الاستهلاكية.

وبنفس درجة الأهمية، يمكن أن يخبرن أصدقاءهن: ففي عوالم مواقع التواصل الاجتماعي، تعتبر التوصيات وآراء العملاء شيئاً رئيسياً وقوياً للغاية. يمكن للنساء أيضاً أن يستخدمن شبكاتهن لإجراء محادثات، على سبيل المثال محادثات عن تنظيم خطة طعام للمجتمعات الضعيفة، أو إقامة مبادرات للمشاركة في السيارات، أو تنصيب ألواح شمسية فوق أسطح المدارس، وعليه تزيد مرونتنا عندما تحل العاصفة القادمة.

لا يمكن أن يكون السباق من أجل اقتصاد منخفض الكربون والجائزة لتطبيقه أعظم من ذلك. والنساء في حاجة، أكثر من أي وقت مضى، إلى أن يكنّ باسلات من أجل التغيير؛ لأن النساء هن اللائي سيتحملن وطأة الدمار المناخي، وهن أيضاً اللائي يمتلكن القوة للتغيير إلى عالم أنظف وأشد اخضراراً.
تقول عالمة الأنثروبولوجيا الأميركية مارغريت ميد "لا تتشككوا أبداً في أن مجموعة صغيرة من الأشخاص ذوي الأفكار والالتزام يمكنهم أن يغيروا العالم. فمن المؤكد أن هذا هو الشيء الوحيد الذي يحدث دائماً".

ـــــــــــــ
تدير النسخة البريطانية من هافينغتون بوست مشروعاً لمدة شهر خلال مارس/ آذار يسمى "النساء في كل مكان". يوفر المشروع منصة تعكس المزيج المتنوع لتجارب وأصوات النساء في بريطانيا بالوقت الحالي.
من خلال المدونات والمقالات والفيديوهات، سوف نستكشف القضايا التي تواجه المرأة فيما يتعلق بالسن والأصل العرقي والمكانة الاجتماعية والهوية الجنسية والنوع. إن أردتِ أن تدوّني عبر منصتنا حول هذه الموضوعات، يمكنكِ مراسلتنا على البريد الإلكتروني

ukblogteam@huffingtonpost.com

– هذه التدوينة مترجمة عن النسخة البريطانية لـ"هافينغتون بوست". للاطلاع على المادة الأصلية، اضغط هنا.

ملحوظة:

التدوينات المنشورة في مدونات هافينغتون بوست لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.

تحميل المزيد