قد تقال لك كلمة وتشعر كأنها وردة جميلة قدمت إليك تملؤك حياة وسعادة، قد تقرأ كلمة وتشعرك كأنها معانقة دافئة فبعض الكلمات عناق، هناك كلمات سمعناها مرة فلم تغادرنا يوماً.. كلمات تزيدنا طاقة وسعادة وإقداماً على الحياة، وبعض الكلمات قد توجه إليك كصفعة تربكك تحزنك أو حتى تبعدك عن أقرب الناس إليك.
للكلمة مفعول السحر، نعم علينا أن نعرف كيف نروض كلماتنا ونخلقها؛ لتكون لنا لا علينا، علينا أن نشعر بطعمها كأننا نتذوقها قبل أن نقولها حتى لا نندم لاحقاً.
المفردات تتبادل فيما بينها، تتبارى وتتبارز، توقعنا بالفخ أو توصلنا إلى الجمال، يختلف شكلها أحياناً إلا أنها في أحيان أخرى تحمل معنى مختلفاً أو واحداً رغماً عن أشكالها المختلفة، وأحياناً نفس المفردة قد تحمل معنى مضاداً.
قد نختار مفردة ونعني أخرى، قد نكتب كلمة ونحتاج كلمة أخرى، قد ننتقي حروفاً فنفوز أو نخسر، رغماً عنا تبقى الحقيقة بين الحروف، الحروف عندما تخرج من أفواهنا أو أقلامنا تصل بأشكال مختلفة وخلفيات مختلفة واستقبالات مختلفة كذلك، قد نقول كلمة ونعني أخرى.. قد نخطئ باختيار كلمة فيتغير مجرى الأمور وتتغير معه حياتنا.
مثلاً قد نقول صدفة وتكون قدراً، قد نسميه سراً ويعتبرونه بوحاً، قد نعتبرها نهاية وتكون في حقيقتها بداية، ما نراه حزناً قد يكون فرحاً من منظور آخر أو في مرحلة أخرى أو مرحلة لاحقة، ما نسميه حقيقة قد يكون تسرعا،ً وما نسميه تمهلاً قد يكون تردداً.. وما نسميه جرأة قد يكون تسرعاً، وما نسميه شوقاً قد يكون حباً أو لا يكون.
لا أعرف هل نلعب بالمفردات أم تلعب هي بنا؟!
اختيار المفردات مهم جداً يستحق التركيز، وتسميتنا الأشياء تؤثر عليها وتؤثر علينا وتؤثر على نظرتنا إليها بالتأكيد.. انتقاء المفردات فعل دقيق جداً وحساس جداً له تأثير لا يمكن تغافله أبداً حتى لو كان بطيئاً في بعض الأحيان إلا أنه عميق وجوهري جداً.. علينا أن نعرف ماذا نقول؟ ولماذا نقوله؟ وكيف نقوله؟ ومتى نقوله؟ وأحياناً لمن نقوله؟
وعلينا أن نعرف أن هناك حروباً أعلنت بسبب كلمة وأن هناك قصصاً بدأت وأخرى انتهت بسبب كلمة، وأن هناك مشاريع بدأت بسبب كلمة، وأن هناك دولاً قامت وأخرى انهارت بسبب كلمة.
سلطة الكلمة كبيرة جداً، الكلمات هي محور حياتنا الرئيسي والأساسي، فالفكرة كلمة، والحلم كلمة، والتفاهم كلمة، والاختلاف كلمة، والحقيقة كلمة، والخداع كلمة.. الحوار مجموعة من الكلمات المتبادلة، النقاش الناجح قد يتحول إلى جدل إذا أخطأت الكلمات طريقها.
نعم قدرنا مرتبط بكلماتنا واختيارنا لها وتفسيرنا لها كذلك.. إن لم تعرف ماذا تقول لا ترتكب حماقة الكلام، تجمل سكوتاً وإذا نطقت فاختَر ما يكون عوناً لك لا عليك.
ملحوظة:
التدوينات المنشورة في مدونات هافينغتون بوست لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.