قصص عن حمودة الصغير

عندما كبرتْ "جولييت" صديقة "حمودة" الصغير فجأةً ولم تعد تلعب معه كما كانت تفعل قبل أسابيع قليلة لا غير، شعر المسكين بأنّ عالمه الصغير الآمن قد تعرّض لما يشبه الهزّة الأرضية، فمادت الأرض تحت قدميه وبقي يتخبّط لمدّة من الزمن بين حقدهِ عليها الآن، وحبّه لما كانت عليه.

عربي بوست
تم النشر: 2016/04/09 الساعة 03:50 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2016/04/09 الساعة 03:50 بتوقيت غرينتش

-1-
كانت السّاعة السابعة صباحاً عندما فتحتُ الباب بعد سماعي لعدة رنّات ملحّة من الجرس فوجدتُ "حمودة" الصغير واقفاً والعرق يتصبّب منه. كان منظره مضحكاً، فابتسمتُ قائلاً: أهلين وسهلين "أبو حميد" خير إن شاء الله يا فتّاح يا رزّاق يا عليم؟! فردّ وهو يلهث: عَمْ اتعلّم سواقة البسكليت، شوفني عن البرندا. ثم استدار ونزل درجات السلّم قفزاً. ذهبتُ إلى الشرفة مغالباً النعاس، ونظرتُ إلى السّاحة أمام البيت فوجدته هناك وعيناه ترقبان ظهوري بحماس شديد. لوّحتُ له بيدي، فلوّح لي بدوره وامتطى "البسكليت الكورس" بمشقّة تدعو إلى الضحك، وما كاد يستقر فوقها وتدور عجلتها نصف دورة حتّى مالت بهِ بهدوء وسقط معها على الأرض. في هذه اللحظة أشحتُ بنظري بعيداً مدّعياً أنني لم أرَ سقوطه المريع، وعندما نظرتُ من جديد وجدته يبتسمُ ويلوّح لي. وكما حصل أول مرّة تكرّر ثانيةً كل شيء! وفي كلّ مرّة كنت أشيح بنظري بعيداً مدّعياً عدم الانتباه.

هكذا إلى أن نجح أخيراً بعد عدّة محاولات واستقرّ فوق "البسكليت" لمسافة أمتار قبل أن يرتطم بعمود الكهرباء الذي كان العائق الوحيد في السّاحة، فلم أستطع منع نفسي من الضحك ورآني "حمودة" فضحكَ هو الآخر رافعاً إشارة النصر ففعلتُ مثله وحييته ثمّ دخلت لأتابع النوم.

بعد عدة أيّام وبينما كنت عائداً إلى البيت رأيتُ "حمودة" يقود دراجته وسط الطريق فاتحاً يديه كجناحي عصفور والريح تلعب بخصلات شعره الطويل.
-2-
التقيتُ اليوم "حمودة" الصغير. سلّمتُ عليه بودّ وقبّلته على خدّه ثمّ سألته: وينك يا ملعون، صرلي زمان ما شفتك؟ مسح مكان القبلة بأصابعه المتّسخة من اللعب وقال: شو بدّك؟ ابتسمت من جوابه وحركته ثم قلت: ما بدّي شي، بس فيه ناس كتير عم يسألوني عنّك. فأجابني: إي طز.
لم أصدّق أذنيًّ وبدا عليّ الانزعاج بشكلٍ جليّ. كان "حمودة" يراقبني بانتباه شديد ما جعلني أعتقد أنّه يشعر بالندم فانتظرتُ أن يقول أي شيء كي أصفح عنه، إلّا أنّه بقي ساكتاً ولم يقدّم الاعتذار الذي انتظرته منه. امتدّ الصمت بيننا للحظات وبان عليه الضجر، فسألته قبل أن يتركني ويقرر الذهاب: مو عيب يا "حمودة" تحكي هيك؟ فقال على الفور: لأ مو عيب. فأُسقط في يدي ولم أعرف بماذا أجيب! قلتُ في ذهني: لا بدّ أنّه تعرّض لموقفٍ ما، جعله يحتد بهذا الشكل، فسألته من جديد: شو صاير معك؟ قلّلي، حاسس إنّو صاير معك شي مو منيح. فقال على الفور كأنّه كان ينتظر سؤالي: هَيْ "جولييت" الحقيرة. ضحكتُ وقلتُ في سرّي: إنّها الأنثى "رغم صغر السن". تابع "حمودة": مبارح قالتلي إنّو ما بقى رَحْ تلعب معي قال شو، صارت كبيرة! في هذه اللحظة تذكّرتُ مأساتي وأنا في سن "حمودة" عندما ابتعدتْ عنّي رفيقتي في الحي وتركتني أتخبّط في حزني الطفولي المرير، وتذكّرتُ كيف كبرتْ فعلاً في يوم وليلة وصارتْ صبيّة، بينما بقيتُ أنا لسنوات "فصعون" صغير أخجل كلّما قابلتها في الطريق بينما هي تتابع سيرها غير آبهةٍ بي. نظرتُ إلى "حمودة" فوجدته لا يزال يراقبني. قلت: يا "حمودة" لا تزعل، بكرة كمان بتكبر أنت وبتصير أحلى شب، وبتشبع لعب مع "جولييت". فقال بحسم: ما بدّي بكرة، بدّي هلّق هلّق تلعب معي. فجأةً ظهرتْ "جولييت" في أوّل الشّارع وبدتْ كزهرة صغيرة تلعب بها الريح، ابتسمتُ في سرّي وقلت: آااه يا "حمودة" آاااه يا صديقي الحزين، معك كلّ الحق. من يخسر كلّ هذا الفرح لا بدّ أن يقول لأيّ شيء؛ طز. ولكن عندما تكبر ماذا ستقول أيّها المسكين؟!
-3-
سمع "حمودة" الصغير من رفيقه "حسّون" الذي يكبره بسنتين أن ليس للبنات زبّورات! فلم يصدّق وقال لـ"حسّون": كذّاااب. إلّا أنّه لم ينسَ الكذبة وبقي يفكّر بها طيلة النهار، إلى أن التقى رفيقته "جولييت" وسألها بكل بساطة إن كانت تملك ما يملكه هو و"حسّون" وباقي الصبيان.
غضبت "جولييت" وتركته متوعدةً بأن تشكوه لأمّه التي ستحاسبه على هذا الكلام. لم يفهم "حمودة" سبب غضب "جولييت" فلحق بها وطلب منها برجاء أن تريه ما لديها. الأمر الذي أبكاها وجعلها تركض هاربةً إلى البيت تاركة "حمودة" خلفها غارقاً بالأوهام. بعد عدّة أيّام نادته "جولييت" من بعيد قائلة: تعا لهون ولااااه. فاستجاب "حمودة" راكضاً ووقف أمامها متسائلاً عما تريده. لكنها لم تقل شيئاً بل أمسكت يده وجرّته إلى خلف المنزل. بعد دقيقة عاد "حمودة" ومعه الحقيقة كاملةً وعاد "حسّون" صادقاً كما كان.
-4-
حين يلعب الأطفال لعبة الحرب ينسحبُ "حمودة" من اللعب، فهو يحبُّ كرة القدم ويلبس قميصاً يحمل رقم 10 مكتوب عليهِ Messi بخطّ عريض. آخر هدف سجّله "حمودة" كان في مرمى البرازيل، "الفريق الخصم" المكوّن من فتاتين إحداهما "جولييت" والأخرى "سلمى" شقيقة حارس المرمى "حسّون" الذي يشاركه في الحراسة كلبه الأمين "قاطيش". فريق "حمودة" يتألف منه وحده لا غير. لذا حين أحرز هدفه الأخير ولم يجد من يحتفل معه ركض فاتحاً ذراعيه ليحتضن "جولييت" التي شاركته الفرحة مع باقي فريق الخصم وكلبهم "قاطيش".

-5-
رأيت "حمودة" الصغير يقف وحيداً في ساحة الحي باحثاً بعينيه عن شيء ما. اقتربتُ منه وسألته بعد أن سلّمتُ عليه: عن شو عم تدوّر "أبو حميد"؟ نظر إليّ وقال: عَ خشبة طويلة. لم أسأله عن حاجته للخشبة الطويلة بل قلتُ له: أنا عندي بالبيت خشبة طويلة، امشِ معي. بان السرور على وجهه وسبقني راكضاً باتجاه بيتي القريب. جلبتُ الخشبة وقبل أن أسلّمها له قلت: شو رح تعمل فيّا. فأجابني: الخشبة لـ"حسّون" وهوّي ناطرني ع السطح. وشو بدّو يعمل "حسّون" بالخشبة؟ سألته وأنا أمسك بيده قبل أن يذهب. فقال: بدّو يعمل سيف. فسألته من جديد: وشو بدّو يعمل بالسيف؟ فقال: بدو يعمل معركة. ثمّ أفلتَ من يدي وبدأ يقطع درجات السلّم نزولاً كصغار الماعز الجبلي. في اليوم التالي فاجأني منظر "حمودة" مضمّد الرأس والأسى يقطر من عينيه. سألته بلهفة: شو بك "حمودة".. شو صايرلك؟ فقال بحنق: هيدا "حسّون" الجحش ضربني بالسيف. ثم أضاف شتيمة استغربت أنْ تصدر عنه!.

-6-
أهداني "حمودة" الصغير لوحة فنيّة رسمها بنفسهِ مستخدماً الألوان المائية والباستيل. سررتُ باللوحة وشكرته ثمّ سألته: شو مناسبة الهدية يا "حمودة"؟ فضحك وقال: ما بعرف، هيك! ثم ركضَ مبتعداً وهو يلوّح لي. كانت لوحة بسيطة ومألوفة كتلك التي يرسمها الأطفال في المدارس لكن فيها شيئاً مختلفاً. شيئاً يشبه "حمودة" الصغير. تمعّنتُ بها باحثاً عنه إذ لا يُعقل أن تكون رسمة "حمودة" تشبه رسمات باقي الأطفال رغم التشابه الكبير في الشكل والمكونات وأسلوب الرسم الطفولي. أخيراً وبعد دقائق اهتديتُ إليه، اهتديتُ إلى روح "حمودة" في اللوحة وإلى ما يميزه عن الجميع وإليكم وصفاً لها علّكم تقبضون مثلي على روح "حمودة" الصغير التي تتوق للخروج من خلف الحواجز بكافّة أشكالها وأنواعها والتحليق بعيداً إلى حيث يجب أن يكون ونكون: اللوحة عبارة عن مساحة من الألوان الطفولية يتوسّطها سهل وجبال ونهر يأتي من البعيد. إلى اليمين نشاهدُ بيتاً بنافذة وباب مغلق وسطح مائل على طرفه مدخنة من قرميد. حول البيت سياجٌ من الخشب يتقاطع مع ساق شجرة كبيرة تحتها خمسة خراف ترعى وشيء يشبه الإنسان في رأسه عود غريب! كتب فوقه "حمودة" بخط مرتبك: "الراعي". وإلى جانب العود كتب: "ناي". في البعيد قبل الجبال بقليل ظهرت شجيرات السرو ذات الشكل المغزلي كأنّها أعمدة على وشك الانهيار تعلوها السّماء الزرقاء ذات الغيوم البيضاء التي تحجب جزئياً شمساً صفراء اللون تحيط بها "العيدان" المعروفة من الجميع، ورفّاً من طيورِ البطّ على شكل حرف "v" مائل يتّجه نحو الشّمس ينتهي بنقطة غير منتظمة الحواف بعيدة قليلاً عن السرب كتب فوقها بعد أن أشار بسهم صغير: هيدا فرخ صغير.

-7-
احتار "حمودة" الصغير ماذا سيهدي والدته بمناسبة عيد الأم. لم يكن يملك الكثير من النقود في حصّالته الصغيرة، بالإضافة إلى أنّ أمّه نفسها لم تكن تنتظر شيئاً منه باعتباره لا يزال صغيراً على الاهتمام بهذا الشأن. لكن "حمودة" كان يخطّط للموضوع مذ سمع "جولييت" مصادفة وهي تتحدث قبل أسبوع مع صديقتها عن الأمر.

أحبَّ "حمودة" أن يفاجئ أمّه، لذا ذهب إلى دكّان القرية القريب وأخذ يحدّق بمحتوياته باحثاً عن شيء مناسب من وجهة نظره. بدايةً فكّر أن يشتري لها علبة بسكويت كبيرة الحجم. اختار النوع الذي يحبّه وسأل عن السعر فتبيّن أنّ نقوده أقلّ من اللازم. بدأ البحث من جديد، ثمّ رأى أن يشتري لها علبة معدنية حمراء اللون أغراه مظهرها الخارجي ولم يكن يعرف اسمها فسأل البائع، وما إن قال له "ربّ البندورة" ثم أضاف موضّحاً "دبس البندورة" حتى عدل عن رأيه. فهو لم يفهم كيف من الممكن أن تكون البندورة دبساً وهو الذي ذاق طعم الدبس مراراً قبل اليوم. كذلك لم يفهم ما علاقة الربّ بالأمر.

من جديد جال بعينيه على رفوف الدكّان إلى أن وجد ما اعتقده هديّةً مناسبة وكانت دمية بلاستيكية صغيرة الحجم على شكل فتاة صغيرة نحيلة القد شقراء الشعر، تلبس فستاناً زهريّ اللون وتضعُ في قدميها حذاءً ناعماً خمريّاً عليه شريطة بيضاء منقّطة هي الأخرى باللون الزهري وفي يدها قطعة بلاستيكية صغيرة قُصد منها أن تكون "جزداناً" فبدت كذلك فعلاً لمن يعرف كيف تكون "الجزادين" عند الدمى. ابتسم بينه وبين نفسه بخبث، إذ وجد أن اللعبة تشبه "جولييت" وقرّر شراءها على الفور.

أخذ هديته وذهب راكضاً إلى أمّه. وما أن وصل حتّى وقف أمامها واضعاً الهدية خلف ظهره وهو يلهث قائلاً بصوت متقطّع "كلّ عام وأنتِ بخير" ثمّ مدّ يده إليها باللعبة فشهقت من السعادة واحتضنته وهي تقبّله وتبكي بحرقة ثم تنظر إلى اللعبة وتعاود تقبيله من جديد وتكرر الموقف عدّة مرات بنفس الطريقة ونفس اللهفة والحماس ولم تتوقف إلّا عندما أعلن "حمودة" بنزق الأطفال انزعاجه، فتركته يذهب واحتضنت اللعبة ونامت معها في السرير.

صبيحة اليوم التالي، مع فنجان القهوة، روت "أمّ حمودة" لجارتها بعينين دامعتين أنّ هذه هي المرّة الأولى في حياتها التي تحصل فيها على دمية من هذا النوع.

-8-
في أحد الأيّام ولسبب غير مفهوم شعر "حمودة" الصغير بحاجة ماسّة للتواصل مع رفيقته "جولييت" التي ابتعدت دون سبب مفهوم مؤخّراً عنه، لكنه لم يعرف ماذا يجب أن يفعل بالضبط، فعقله الطفولي يخونه في تفسير الكثير من الأشياء ويجعله في بعض الأحيان يتصرّف بطريقة تجعل الآخرين -وجولييت بالذات- ينظرون إليه وإلى تصرفاته باستهجان.
في ذلك اليوم وجد "حمودة" في درج الخزانة الخاص بأمّه ظرفاً أبيض اللون شبه مهترئ يحوي ورقة عليها كتابة بخط اليد صعبة القراءة. عندما سأل أمه عن الأمر أخبرته أن هذه رسالة قديمة من أبيه عندما كانا شابين قبل أن يخلق هو، بل حتى قبل أن يتزوجا.

لم يكن "حمودة" قد سمع بفكرة الرسائل من قبل لذا أثارت فضوله وقرر أن يبعث برسالة إلى "جولييت". لكنّ المشكلة كانت ماذا سيكتب فيها. جرّب عدّة كلمات ورسم عدة رسوم، لكنه في كل مرّة كان يمزق الورقة حتّى إنه شعر بالغضب آخر مرّة وكاد يلغي الفكرة حين تذكّر فجأةً أنّ "جولييت" تحب القطط كثيراً وأنها تربي قطّة في بيتها اسمها "نوسة" فما كان منه إلّا أن أمسك ورقة جديدة وكتب في منتصفها بخطّه الطفولي "مياو، مياو".

في اليوم التالي وبعد أن سلّم رسالته بشكل سريّ إلى "جولييت" فوجئ بها تتقدم نحوه وتسلّمه بشكل علني أمام رفاقه ورقة مطويّة بعناية حين فتحها وجد في منتصفها كلمة يتيمة كتبت بخط أنيق وكانت: "عو".

-9-
عندما كبرتْ "جولييت" صديقة "حمودة" الصغير فجأةً ولم تعد تلعب معه كما كانت تفعل قبل أسابيع قليلة لا غير، شعر المسكين بأنّ عالمه الصغير الآمن قد تعرّض لما يشبه الهزّة الأرضية، فمادت الأرض تحت قدميه وبقي يتخبّط لمدّة من الزمن بين حقدهِ عليها الآن، وحبّه لما كانت عليه.

لم يدرِ "حمودة" أنّ إزعاجاته المتكرّرة لها أثناء مرورها في الحي كانت تبعده عنها أكثر، إلّا أنّ تعليقاته الطفولية المليئة بالقهر والمموهة بالسخرية كانت تخرج من فمه رغماً عنه: "جولييت" أم سنان السنجاب، أو الهبيلة أو الشايفي حالها. وفي بعض الأحيان كانت تصل الأمور إلى حد إطلاق الشتائم. ولم تكن "جولييت" -مثلها مثل أيّة "أنثى" اتّخذت قراراً لا رجعة عنه- لتكلّف نفسها عناء الالتفات إلى "حمودة" المقهور أثناء مرورها به! بل كانت تمرّ رافعةً رأسها متباهيةً بمشيتها كأنّها تقول: "طزّ فيك".

كلّ هذا احتمله "حمودة" -مرغماً- إلّا أنّه فقد السيطرة على نفسهِ حين رآها ذات يوم واقفة عند زاوية الشّارع -خلف شجيرات الدفلى- مع صبيّ غريب عن الحي فما كان منه إلّا أن أسرعَ إليه وهاجمه كالنمر مكيلاً له الصفعات واللكمات وسط صرخات "جولييت" التي بدأت تقفز مكانها لا تدري ماذا تفعل سوى أن ترجوه بشكل متكرر أن يتوقف عن الضرب. والغريب أنّ الوحيد الذي بكى طويلاً بعد هذه المعمعة -رغم انتصاره- هو "حمودة" الصغير.

ملحوظة:

التدوينات المنشورة في مدونات هافينغتون بوست لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.

تحميل المزيد