هل لي أن أسافر قبل أن يسافر حلمي؟!

ي البداية.. ما هو السفر؟ أهو كما تصفونه لنا ترحال ممتع من تسوق إلى مناظر خلابة والاستلقاء على الشاطئ أم غير ذلك؟ ثانياً من ماذا تشكو البلد الذي أنا فيه لأفكر في الهرب منه للخارج؟ الحرب وتدني الأوضاع الاقتصادية والاكتظاظ السكاني أم أن هذا السفر نوع من التغيير والترفيه عن النفس لا غير؟

عربي بوست
تم النشر: 2017/02/01 الساعة 01:54 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2017/02/01 الساعة 01:54 بتوقيت غرينتش

تلك الأحلام التي تستلقي على أسرَّة أفكارنا، والتي دائماً تراودنا، تتبعنا ونحن ندور في دوامة الحياة، تزورنا فجراً عند بداية عجلة اليوم، وحتى قبل الانسداح في المضاجع، وقبل أن نملأ أجوافنا بالطعام، وبعد أن تتخدر أطرافنا من ثقل الطعام الذي استقر في الداخل ضاغطاً على الأجهزة الداخلية، لا سيما الجهاز التنفسي، فنشعر بالموت "اللذيذ" بعد وجبة لذيذة من الطعام، ولا ننسَ تلك الغفوة بعد العصر فيأتينا حلمنا، وكأنه ناجٍ من حرب أهلية (بيننا وبينه) يستنجد بنا فنفيق، وكأننا كهولاً قد أتممنا العقد الثامن من عمرنا.

ولكن ما هي تلك القوة التي تمتلكها أحلامنا فلا تيأس وتأبى أن تتركنا وتسافر؟!
ذلك الحلم الذي دائماً ما يستوقفني لأفكر في السبب الذي جعلني أُلحقه بقائمتي، التي أعنونها بـ(أحلام على حافة الواقع)، والتي أسعى دائماً للعمل بما فيها، فأجني الثمار بأسرع وقت.

وكأي فتاة في السادسة عشرة من عمرها كثرت الأهداف في القائمة، فمنها ما هو قريب المنال، ومنها ما يحتاج لوقت طويل لرسم حدوده على أرض الواقع، ولكن أحلم بأن أسافر!!
ما الذي كنت أفكر به حينما كتبت هذا الشيء الغريب؟ ما هذا الخيال الواسع الذي يحيط بعقلي؟ ولأكون أكثر تسامحاً مع نفسي سأبحث عن السبب الذي دفعني لكتابة هذا الهدف (الغريب نوعاً ما) بالنسبة للظروف التي أصبحت تعيش فينا لا تعيش معنا، فنتعايش معها ونجعل أحلامنا أيضاً تتعايش معها لا العكس.

في البداية.. ما هو السفر؟ أهو كما تصفونه لنا ترحال ممتع من تسوق إلى مناظر خلابة والاستلقاء على الشاطئ أم غير ذلك؟ ثانياً من ماذا تشكو البلد الذي أنا فيه لأفكر في الهرب منه للخارج؟ الحرب وتدني الأوضاع الاقتصادية والاكتظاظ السكاني أم أن هذا السفر نوع من التغيير والترفيه عن النفس لا غير؟
وأخيراً لماذا ألمانيا بالتحديد وعلى سبيل الدقة ولاية بادن – فورتمبيرغ؟ ما هو عامل الجذب الذي سحب ناظري باتجاهها؟ هل هي جنة الإجازات المتمثلة ببحيرة "كونستانس"؟ أم مهد السيارات الذي تتميز به فتحتضن مقر شركة مرسيدس وأودي وغيرهما الكثير؟ أم تجربة التسوق الفريدة في "المتسنغين"؟ أم إحدى الجامعات التي تمتلكها مثل هايدلبرغ وشتوتغارت؟ أم أنه قلب تعلقت به وسافر إلى هناك تاركاً خلفه حلماً ضارباً يأبى الهدوء؟

وكأنه السبب، ما أصعبه من حلم يمتلك قلبي قبل عقلي، يسيطر على وجداني وهيئتي وتصرفاتي ومشاعري، فأشعر دائماً بأنه يتجه إلى هناك، ولكنه يأبى أن يحمل جسدي وإياه، إنها "آلاء" صديقة، وأكثر من صديقة، حتى إنني أستطيع أن أقسم لكم بأنني لم ولن أرى صديقة مثلها، ولن يحتويني قلب كقلبها، سافرت لظروف عربية راهنة متمثلة باللجوء بعد أن حضرت من سوريا للأردن في محطة لانتظار تأشيرة اللجوء لألمانيا، وبعد ذلك بدأ حلم الوصول لآلاء يستنزف وقتي وجهدي وكل ما أملك حتى أدرجت تحته الكثير من الأحلام الثانوية في سبيل الوصول إليه وتحقيقه.

فمثلاً أن أحصل على معدلٍ عالٍ في الثانوية العامة (التوجيهي) الذي بدوره قد يؤهلني للفوز بحلمي وإكمال دراستي بمنحة دراسية في ألمانيا برفقة آلاء فينتقل حلمي إلى لائحة أخرى بعنوان (أحلام باتت من الواقع).

ولكن إن طال تحقيقه فقد يسافر هو الآخر بتأشيرة لجوء إلى الفراغ والعدم ولن يبقى بسلام، وقد يخطف أمامي كما تخطف الحرب الطفل من أمه وتذهب به بعيداً عن قلبها، فهل لي أن أسافر قبل أن يسافر حلمي؟!

ملحوظة:
التدوينات المنشورة في مدونات هافينغتون بوست لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.

تحميل المزيد