أقف كثيراً متأملاً في الكيانات الاقتصادية الكبيرة، كيف بدأت؟ وكيف تعمل؟ وكيف تستمر؟ وأمعن النظر في العوامل الخارجية التي تحمي هذه المنظومة الاقتصادية وأنظر في الترتيب الاقتصادي للدول، وكيف تحمي هذه الدول اقتصادها؟ وكيفية العلاقة الوثيقة بين الاقتصاد والمناخ السياسي الذي يحتوي على كثير من التفاصيل والتربيطات المحلية والإقليمية، وكيف أن العالم عبارة عن كعكة كبيرة مقسمة لكل دولة قطعة، ومن المسؤول عن تقسيمها؟ ولمن يعطي؟ وما المقابل؟
وبالتبعية تفرض هذه الدول نظاماً اقتصادياً لحماية اقتصادها ولحماية أيدولوجيتها الداخلية والخارجية، فمن النظام الرأسمالي الذي يركز على الفرد ويسحق المجموع إلى النظام الاشتراكي الذي يركز على المجموع ويسحق الفرد إلى ما يعرف بالنظام الاسلامي الذي أصبح حديث الساعة، والذي يوازن بين الفردية والجماعية، وكيف أن بيننا كنزاً ولكن يبقى التطبيق فقد أيقن الكثير من الباحثين في المجال الاقتصادي الإسلامي مثل مقالات خبيرة الاقتصاد الإيطالية لوريتا نابوليوني ومطالبة الصحيفة الناطقة باسم الفاتيكان بأنه يجب أن تلتزم البنوك في المستقبل بالقوانين الإسلامية، وذلك بعد انهيار النظام الاقتصادي الغربي وقد لقيت هجوماً كبيراً ووصفوا لوريتا بعمل دعايه للدين الاسلامي فلقد قامت بمقارنه بين النظام المالي الغربي والنظام المالي الإسلامي.
وتوصلتُ إلى أن النظام المالي الإسلامي خسائره محدودة؛ لأن الشريعة تحرم الاقتراض المالي مقابل الربا، وتحرم المساهمة مع البنوك التقليدية وشركات التأمين. فقط الاستثمار المباشر هو المسموح به إما المشاريع ذات المخاطرة العالية غير مسموح بها؛ لذلك في هذا المقال نود أن نعطي ضوءاً على ماذا يعني الاقتصاد الإسلامي؟ ببساطة شديدة، وما هي خصائصه وأدواته فالاقتصاد الإسلامي هو مجموعة المبادئ والأصول الاقتصادية التي تحكم النشاط الاقتصادي للدولة التي وردت في نصوص القرآن والسنة النبوية، والتي يمكن تطبيقها بما يتلاءم مع ظروف الزمان والمكان.
تقوم عقيدة الاقتصاد الإسلامي على مبدأين:
المال مال الله والإنسان مستخلَف فيه: وبذلك فالإنسان مسؤول عن هذا المال، كسباً وإنفاقاً، أمام الله في الآخرة، وأمام الناس في الدنيا. فلا يجوز أن يكتسب المال من معصية أو ينفقه في حرام، ولا فيما يضر الناس.
دور المال: المال أداة لقياس القيمة ووسيلة للتبادل التجاري، وليس سلعة من السلع. فلا يجوز بيعه وشراؤه (ربا الفضل) ولا تأجيره (ربا النسيئة).
وكما أن للاقتصاد الإسلامي أدواته، وهي التي من المفترض أن يتبناها الاقتصاديون وتبني عليها اقتصاد الدول وهي:
• المضاربة: وهي أن يدفع صاحب المال مالاً لصاحب العمل، أو المؤسسة الاستثمارية من أجل استثماره له، على أن يتم توزيع الأرباح على أساس نسبة محددة من الربح، وليس من أصل المال، وهذا يحقق قدرا أكبر من العدالة في التوزيع عما يحقق النظام الربوي. ولا يتم توزيع الربح إلا بعد استعادة أصل رأس المال.
• المرابحة: وهي أقرب شيء للتجارة العادية، أن يقوم صاحب المال بشراء سلعة من أجل بيعها بسعر أعلى. سواء كان هذا البيع الأخير آجلاً أو تقسيطاً أو نقداً.
• المشاركة: في المشاركة يكون الأطراف مشاركون بالمال والجهد، أو بأحدهما، وتكون ملكية النشاط التجاري مشتركة بينهم. ويتشاركون في تحمل الربح والخسارة.
• الإجارة: أن يشتري صاحب المال أو المستثمر عقاراً أو معدّات بغرض تأجيرها. ويكون هذا الإيجار، بعد مصروفات الصيانة، هو ربح النشاط التجاري.
• السَـلَم: وهي الصورة العكسية للبيع الآجل، ففيها يتم دفع المال مقابل سلعة آجلة. على أن تكون السلعة محددة وموصوفة وصفا يرفع الخلاف.
وإذا أردت ان تعرف قوة هذا النظام، وما مدى تأثيره على المجتمع فأنظر إلى ثلاثه مؤشرات مهمين جداً
المؤشر الأول: الناتج المحلي
المؤشر الثاني: التضخم
المؤشر الثالث: البطالة
ما معني هذه المؤشرات وكيفية قياسها وتناولها في ظل النظام الاقتصاد الإسلامي وتأثيرها على الكيانات الاقتصادية الكبيرة هذا ما سوف نستعرضه في المقال القادم بإذن الله..