الاسلام المظلوم بالمسلمين

إسلامنا الداعي إلى البناء والعمل ونشر العلم والمحبة والعدالة قد تحول في ليلة ظلماء إلى دكاكين تبيع الكراهية والتفرقة بحجة أن الإسلام دين عزة واستعلاء، تحتقر الشعوب الأخرى وتستبيحهم وتستبيح أملاكهم، وتستخف بتاريخهم ومعتقداتهم؛ بل حتى طريقة تفكيرهم وطريقة لباسهم

عربي بوست
تم النشر: 2017/03/05 الساعة 02:31 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2017/03/05 الساعة 02:31 بتوقيت غرينتش

ظهر الإسلام في بدايات القرن السابع الميلادي (نحو 609م) بمنطقة منعزلة جدباء، لطالما بقيت خارج الحسابات الاستراتيجية للإمبراطوريات، التي كانت تتنازع الأراضي الخصبة والمتحكمة في خطوط المواصلات والعقود التجارية. لم يكن العرب حينها دولة واحدة، ولو لم يكن لهم ذلك الطموح لفعل ذلك.

فقد كانوا عبارة عن مجموعات من القبائل المتناحرة، فرضت عليها البيئة المُحيطة أن تتنازع على أراض غير خصبة بموارد محدودة جداً، لا يجمع بينها إلا اهتمامات البداوة الأولى من فروسية وفصاحة وتباهٍ برؤوس الأنعام.

حدّد النبي الكريم مهمته الأولى بقوله (إنما بُعثت لأتمم مكارم الأخلاق)، أما رب العزة فقد نبّه الرسول إلى أن مهمته تكمن في (إنما أرسلناك هادياً ومبشراً ونذيراً).

أما السلف الكريم، فقد شمّر عن سواعده، وفهم أنه قد أوكلت إليه مهمة جليلة، تكمن في نشر الدين الجديد وإقامة نظام عالمي جديد تسوده العدالة التي أصر النبي الكريم على ترسيخها.

استمر ذلك الدفق العاطفي أجيالاً عدة، وخرج العرب من جزيرتهم لينساحوا بعيداً، وسرعان ما تساعدوا مع أمم الأراضي المفتوحة ليبنوا إمبراطورية جمعت أغلب الأمم المعروفة في ذلك الوقت، في نسيج تعاونت فيه كل المكونات لتبدع حضارة سادت قروناً عدة.

أمم لا يجمعهم شيء، اللهم إلا السلطة الحاكمة، التي بدورها سرعان ما فوضت لممثليها المحليين إدارة شؤون تلك المناطق.

من هنا، نجد أنه لم يكن يخطر على بال أحد أن يتحول هذا الدين العظيم، الذي حوى بين جنباته كل مقومات القوة والاستمرارية، لم يكن يخطر حتى على بال أعدائه أنه سيتحول يوماً ما إلى ما هو عليه الآن.

فإسلامنا الداعي إلى البناء والعمل ونشر العلم والمحبة والعدالة قد تحول في ليلة ظلماء إلى:
– دكاكين تبيع الكراهية والتفرقة بحجة أن الإسلام دين عزة واستعلاء، تحتقر الشعوب الأخرى وتستبيحهم وتستبيح أملاكهم، وتستخف بتاريخهم ومعتقداتهم؛ بل حتى طريقة تفكيرهم وطريقة لباسهم. بل والأنكى من ذلك، تطرح فكرة أنه من المستحيل التعايش مع اختلافاتهم، وأنهم ما خلقوا إلا لخدمة حَمَلة الدين القويم، أصحاب الفرقة الناجية.

– رجال دين، همهم الوحيد تسخيف عقول العامة وحشوها بترهات وخرافات وحواديت لا تفيد، اللهم إلا بتخدير طويل الأمد وسلب إرادة وتجهيل منظم. كل ذلك لكسب مجد شخصي يعوم على فقاعات من الجهل، وأشخاص مغيَّبون منقادون دون رأي أو إرادة.

– سلاطين قد غرقوا في متع الحياة التي يعيبونها على منابرهم، ويدعون الناس للزهد بها والاقتناع بما ينتظرهم في حياتهم الأخرى؛ ليصرفوا نظر الجمهور عن السلطة ويحاولون إقناع الجميع بأنهم مؤيَّدون بذلك التفويض السماوي الذي جعل طاعتهم من طاعة الله ورضاهم من رضاه.

– أحاديث تمجد الجنس، وتفرد له الحصة الأكبر من الشرح والمعالجة والتشريح، وتحصر الرجولة في منطق الفحولة. وتقسم المجتمع إلى فئة متفوقة بدنياً وعقلياً ودينياً، وفئة فُرض عليها الطاعة العمياء والانقياد، فخنوعها نوع من أنواع الطاعة، وإطلاق عقلها نوع آخر من أنواع الهرطقة غير المرغوب فيها على الإطلاق.

فلله در هذا الإسلام الذي ابتلي بنا، وبمسلمين أضاعوا دينهم وأنفسهم، وغرقوا في بحر الظلمات والجهل والفوضى.

ملحوظة:
التدوينات المنشورة في مدونات هافينغتون بوست لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.

تحميل المزيد