شركة إسرائيلية تريد توفير المال والوقت بعبور الأجواء السعودية.. اتجهت لمحكة للوصول لأحد الخيارين المطروحين

عربي بوست
تم النشر: 2018/03/28 الساعة 16:46 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2018/03/28 الساعة 16:46 بتوقيت غرينتش

رحبت الحكومة الإسرائيلية بالخدمة الجديدة التي تقدمها شركة آير إنديا من نيودلهي إلى تل أبيب باعتبارها إنجازاً تاريخياً، فالشركة الهندية تعد أول شركة طيران تجارية تسلك طريقاً مختصراً جيوسياسياً عبر المجال الجوي السعودي.

لكنَّ شركة الطيران الوطنية الإسرائيلية "العال"، لا يزال عليها أن تقطع المسار الأطول، وتخشى أن تتعرض لأضرارٍ مالية كبيرة؛ بسبب ما تراه تمييزاً جوياً، حسب تقرير صحيفة صحيفة The New York Times.

لذا، في سابقة تعد الأولى من نوعها، قدمت "العال" التماساً إلى المحكمة العليا في إسرائيل، الأربعاء 28 مارس/آذار 2018، رفعت فيه دعوى ضد الحكومة، وهيئة الطيران المدني، ورئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، ووزير النقل يسرائيل كاتز، وشركة آير إنديا الهندية.

يوفر الطيران في خط مستقيم أكثر من ساعتين من وقت الطيران المعتاد، ويسمح لـ"آير إنديا" بتخفيض سعر التذكرة. ومع أنَّ السعودية منحت إذناً للشركة الهندية بالفعل لسلكه، تطلب شركة العال من المحكمة الإسرائيلية منع "آير إنديا" من اتخاذ المسار الأقصر ما لم تحصل نظيرتها الإسرائيلية على تصريحٍ مماثل.

وتطرق النزاع إلى رحلة الطيران الهندية الأسبوع الماضي من نيودلهي. وكما هو الحال مع معظم جيرانها في الشرق الأوسط، لا تقيم إسرائيل علاقات دبلوماسية رسمية مع المملكة العربية السعودية، وقد حظر السعوديون منذ عقود، رحلات الطيران من وإلى إسرائيل من عبور مجالهم الجوي.

علامة على تحسُّن العلاقة

عادةً ما يحافظ المسؤولون على شبكة العلاقات غير الرسمية بين إسرائيل والمملكة العربية السعودية من خلف الأستار، وينظر الإسرائيليون إلى تصريح الطيران الممنوح لهيئة الطيران الهندية على أنَّه علامة واضحة بشكل غير اعتيادي على العلاقات المحسنة لتقارب مصالح العدوين القديمين حول قضايا، مثل الحد من نفوذ إيران في المنطقة.
وقال كاتز وزير النقل الإسرائيلي، في بيانٍ، بعد الترحيب بأول رحلة طيران هندية على مدرج المطار في تل أبيب: "تتصل السماء الإسرائيلية بسماء المملكة العربية السعودية برحلةٍ واحدة مباشرة".

لم تعلق المملكة العربية السعودية علناً ​​على هذه المسألة. وكان موقف نتنياهو غامضاً بالمثل؛ إذ تجنّب ذكر المملكة العربية السعودية باسمها في ملاحظاته في بداية الاجتماع الأسبوعي لمجلس الوزراء يوم الأحد 25 مارس/آذار 2018.
وقال: "رحلة (آير إنديا) طارت مباشرة إلى إسرائيل، في خط مستقيم من الهند إلى تل أبيب. أهمية ذلك واضحة للجميع، فهذا أمر مهم اقتصادياً وتكنولوجياً ودبلوماسياً وللسياحة".
تزعم شركة العال أنَّ "آير إنديا" تتمتع الآن بميزة تنتهك مبدأ المنافسة العادلة والسياسات التي تهدف إلى ضمان تكافؤ الفرص بين شركات الطيران الإسرائيلية وشركات الطيران الأجنبية.
قال إيلي ديفس، رئيس مجلس إدارة "العال"، في مقابلة أجراها الأسبوع الماضي بمكاتب الخطوط الجوية في مطار بن غوريون، إنَّ "التصريح الذي منحته السعودية للطيران الجوي بالتحليق فوق أراضيها باتجاه إسرائيل هو سابقة عالمية. ووفقاً لجميع المنظمات الدولية التي تحققنا منها، لا توجد ظاهرة مماثلة في أي مكانٍ بالعالم".
ولتوضيح ما يرى أنَّه ظلمٌ وقع على شركة الطيران الإسرائيلية، أضاف قائلاً: "يبدو الأمر كما لو أنَّ الخطوط الجوية البريطانية سُمح لها بالطيران عبر مسار قصير بين لندن ونيويورك بينما كانت الخطوط الجوية المتحدة أو دلتا ملزمة بالسفر جواً إلى لندن عبر إفريقيا".
لسنوات، كانت شركة العال هي شركة الطيران الوحيدة التي تسيّر رحلاتٍ مباشرة إلى الهند؛ إذ كانت تطير 4 مرات أسبوعياً بين تل أبيب ومومباي. يتعين على طائرات "العال" أن تسلك طريقا دائرياً، تحلّق على طول البحر الأحمر وعبر بحر العرب، وتدور حول شبه الجزيرة العربية بأكملها.

يتطلب وقت الرحلة الإضافي مزيداً من الوقود وطاقماً أكبر

يتطلب وقت الرحلة الإضافي مزيداً من الوقود وطاقماً أكبر؛ مما يؤدي إلى رفع سعر التذكرة، على حد قول ديفيس.
أوقفت شركة آير إنديا رحلاتها المباشرة إلى إسرائيل عبر المسار الأطول منذ سنوات، لكنَّها الآن تسلك طريق نيودلهي–تل أبيب 3 مرات أسبوعياً، ما يجعل زمن الرحلة يصل إلى نحو 7.5 ساعة.

لكنَّ ديفيس يخشى أن تكون صفقة "آير إنديا" بداية صيحةٍ ما، وأن تحصل شركات الطيران الأخرى على إذن بالتحليق فوق السعودية في طريقها إلى إسرائيل. فإلى جانب تكلفتها الأولية الجذابة، تقدم "آير إنديا" رحلات زهيدة التكلفة من نيودلهي إلى تايلاند، وهي وجهة أخرى شائعة لدى الإسرائيليين.
كان هناك حديث عن تعويض حكومي لشركة العال، لكنَّ ديفيس قال إنَّه من المستحيل تقييم نطاق الضرر؛ نظراً إلى احتمال حصول شركات الطيران الأخرى على إذن بالتحليق فوق السعودية.

أعدت شركة العال خرائط ذات ترميز ملون تبين المناطق التي مُنعت من التحليق فوقها، وتوضح الخرائط أنَّ المجال الجوي فوق الكثير من دول شمال إفريقيا، والشرق الأوسط، وباكستان، وإندونيسيا، هي من بين المناطق الممنوع عبورها؛ لذا فهي تتطلب تحويلات كبيرة في مسار الرحلات.

ويقول محامو "العال" إنَّ الصفقة مع "آير إنديا" تنتهك التزاماً ملزماً بضمان المنافسة العادلة والفرص المتساوية، عقدته مع الحكومة الإسرائيلية عندما تعرضت للخصخصة في عام 1994، بالإضافة إلى اتفاقيات الطيران الدولية. تطالب شركة الطيران الإسرائيلية بإصدار أمرٍ يمنع رحلات "آير إنديا" إلى إسرائيل من عبور المملكة العربية السعودية إلى أن تُمنح الامتياز ذاته.

وقد رد المسؤولون الإسرائيليون بوعود غامضة بأنَّ شركات الطيران الإسرائيلية قد تُمنح قريباً تصريحاً بالتحليق فوق السعودية. كتب كاتز على "تويتر"، الأسبوع الماضي، أنَّه يأمل حدوث ذلك "في المستقبل غير البعيد".

ورداً على التماس المحكمة يوم الأربعاء 28 مارس/آذار 2018، قالت وزارة النقل في بيان، إنَّ الإذن بالتحليق فوق السعودية كان "إنجازاً دبلوماسياً من الدرجة الأولى"، لكنَّ الأمر يعود للحكومة الإسرائيلية لضمان عدم وقوع أي ضرر على شركة العال جراء ذلك القرار.
وقال نتنياهو إنَّ هدفه هو تقديم رحلات جوية أقصر مدتها 5 ساعات من تل أبيب إلى مومباي، لكنَّه لم يحدد ما إن كان يقصد بذلك رحلات شركة العال أو شركة آير إنديا، ورفض مكتبه شرح مقصده.

منحت وزارة السياحة الإسرائيلية شركة آير إنديا منحة مالية لتسويق مسارها الجديد، كجزء من حملة لتشجيع السياحة الهندية في إسرائيل.
زار نحو 58 ألف سائح هندي إسرائيل في عام 2017 بحسب وزارة السياحة، مما يعد زيادة ملحوظة في عدد السائحين الذي كان يبلغ 34600 سائح عام 2014. وقالت الوزارة: "أكثر من 50 مليون هندي يحملون جوازات سفر".

تجدر الإشارة إلى أنَّ شركة "العال" تنقل نحو 60 ألف إسرائيلي إلى الهند سنوياً، ويسافر قرابة 70% منهم لأغراض العمل. فيما تحظى الهند بشعبية لدى الإسرائيليين الأصغر سناً، خصوصاً أولئك الذين أنهوا خدمتهم الإلزامية في الجيش، لكنَّ الكثير منهم يفضل الرحلات الأرخص التي تتطلب العبور ببلدٍ ثالث.

تحميل المزيد