في زمن اللامنطق، كم من المهازل تُرتكب باسم الدين والتقوى! كم من الخطايا تُرتكب! وكم من المظلومين تحت دعاوى العدل الكاذبة!
كم تهدر الحقوق ويُختزل الدين في طقوس وشعارات رنانة يحتكرها البعض بدعوى حسبة قهرية، يظنون امتلاكها بحكم سن أو شهادة أو صفة أو اسم رنان!
كم نفوس تُقهر ومشاعر تُهمل وحقوق تنتهك تحت شعارات لا يرضى الله عنها ولا رسوله ولا يقبلها عقل أو منطق!
اتقوا الله وحكِّموا شرعه كاملاً لا انتقاءً، اتقوا الله وإياكم وكسر القلوب؛ فلم يأتِ الشرع ولا الدين بهذا وإن ادعيتم ذلك افتراءً.
شرعنا وديننا كله رحمة وعدل وإنصاف، إسلامنا يحوي ما يريح القلوب لا ما يوجعها؛ فحفظ النفس ليس حفظ أجساد وهياكلها فقط؛ بل حفظ النفس في جوهرها وروحها من الانكسار والقهر والذل والضعف.
حفظ المال، ليس بمنع سرقته فقط؛ بل من هدره فيما لا ينفع أو يوجع، وترشيد إنفاقه فيما يبني النفوس والعقول عملاً، لا مظاهر وأشكالاً.
حفظ الدين، ليس فقط فهم كتب العقيدة وترديد التوحيد وعبارات الألوهية؛ بل بفهمها واستشعار حب الله ورحمته والتزام أخلاق الدين قبل شعائره الشكلية، ودفع الناس إلى هذا بالرفق والحق لا دفعهم للبعد بالقهر والقسوة والتنفير.
حفظ العرض، ليس بأخذ أسباب ظاهرية لمنع الخطيئة وأوامر للتحذير منها وقرارات لغلق الأبواب؛ بل بتحري درء النفوس من الفتن، وأخذ أسباب كفايتها بالحلال، وصيانة النفوس بسترها لا بكسرها ومنع ما أحله الله بدعاوى قاصرة وعقول عقيمة لا تعي من الدين إلا شعاراته.
حفظ العقل، ليس بحشوه بنصوص الكتب، ولا منعه من التفكير والإبداع بقيود الانغلاق وخوف الزلل؛ بل بدفعه للتفكير والتمحيص، مع تحصينه بالعلم والفهم وإحاطته بأسوار اليقين بالله وحبه والثقة بحكمته مع تحري مواضعها كما تحراها نبي الله إبراهيم، فلم ينهره ربه؛ بل أجابه وطمأنه ليأتي عباد بعد آلاف السنين فيضيَّقوا ما أعطاه الله لعباده!
هذه مقاصد الشريعة التي بها تتشدقون كل يوم، فعن أي شرع تتحدثون؟! هذا ديننا وجوهره، فبأي دين تدينون؟!
اتقوا الله ولا تكونوا دعاة على أبواب جهنم بفعلكم وتحسبون أنكم تحسنون صنعاً، اتقوا الله فسوف تُسألون عما أفسدتم ولو حَملتم أعلى المناصب وأخذتم أرقى المسميات وكانت لكم أعلى المراتب عند الناس يسمعونكم ويقتدون بكم ويرجون رضاكم وينافحون عنكم. فوالله، إن بعضكم أضر على دينه من أعداء يحاربون الدين علناً ويتهمونه صراحةً؛ ففعلكم بآلاف الكلمات منهم.
ملحوظة:
التدوينات المنشورة في مدونات هافينغتون بوست لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.