إرهابيون مع وقف التنفيذ

كرد فعل أولي على قرار ترامب بإيقاف تأشيرات العراقيين والسوريين و5 دول مسلمة أخرى، فكرت في أن ترامب لم يراجع قائمة الإرهابيين في الولايات المتحدة وجنسياتهم؛إذ لم يتورط أي عراقي أو سوري، حسب علمي، في أي عمل إرهابي داخل أميركا، ولو أن منع التأشيرات كان على أساس (أصول) الإرهابيين والدول التي أتوا منها لنتجت قائمة مختلفة بالكلية.

عربي بوست
تم النشر: 2017/01/28 الساعة 03:10 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2017/01/28 الساعة 03:10 بتوقيت غرينتش

كرد فعل أولي على قرار ترامب بإيقاف تأشيرات العراقيين والسوريين و5 دول مسلمة أخرى، فكرت في أن ترامب لم يراجع قائمة الإرهابيين في الولايات المتحدة وجنسياتهم؛إذ لم يتورط أي عراقي أو سوري، حسب علمي، في أي عمل إرهابي داخل أميركا، ولو أن منع التأشيرات كان على أساس (أصول) الإرهابيين والدول التي أتوا منها لنتجت قائمة مختلفة بالكلية.

لكن هذه الدول الأخرى (التي يأتي منها من ينفذ الأعمال الإرهابية) لها حكومات تهتم (قليلاً أو كثيراً) بمواطنيها، ولن تتعامل مع الأمر كما تتعامل حكومات الدول السبع مع الموضوع (غالباً الشماتة بالمواطنين… "تستاهلون" بالعراقي و"خرجكم" بالسوري!).

ليس هذا فحسب..
ترامب يريد أن يفعل شيئاً يقول فيه لناخبيه إنه سريع التنفيذ وإنه رجل أفعال لا شعارات انتخابية فحسب، لذا فالناخب الأميركي يستيقظ على خبر من نوع إيقاف التأشيرات لسبع دول (إرهابية!) سيشعر بالأمان أكثر، وأن ترامب يفعل شيئاً حتى لو كانت التأشيرات لهذه الدول لم تؤدِّ إلى أعمال إرهابية سابقاً..

لكن الأمر ربما يرتبط بالهجرة أكثر منه بالإرهاب في تصوري.. وجاذبية ترامب بالنسبة لناخبيه البيض كانت في موقفه من الهجرة أكثر من الإرهاب، بالإضافة إلى قضايا أخرى تهم البيض أكثر ممن سواهم.
إيقاف التأشيرات في الحقيقة سيقلل من بعض نتائجها الأخرى، أغلب أصحاب هذه التأشيرات لا يتورطون في عمل إرهابي من أي نوع، لكن الكثيرين منهم يتحولون إلى لاجئين أو مهاجرين، وهذا هو مربط الفرس بالنسبة للأميركي الأبيض الذي انتخب ترامب.

قبل أيام، استمعت في الـNPR إلى لقاء مع آرلي هارشيلد، الباحثة في علم الاجتماع، التي كتبت كتاباً بعنوان "غرباء في أوطانهم"، ناقشت فيه ظاهرة انحياز الناس انتخابياً إلى شخص لن يكون في صالحهم اقتصادياً (مثل فقراء الطبقة العاملة الأميركيين الذين انتخبوا من يقول إنه سيقلل الضرائب على الأغنياء-أو الليبرالي الذي يصوت لمن يقول إنه سيزيد من ضرائبه).

آرلي تابعت حياة وخيارات بعض ناخبي ترامب في ولاية لويزيانا: بيض، طبقة عاملة، محافظين… وجدت الرابط بينهم فيما سمته "القصة العميقة"، ولخصتها في ثلاثة مشاهد..

المشهد الأول لأشخاص يقفون في دورهم بالطابور، يفعلون كل ما يجب، حسب القانون، للوصول إلى نهاية الطابور: تحقيق الحلم الأميركي.

المشهد الثاني: هو وجود من يدخل الطابور من المنتصف، يتسلل من هنا وهناك، ويؤثرون على من كان أصلاً في الطابور.

المشهد الثالث: هو أن من ينظم الطابور، وبدلاً من أن يحاول منع هؤلاء المتسللين أو على أقل منعهم من تأخير من سواهم، يسهل أمر المتسلل ويشير إليه مشجعاً.

هذا هو شعور الكثير من الأميركيين البيض تجاه واقعهم، وتجاه موقف أوباما والديمقراطيين عموماً من متسللي الطابور، حسب آرلي هارشيلد.

خلال اليومين التاليين، شاهدت فيلمين أميركيين، وجدتهما يعبران تماماً عما قالته آرلي، أو على الأقل عن الشخصية التي عبرت عنها؛ بيض الطبقة العاملة الذين يشعرون بفقدان كل شيء.

الفيلمان هما: Manchester by the sea و Hell or High water، وهما ضمن ترشيحات الأوسكار لجوائز متعددة.

في الثاني منهما، يقول ألبرتو -الأميركي من أصل هندي أحمر- لصاحبه الأميركي الأبيض: كل هذه الأرض كانت لنا.. كلها.. كل ما مررنا به من الأمس واليوم.. ثم جئتم أنتم وسرقتموها منا. اليوم، تأخذها منكم تلك الشركات.

يبدو أن هذا ما يشعر به الكثيرون من الأميركيين فعلاً.
لا أعتقد أن إيقاف التأشيرات للعراقيين أو السوريين سيغير شيئاً حقاً من هذا الشعور، لكنه سيقول لناخبي ترامب: ها هو يفعل شيئاً.

ملحوظة:
التدوينات المنشورة في مدونات هافينغتون بوست لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.

تحميل المزيد