هل السلع الرخيصة محل ثقة؟ هذا ما يجب أن تعرفه

صناعات الشاي والبن والكاكاو جميعها مربحة للغاية، ولكن كيف لا تكسب الغالبية العظمى من مزارعي هذه السلع الحد الأدنى من العيش الكريم؟

عربي بوست
تم النشر: 2017/03/15 الساعة 08:02 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2017/03/15 الساعة 08:02 بتوقيت غرينتش

جميعنا يعشق السلع الرخيصة، ولكن متى تكون أرخص من أن نثق فيها؟ عندما تُفضَح التكلفة البشرية للسلع الرخيصة، فماذا يكون قرارنا؟ في حملة Fairtrade Fortnight، رسالتنا للمُستهلكين بسيطة على أهميتها: لا تشجعوا الاستغلال.

كم مرة نشغل بالنا بالمكان الذي يأتي طعامنا منه؟ كم مرة نفكر بشأن مَن يزرعه؟ ما هي طبيعة حياتهم؟ هل نتساءل عما إذا كانوا يتقاضون رواتب مجزية مقابل عملهم الشاق؟

استطلعنا الرأي العام البريطاني ووجدنا أن ربع البريطانيين لم يضعوا في اعتبارهم قط حال المزارعين والعمال الذين ينتجون طعامنا وشرابنا؛ فما يقرب من 17% لم يفكروا أبداً فيما إذا كان هؤلاء يعملون في أوضاع استغلالية أم لا.

إذا لم نسأل عن منشأ السلع التي نستهلكها بشكل يومي، كيف لنا أن نعرف أننا لسنا جزءاً من المشكلة؟ وأننا لا نشجع الفقر؟

في هذا الفيلم الجديد المثير للجدل الذي أطلقته حملة Fairtrade Fortnight، نريد أن نلفت نظر الناس إلى التفكير الجاد في هذا الأمر، ومع أنَّ هذا الفيلم خيالي، فالواقع أكثر صدمة.

صناعات الشاي والبن والكاكاو جميعها مربحة للغاية، ولكن كيف لا تكسب الغالبية العظمى من مزارعي هذه السلع الحد الأدنى من العيش الكريم؟ 1 من كل 3 أشخاص في المناطق التي تزرع البن والشاي في كينيا يعيشون في فقر، ويعمل أكثر من مليونَي طفل في ظروف خطيرة في غينيا وكوت ديفوار، ويعيش مزارع الكاكاو في هذه المناطق الأخيرة على نصف دولار في اليوم.

العديد من كبرى الدول المنتجة للبن في العالم يعيش أكثر من 10 في المائة من سكانها على أقل من 1.90 دولار في اليوم – وهذا لا يرقى إلى حد خط الفقر المدقع الذي حدده البنك الدولي.

حوالي 30٪ من الأسر في جنوب مالاوي، وهي منطقة زراعة شاي رئيسية، يعيشون في فقر، والنصف الآخر لا يملك ما يكفي من الغذاء، النتائج المترتبة على الدخل المنخفض مدمرة، ربما يُرسل الأطفال إلى العمل بدلاً من المدرسة، والأسر لا تقدر على تلبية الاحتياجات الأساسية من الغذاء أو الرعاية الصحية، ويضطر الكثير منهم للعمل في ظروف سيئة.

إذا لم تكن مررت بتجربة أو رأيت الفقر المدقع بأمِّ عينيك، فهذا شيء من الصعب جداً تصوُّره. هل السبب هو أننا نعتقد أن هذه المشكلات خارجة عن سيطرتنا أم أنها شديدة البُعد عنَّا؟ و"البعيد عن العين بعيدٌ عن القلب"، كما يقولون.

نحن لا نؤمن بذلك، في هذا العام، رأينا التزام الجمهور تجاه المزارعين الذين يكافحون من أجل سد رمقهم، بسبب شراء منتجات Fairtrade، المبيعات آخذة في الارتفاع، ونتيجةً لذلك، يساعد المستهلكون على ضمان حصول 1.6 مليون من المزارعين والعمال على مستوى العالم على أجور عادلة.

مع مرور الوقت، يتراكم أثر الأعمال الفردية، وهذا الدعم يعمل على تغيير المجتمعات في جميع أنحاء العالم كل يوم، يبرهن نجاح حركة Fairtrade على أننا جميعاً يمكننا أن نحدث فرقاً.

في مالاوي، الزراعة هي المحرك الاقتصادي الرئيسي، لكنها لا تزال واحدة من أفقر دول العالم، البنية التحتية وخدمات الصحة الأساسية والتعليم ضعيفة في المناطق الريفية.

تعاونية Sukambizi Association Trust تتكون من 9000 عضو من صغار المزارعين، قبل Fairtrade كان الناس يضطرون إلى السفر لمسافة 40 كم للوصول إلى أقرب مستشفى مع عدم وجود وسائل نقل بديلة، وتعرضت العديد من النساء للمخاطرة بحياتهن بولادة أطفالهن في المنزل.

وبفضل Fairtrade، كان المجتمع قادراً على الاستثمار في مستوصف ولادة القرية وسيارة إسعاف، والآن يولد 400 طفل بأمان هناك كل عام، والأطفال المرضى يتمكنون من الحصول على الرعاية التي يحتاجون إليها، بالإضافة إلى ذلك، تمكَّنت تعاونية Sukambizi من بناء مدرسة ابتدائية محلية وتمويل مشاريع لزيادة الطاقة الشمسية.

في هذه المنطقة، التنمية المستمرة غير مستقرة وقبل بضع سنوات فقد ستة من أعضاء Sukambizi حياتهم في الفيضانات التي دمرت أرزاق الناس. وقفت Fairtrade إلى جانب المجتمع وجمعت الأموال لإعادة زراعة المحاصيل التي دُمرت، لكن للأسف دمَّر الجفاف أراضيهم في السنوات اللاحقة، واتحدت آثار تغير المناخ جنباً إلى جنب مع تراجع مبيعات الشاي ضدهم لتدفعهم إلى أكثر مما يحتملون، إنَّه واقع يعيشه الكثير من مزارعينا.

بعد سنوات من تحسين حياتهم عبر الاستثمارات المتحققة من مبيعات Fairtrade للشاي، يكون أمراً بالغ الحزن أن ترى الناس يسقطون في براثن الفقر مرة أخرى، ونتيجة لذلك فإن المجتمع يبيع شاياً أقل في سوق Fairtrade، ولا يحصلون على أسعار جيدة من التجار الآخرين، وهذا يعني أنهم لا يستطيعون الاستثمار في الكهرباء، وتنقية المياه الجارية، أو دعم التعليم لجيل القادم، وكلها أمور نتعامل معها نحن على أنَّا حقوق مُسلَّمٌ بها.

هذا هو الواقع بالنسبة لغالبية كبيرة من مزارعينا، وهي دليل على أنَّنا نحتاج من الشركات والمستهلكين أن يتوقَّفوا قليلاً ويفكروا في الأثر البالغ الذي تُحدِثه "السلع الرخيصة".

التغيير يحدث، ولكنَّه ليس حلاً فورياً؛ فلا يجب أن نتراخى، نحن نعمل في عالم متقلب جداً، يدفعنا لأن نصبح انعزاليين على نحو متزايد حين نُركِّز على مخاوفنا الداخلية وتأثير القرارات المهمة التي تصنع في لندن، وبروكسل، وواشنطن، ومع ذلك، يجب ألا ننسى أننا جزء من عالم أوسع.

لطالما كانت حملة Fairtrade Fortnight داعياً للاحتفال تعبيراً عن شكرنا للذين يعملون بجد حتى نتمكن من الاستمتاع بالشوكولاتة، والفواكه، والسكر، والشاي، والبن التي نستهلكها كل يوم، ولكن ثمَّة رسالة خطيرة وراء كل هذا المرح، نحن نعتمد على هؤلاء الناس، كما يعتمدون هم على التجارة معنا. إنهم يستحقون مقابلاً عادلاً لعملهم الشاق، يجب ألا نسمح بالاستغلال، وعمالة الأطفال، أو استمرار دفع أجور أدنى من حد الفقر، يجب أن نطالب الشركات بمزيد من الشفافية، وإحدى الطرق لنفعل ذلك هي ضمان حصولهم على أسعار أكثر عدلاً مقابل سلعهم، وظروف عمل أفضل، والاستثمار في مجتمعاتهم، هذا هو السبب في أننا نريد من الناس اختيار Fairtrade.

يمكنك معرفة المزيد من التفاصيل عن حملة Fairtrade السنوية وكيف يمكنك دعمها من هنا.

– هذه التدوينة مترجمة عن النسخة البريطانية لهافينغتون بوست؛ للاطلاع على المادة الأصلية، اضغط هنا.

ملحوظة:

التدوينات المنشورة في مدونات هافينغتون بوست لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.

تحميل المزيد