عامٌ جديد.. إنجازات ترى النور أم مخططات حبيسة الأدراج؟

قف للحظة وقاوم السيل واسأل نفسك: أَخططت لخطوتك القادمة قبل القدوم عليها؟! أوضعت لنفسك الحد الأقصى والأدنى من النتائج المطلوبة من أي مرحلة تقبل عليها؟! هل وضعت لنفسك حاجزاً زمنياً لإنجازاتك وأحلامك؟! إن أجبت عن الأسئلة السابقة بـ"نعم".. فهنيئاً لك، أما إن أجبت بـ"لا" فلا تقلق، فحالك حال الأغلبية العظمى من العالم!

عربي بوست
تم النشر: 2016/12/29 الساعة 05:28 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2016/12/29 الساعة 05:28 بتوقيت غرينتش

كل سنة بنقول هاي السنة بدَي… وكل آخر سنة بنقول: عالسنة الجاي بدَي… وبنص السنة بنقول: لسَا امبارح كان راس السنة… وبالآخر بنقول: يا لطيييف الأيام بتركض ركض والواحد ما بلحق يعمل إشي!

سيناريو يتكرر منذ الانتهاء من المرحلة الدراسية وحتى الدخول في الحياة المهنية، ويبقى مستمراً إلى أن يشاء الله… ولكن، هل نتكرر نحن؟! هل نكرر أنفسنا كل عام كما يتكرر هذا السيناريو؟! بمعنى: إذا كانت كل السنين تمر بسرعة ولا نشعر بها -وهذا الحد الثابت في معادلتنا- هل نكون نحن الحد المتغير الذي يتحكم في الحد الثابت ليزيد أو يقلل من قيمة الناتج؟ أم أننا حدود ثابتة لا نتغير، مقترنين بمجاهيل تتحكم فينا ولا نؤثر بقيمة الناتج؟!

المعادلة هنا هي حياتنا، وحدُّها الثابت هو الوقت؛ السنون والعقود. أما الناتج، فهو يحمل احتمالاً واحداً لماهيته وهو إنجازاتنا. فكأي معادلة رياضية بها حد ثابت وناتج، لا بد أن تحتوي مجهولاً لتكتمل وتدخل عالم المنطق.. وهذا المجهول "س أوx" هو نحن! المجهول دائماً مُريب؛ فهو غامض لا يُعرف له أساس، فقد يكون ذا تأثير كبير على المعادلة أو ذا آخر بسيط لا يُذكر؛ فيكون ذا قيمة كبيرة ليعطينا ناتجاً مهولاً أو يكون ذا قيمة صغيرة ليؤدي بالناتج إلى الهلاك.

عند ثبات حد المعادلة (مثال: السنة = 365 يوماً)، فإن قيمة المجهول هي صاحبة التأثير الوحيد على الناتج. فبما أننا المجهول، لم لا نستغل الموقف ونحصل على أكبر النتائج وأفضلها. لطالما نعي أن حدنا الثابت (الوقت) مستقر بحركته ومتوقَع؛ فمستحيل أن يكون هنالك أكثر من 24 ساعة في اليوم ولا أكثر من 12 شهراً في السنة، فإننا قادرون على التحكم في النتيجة كما نريد وتهوى أنفسنا.

السؤال: كيف نكون مجهولاً ذا قيمة مُجدية وإيجابية، أو حتى قيمة أفضل من تلك التي سبقتها (العام الماضي)؟!

نحن مجروفون في سيل الحياة السريع، في سيل من المسؤوليات والأعمال والواجبات الاجتماعية وما إلى ذلك. لم نعتد يوماً أن نقف ونتفكر فيما نصنع، فمن البديهي أن كل جمعة نَصِلُ أرحامنا ونتمتع بإجازتنا مع الأقارب والأصدقاء، وبديهي أيضاً أنه بعد التخرج يجب أن نبحث عن فرصة عمل، وبديهي أيضاً أن ندخر للمستقبل؛ لأنه من البديهي أن "تفتح بيتاً" ويكون لك عائلة؛ لأنها سُنّة الحياة، وهذا أيضاً بديهي وإلا لما استمرت البشرية!

لا بد أنك عرفت شخصاً حصل على فرصة عمل في بلاد الاغتراب وكان يقول سوف أعمل هناك سنتين وأعود بعدها لإقامة مشروع صغير وتكوين عائلة. والنتيجة: 25 سنة من الغربة والكد والتعب في بلد غريب ووسط أناس أغراب ليعود إلى الوطن متقاعداً، مُتْعَباً ومريضاً فيُعالج وينتظر رحمة الله.

ولا بد أنك تعرف أيضاً ذلك الشخص الذي ينوي أن يترك التدخين مع بداية العام الجديد. وتعرف أيضاً الأم التي تريد تخصيص يوم إجازة بالأسبوع، وأنا متأكدة أيضاً من أنك تعرف من يريد الالتزام بالنادي الرياضي ابتداء من أول الشهر المقبل. العامل المشترك بين المذكورين هو الإرادة وفقر التخطيط الذي يؤدي إلى فقر التحقيق والإنجاز.

في ظل ما هو بديهي، أَفكرتَ يوما فيما هو ضروري؟ أتعرف الفرق بين بديهي إلزامي وآخر اختياري؟ في ظل البديهي، أتعرف ما تريده أنت؟ ما تحبه أنت؟ ما تحلم بتحقيقه أنت؟ إن لم تكن تملك إجابات واضحة وصريحة -والأهم من ذلك سريعة- عن تلك الأسئلة، فأنت من المجروفين بالسيل ولا تؤثر على الناتج بتاتاً.

قف للحظة وقاوم السيل واسأل نفسك: أَخططت لخطوتك القادمة قبل القدوم عليها؟! أوضعت لنفسك الحد الأقصى والأدنى من النتائج المطلوبة من أي مرحلة تقبل عليها؟! هل وضعت لنفسك حاجزاً زمنياً لإنجازاتك وأحلامك؟! إن أجبت عن الأسئلة السابقة بـ"نعم".. فهنيئاً لك، أما إن أجبت بـ"لا" فلا تقلق، فحالك حال الأغلبية العظمى من العالم!

لتضفي تأثيراً كبيراً على ناتج معادلتك، لا بد لك أن تكون ذا قيمة أكبر، لا يقدر سيل الحياة على جرفك. اخرج من ذلك النهر وارسم طريقك بنفسك. كن صاحب خطة تكتيكية لحياتك وطبقها بحذافيرها، تماماً كما هو حال فريقك الكروي المفضل، فبخطة محكمة وتطبيق فعلي بلمسة مهارة من لاعبي الفريق يحققون نجاحاً ومراتب عليا يوماً بعد يوم.

خطط لحياتك وما تريد إنجازه في مسيرتك، فبالطبع نحن مسيَّرون لكننا مخيَّرون في أي طريق نسير. ضع خريطة طريقك وكيف تريد أن تمشي به، فتنتظم حياتك وتتعرف على أولوياتك وتحقق أحلامك وغاياتك وتعطي كل ذي حقٍ حقه، سواء عائلتك أو أصدقاؤك، عملك أو هوايتك.

بالتخطيط تجعل سنواتك تختلف، بالتخطيط تجعل لأيامك معنى، بالتخطيط تشعر بحلاوة تعبك، بالتخطيط ترتقي إلى مستوى أعلى، بالتخطيط تستغل يومك وسنتك وعمرك بشكل أفضل، بالتخطيط تكون الحد المجهول الأقوى على الإطلاق فتؤثر على الناتج تأثيراً إيجابياً مهما مرت الأيام وتسارعت.

ابدأ الآن، ابدأ بالتخطيط ليوم غد، وغداً خطِّط لبعد غد. احتفظ بورقة خططك بجيبك، وكلما انتهيت من مهمة أشطبها من القائمة، فذلك يعزز فرحة وسعادة الإنجاز على بساطة العمل. وسّع مدى خططك لتجعلها شهرية ومن ثم سنوية؛ لتحتوي خططتك على أهداف أسمى وخطط أكبر. ولا تنسَ أن تحتفظ بخطة مصغرة أو مبسطة محمولة في جيبك ومحفظتك أينما ذهبت؛ لكي تذكَرك بأهدافك وتعطيك دفعة إلى الأمام في لحظات التخاذل.

خطتك هي سر نجاحك وسلاحك وطريقك وكل ما تملك؛ فالعمر واحد والأيام تمر دون أن تقف لأحد، لتكون أنت الفرق والمتغير في كل سنة، لتكن أنت أنجح مما كنت عليه العام الماضي، أكثر إصراراً وصبراً وثباتاً على أهدافك مما كنت عليه السنة الماضية، أكثر علماً، أكثر مالاً، أفضل أخلاقاً، أحسن حالاً. كن أنت المتحكم في زمام الأمور لا العكس، كن أنت المجهول الأقوى والأكبر على ناتج معادلتك.. كن أسعد مما كنت عليه العام الماضي!

ملحوظة:
التدوينات المنشورة في مدونات هافينغتون بوست لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.

تحميل المزيد