أين قلبي؟

القلب هنا هو العقل، ومكانه بالمخ، وسلامة القلب في سلامة ما يحويه العقل من منظومة المعتقدات والقناعات والقيم والمبادئ التي تخزن في خلايا المخ بالدماغ.

عربي بوست
تم النشر: 2017/02/27 الساعة 01:09 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2017/02/27 الساعة 01:09 بتوقيت غرينتش

لأن فهمي وفهم الناس محدودان، أما العلم فهو واسع ودائم النمو والتطور، وإيماني واعتقادي اللذان لا يتزعزعان أن النص في الكتاب وصحيح السنة لن يصطدم أبداً بالواقع؛ لأن الوحي كلام رب العالمين، والواقع من خلق رب العالمين.
الخطأ في فهمنا وإدراكنا.

ففهمي الذي يحتمل الصواب والخطأ يقول:
القلب عضلة تضخ الدم في الجسم، ولها وظائف محددة ومعروفة للمتخصصين، ولا علاقة لعضلة القلب بالتفكير ولا الذاكرة ولا التدبر ولا العقل ولا العواطف ولا الحب ولا الكره ولا الحنان والرحمة.

كل ذلك يتم في الدماغ بواسطة المخ وما به من مليارات الخلايا لتشغيل ذلك.

وهنا لابد أن أشير إلى الآتي:

1- هناك فارق بين النص، وبين دلالة ومفهوم النص.
فالقلب والصدر ألفاظ تطلق في الكتاب والسنة للإشارة إلى الباطن الخفي في الإنسان والنوايا مثل ما ورد في قوله تعالى: "ولكن تعمى القلوب التي في الصدور"، وقوله: "إلا مَن أتى الله بقلب سليم"، وقوله: "وحصل ما في الصدور"، وما ورد في الحديث: "أشار إلى صدره وقال: ألا وهي القلب".

فلا يأتي الرد على كلامي بهذه الآيات؛ لأنني أختلف مع المخالف في فهم معنى اللفظ، ولا أختلف في وجود اللفظ.

القلب هنا هو العقل، ومكانه بالمخ، وسلامة القلب في سلامة ما يحويه العقل من منظومة المعتقدات والقناعات والقيم والمبادئ التي تخزن في خلايا المخ بالدماغ.

2- لا يقول أحد هذا الكلام مخالفاً للنص، فليس هناك نص يقول "عضلة القلب محل التفكير والتدبير والعقل والحب والكره"، هذا هو النص وهو غير موجود.

الموجود لفظا القلب والصدر، وكل من سبق من العلماء تصوروا أنه عضلة القلب، ولم يكن هناك مانع لفهمهم وتصورهم.

أما الآن فقد ظهر المانع من هذا التصور، وهو تغيير قلوب الناس واستبدال قلب إنسان بقلب إنسان آخر مع ثبات علومه ومعتقداته وعواطفه، وهذا علم حديث جداً؛ لذلك لا بد من إعادة النظر في فهمنا القديم والموروث.

3- ليس من الحكمة الاصطدام بالعلم الحقيقي والواقع من أجل الدفاع عن فهمنا القديم المعذور فيه السلف الصالح، بالعكس فتجديد وتصحيح المفاهيم سمة من سمات المؤمنين، ومنهج السلف الصالح.

4- آلاف عمليات نقل القلب تتم ولا تتغير عقيدة الإنسان ولا عواطفه، ولا عقله ورصانته، ولكن فقط بمجرد أن يصاب بشيء في مخه فينقلب رأساً على عقب في تفكيره وقدرته على التدبر بل قد يفقد عقله!
إذاً أين العقل والتفكير؟!

إنهما في الدماغ، ولكننا نخشى تغيير المفاهيم، ونعجز عن التفرقة بين الثوابت والمتغيرات.

5- كل مَن يقول هناك علماء وتجارب وتحاليل ميكروسكوبية.. إلخ تدل على أن التفكير والتدبير في القلب واهمون (من وجهة نظري، والوهم بمعنى الخطأ) ويستندون إلى أخبار علمية زائفة تتناولها الصحف الأجنبية والعربية والمواقع الإلكترونية للترويج وجذب الانتباه.

فقط العلم يكون بذكر اسم الجامعة والمقال منسوب لها على موقعها الرسمي مثلاً، وتقول فيه ذلك، أو ذكر اسم عالم متخصص نعرفه ونعرف كيف نصل إليه.

6- الكلام العلمي أن أقول الدكتور مجدي يعقوب وأقول معهد القلب بأسوان، وأعزو لمقالاته ولقاءاته. هذا هو الكلام الذي أطمئن إليه علمياً؛ لذلك أنشره لكم، وفي هذا الفيديو نرى العالم الأميركي الكبير المتخصص واسمه (جوناثان هافت) بكلية الطب جامعة ميتشيغان وهو من أجرى الجراحة الواردة في الفيديو المرفق، للشاب الأميركي واسمه (استان) وهو مسجل علمياً ودولياً كأول إنسان يتم استئصال قلبه تماماً ويركب له جهاز خلف ظهره مثل حقيبة (pack back)؛ ليؤدي وظيفة القلب، وقد تمكن (استان) من مغادرة المستشفى ليعيش حياة شبه طبيعية شهوراً لحين الحصول على قلب يوافق جسده ليزرع له، الشاب يتكلم ويفكر ويعتقد ويحب ويكره دون أي تغير في هذه القدرات، مع أن قلبه قد تم نزعه ودفنه، والحمد لله رب العالمين.

لذلك أؤمن وأعتقد أن العقل والتدبير والتفكير والعقائد والعواطف في الدماغ وفي المخ.

وأنصح حضراتكم بألا تجعلوا القرآن يصطدم بالواقع فتصدوا عن سبيل الله دون قصد وبحسن نية.
هذا والله أعلى وأعلم.

ملحوظة:
التدوينات المنشورة في مدونات هافينغتون بوست لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.

علامات:
تحميل المزيد