سأبدأ كلماتي بوصف الفئة التي سأتحدث عنها بأنهم قطعة مشوهة الزوايا والملامح من قطيع "الحمقى"!
لطالما علمت أنني حين أكتب أو أفكر فليس بالضرورة أن يوافقني الجميع، منطقياً إن سعيت لذلك فأنا أسعى للمستحيل، إن كانت كلمات المولى -عز وجل- نزلت منذ آلاف السنين، ولم يحدث أن اتفق على صدقها جميع من ينتمي لجموع بني البشر، فمن أنا العبد الضعيف الفقير للعلم لأسعى لإقناعك بأن ما أكتبه يستحق قراءتك وتفكرك والقليل من تأملك؟!
لن أدافع عن حروفي، ولا عن الجمل التي كتبتها بقناعة كُبرى مني، ولن أخوض حواراً عقيماً بمدى أهمية المواضيع التي تتخللها وتُناقشها مُجمل المقالات والنصوص التي أسعى جاهدة إلى أن تكون مفيدة؛ لأنني أحترم وأعلم أنها قد تكون مُفيدة بنظري وبزاوية تفكير تهمني، بينما تراها أنت سطحية مُهمشة تطفو بفقاعة على سطح اهتماماتك التي على الأغلب لا تهمني، ولكن أنت بدورك ما دورك؟
الفشل هو أن تحكم فعلاً على الكتاب من عنوانه، ألا تبذل أدنى جهد لتصفح أول صفحة على الأقل، والفشل الأكبر هو أن تُبدي رأيك بعنوان الكتاب، أليست هذه حماقة؟!
لو طلبت منك أن تُبدي رأيك بكتاب يُدعى (اليهود.. الموسوعة المصورة) دون قراءته أو حتى الاطلاع عليه، فكيف ستُبدي رأيك؟ أو مثلاً تأمل رواية "داغستان بلدي" دون قراءتها، فكيف ستتأملها؟ وإن فعلاً استطعت أن تُبدي رأيك وتأملك بتلك العناوين فما أنت سوى أحمق!
فإن استفزك عنوان ما فأنت أمام عدة خيارات، أهمها وأسهلها هو أن تتجاهل العنوان بما يحتويه من مفردات دفينة، أو أن يستفزك العنوان لقراءة السطور التي يترأسها، وفي كل الحالات صدقني لست مجبراً على التنمر وكسر قلم من كَتَب وفكر حتى وإن اختلفت معه بالفكرة والقلم.
وإن كنت سعيداً بتلك الإهانات التي تتطاير من مفرداتك المتنمرة فلا تنسَ أن تنتقي ما تكتب، فأنت تكتب والملائكة تكتب، ارتقوا بوجهات النظر، ارتقوا بالأسلوب الذي من شأنه أن يُسبب لكم لعنات دفينة، تذكروا أنكم تُمثلون بيتاً وشارعاً وشعباً وأمة بدين سماوي يحثكم على الإحسان!
لا تتنمر، ببساطة لا تتنمر.. فلا تعتقد أن عضلات لسانك التي تستعرضها على لوحة المفاتيح من وراء شاشة قد تُخيف أي قلم، بل على العكس، منتهى الضعف والهشاشة هو أن تُحارب على أرض شفافة، لا يراها أحد سواك، جنود المعركة أنت، والخصم أنت، وكل الأرض أنت، كفاك تنمراً.
لمَ تفضح جهلك؟ إن أبديت رأيك دون القراءة فمن قرأ سيعلم بأنك جاهل، أو بأنك قرأت شيئاً يختلف تماماً عن المكتوب، فما قولك بأن تخترع شبكة عنكبوتية أخرى، واخترع لغة جديدة، ولوحة مفاتيح كل حروف مفاتيحها هي نفسها حروف اسمك وحدك، واكتب مقالات تعبر عن رأيك، وأضف تعليقاتك التي تمدح مقالاتك، واختر لي عنواناً يُناسبك لهذا المقال!
وعِش بسلام نفسي مع رأيك وجهلك وعناوين كتبك، فإن كنت أحمق، فالله الغني عن قراءتك.. وشكراً لكل الحمقى الذين يسكنون كوكبنا، ويعيشون الحماقة بمنتهى الحرية، فأنتم ركيزة هذا الكون، وأنتم الاستثناء، ولولا النقيض ما كان للأصل معنى، فلولاكم ما كان المثقف أو العالِم موجوداً.
ملحوظة:
التدوينات المنشورة في مدونات هافينغتون بوست لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.