عندما كنتُ في المدرسة الثانوية، كنتُ أمقتُ التحدُّث أمام الجماهير، والتشبيك، وتعريف نفسي للآخرين، وقيادة المشاريع. كان صوتي يرتعش، وقطرات العرق تتشكَّل على جبهتي المحتقنة بالدماء عند إلقاء عرضٍ تقديمي، فقد كنتُ أَنهارُ أمام 30 وجهاً منتظراً حديثي. وكان الوَهَج الساطعُ من جهاز عرض الشرائح بمثابة كاشف ضوءٍ مُسلَّط على كياني بأكمله، بدءاً من البثرة على ذقني وحتى أعماق روحي المراهقة الفزعة.
يظهر القلق في أشكالٍ متنوِّعة، حتى لدى الأطفال والمراهقين. فمن التعامل مع المهام المدرسية وآراء الآخرين إلى العلاقات مع الزملاء والحياة الأسرية، يشكل القلق مسألةً قد تؤدِّي إلى ضغطٍ غير مفيد، وانخفاض الاعتزاز بالنفس، والشعور بالعجز عن التأقلم. كان قلقي مرتبطاً أكثر بالاجتماعيات، ممَّا جعلني أصير أكثر انطوائيةً.
لم أرفع يدي قطُّ في الفصل، وكنتُ أرتعش بسبب فكرة أن يناديني المعلِّمون. كان الحديث إلى الفتيان بمثابة عقوبة إعدام لي، واستغرقني الانفتاح على الآخرين، وتكوين صداقات مستقرة فترة. كنتُ واعية لقلقي، وكان الأمر محبطاً لدرجةٍ لا تُصدَّق. عندما كان أحدٌ ما يتحدَّث إليَّ كان عقلي يخلو تماماً من الأفكار، ولم أستطِع تكوين كلماتٍ كي أتحدَّث. كنتُ أشعر بأنَّني محاصرة بداخلي، غارقة في الخوف الذي صنعته بنفسي.
يكمن الجزء الأصعب في تلقِّي العلاج. تشير منظمة DoSomething إلى أن واحداً فقط من بين كل خمسة مراهقين يعانون من القلق، هو الذي يسعى إلى الحصول على المساعدة. لم أقرِّر أنَّه لا بد من تغيير الوضع سوى في المرحلة الثانوية. لطالما أردتُ أن أضحك وأمزح بحريةٍ، وأن أتحلَّى بالثقة فيما وددتُ قوله، وكان لدي ما أود قوله ولدي آراء أود مشاركتها! يمكن أن يتسبب القلق في الشعور بالضعف، ويمكنه أن يتحكَّم في حياتك إذا سمحتَ له بذلك. وسواء احتجتَ للحديث إلى متخصِّص أو اللجوء إلى أشكال أخرى من العلاج توجد تغييرات بسيطة يمكنك تنفيذها على الفور لمحاربة القلق وحدك. الخطوة الأولى التي اتَّخذتها ضد القلق الاجتماعي هي أنَّني صرتُ صريحةً مع نفسي.
أدركتُ أن لا أحد سواي يمكنه تغييري
كانت مجرَّد فكرة صغيرة، ولكنَّها كانت أول خطوة ضخمة في الإمساك بزمام الأمور وبناء ثقتي بنفسي. في عالمنا اليوم، يوجد الكثير من الاعتماد على ما يظنُّه الآخرون، وما يقوله الأطباء، وما يمكن للدواء فعله كي يساعدك، ولكن عندما يتعلَّق الأمر بإجراء تغييرٍ حقّاً في حياتك، يبدأ ذلك بأن تقول لنفسك "سئمتُ هذا، وسأفعل شيئاً حياله لأنَّني أعرف أنَّني أستطيع".
واجهتُ مخاوفي منذ البداية
كان الحديث أمام جمهورٍ هو النشاط الاجتماعي المقيت الذي كنتُ أتجنَّبه بأي ثمن. لم أهتم حتى إن كان يؤثِّر في درجاتي في المدرسة. كنتُ عازمةً على الانفتاح، وسجَّلتُ للالتحاق بفصل للخطابة وفصل للدراما. في البداية، كنتُ أبغض كليهما، وخاصةً في الأيام التي تسبق أول خطاب ألقيه. ولكنَّ الخطاب الأول حدث ومرَّ دون مشاكل، ثم كان إلقاء الثاني أسهل. لم يُشِر أحدٌ إليَّ ولم يضحكوا مني؛ بل إنَّ معلِّمي علَّق على مدى وضوحي وجودة حديثي. كلَّما كنتُ أكثر استعداداً وكلَّما تحدَّثتُ أكثر أمام جمهورٍ حلَّقت ثقتي بنفسي في الفضاء أكثر.
بذلتُ جهداً كي أكون صديقةً
لم أكُن وحيدةً تماماً في المدرسة. كانت لدي حفنة من الأصدقاء، ولكنَّنا صرنا أصدقاءً لأنَّهم بدأوا التقرُّب منِّي. سألتهم عن رأيهم فيَّ قبل أن يعرفوني، صُدِمت حين اعترفوا بأنَّني كنت أبدو غير ودودة، أو أنني كنت أبدو أفضَل من أن أتحدَّث إلى أي شخص. أدركتُ أنَّ انغلاقي ورفضي بذل أي جهد سيُقنع الآخرين بأنَّني أودُّ لو يتركوني وشأني. بعد ذلك، تحدَّيتُ نفسي أن أُعرِّف شخصاً واحداً على الأقل بنفسي في فعاليةٍ أو تجمُّع اجتماعي. يبدأ الأمر كله بتحية بسيطة مثل "مرحباً، ما اسمك؟" قد يبدو الخروج إلى العالم هكذا مرعباً قليلاً. ماذا إذا لم يحبوني؟ ماذا إذا لم يرغبوا في التحدُّث إليَّ؟ ولكن إذا كنتَ ودوداً وقابَلَ شخصٌ ما ودَّكَ بوقاحةٍ دون أي سبب، فلماذا ترغب أن تكون صديقاً لشخصٍ كهذا من الأساس؟
سافرتُ إلى الخارج
إن كان لديكَ الفرصة للسفر في مراهقتك، فانطلق! منذ اللحظة التي تطأ فيها قدماك متن الطائرة، ثم بلد جديد، يعمل عقلك في وضع النجاة ولا تجد وقتاً للخجل. أنت بعيد عن الوطن، والأسرة، والأصدقاء، وكل ما هو مألوف وآمن. تُجبَر فجأةً على طرح أسئلةٍ وخوض محاورات مع الغرباء وحلّ المشاكل من أجل الانتقال من النقطة "أ" إلى النقطة "ب". تواجه تحدِّيات وترتكب أخطاءً، ولكن من هذه التجارب ستحصد الذكريات، وتشكل الصداقات، وتتعلَّم دروس الحياة. ستجد نفسك فوق قمة جبلٍ قضيتَ أياماً في شقِّ طريقك إليها، مطلّاً على مظهرٍ يشمل أصدقاء جُدداً خاضوا تحدِّي الرحلة معك، وتنسى القلق، وتحل محله القوة وشعورٌ بأنَّك تستطيع فعل أي شيء.
استمِرَّ في العمل على الأمر كل يوم
بصفتي بالغة، ما زال عليَّ أن أنتبه إلى كوني انطوائيةً للغاية، وإلَّا لن أغادر المنزل أبداً! لقد قطعت مهاراتي الاجتماعية شوطاً طويلاً منذ أن كنتُ في المرحلة الثانوية، وأحب لقاء أشخاص جدد ومشاركتهم محاورات جيدة. ما زلتُ أشعر ببعض التوتُّر عندما أدخل إلى حفلةٍ أو فعاليةٍ لا أعرف فيها أحداً، ولكنَّه يتناثر بمجرَّد أن أتوجَّه إلى شخصٍ ما وأُعرِّف نفسي بابتسامةٍ ودودة.
آمن بنفسك وبالطيبة التي يمكنك أن تقدِّمها للآخرين. ولا تنكمش بسبب القلق والخوف من الرفض. يبدأ الأمر بالمواجهة والمحاربة، لا سبب يجعلك تدع القلق يدمِّر حياتك!
– هذا الموضوع مترجم عن النسخة الأميركية لـ"هافينغتون بوست". للاطلاع على المادة الأصلية، اضغط هنا.
ملحوظة:
التدوينات المنشورة في مدونات هافينغتون بوست لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.