تتضاعف الضغوط، الأربعاء 28 مارس/آذار 2018، في مدينة دوما المعزولة في الغوطة الشرقية، للتوصل إلى اتفاق يحميها من القتال، بالتزامن مع تعزيزات عسكرية في محيطها، فيما يستمر إجلاء مئات المقاتلين والمدنيين من جيب آخر في المنطقة المحاصرة.
وخلال أسبوع، خرج آلاف المقاتلين المعارضين والمدنيين من الغوطة الشرقية، بموجب اتفاقي إجلاء مع روسيا، تحت وطأة الضغط العسكري لقوات النظام، التي باتت تسيطر على أكثر من 90% من المنطقة.
وتؤذن عملية الإجلاء المستمرة بنهاية فصل دامٍ ومرير في منطقة شكَّلت لسنوات معقل الفصائل المعارضة قرب دمشق، وعانت من الحصار والقصف. وهددت في الوقت ذاته أمن دمشق التي تساقطت القذائف لسنوات على أحيائها.
وتحت وطأة عملية عسكرية للجيش السوري استمرت أكثر من الشهر، دخلت الفصائل المعارضة في الغوطة الشرقية في مفاوضات مباشرة مع روسيا، حليفة دمشق، تم بموجبها التوصل تباعاً إلى اتفاقي إجلاء مع فصيلي حركة أحرار الشام في مدينة حرستا ثم فيلق الرحمن في جنوبي الغوطة الشرقية.
مصير دوما مجهول
ولا يزال مصير مدينة دوما المعزولة في شمالي الغوطة الشرقية مجهولاً، مع استمرار المفاوضات بين جيش الإسلام وروسيا.
ويبدو أن المفاوضات حول دوما تواجه عراقيل.
ويأمل فصيل جيش الإسلام فيها التوصل الى اتفاق يحول دون إجلاء مقاتليه منها، إلا أن موسكو ودمشق هددتا بعمل عسكري ضدها، ما لم يوافق الفصيل المعارض على الانسحاب.
ونقلت صحيفة الوطن، المقربة من الحكومة السورية، عن مصدر عسكري قوله "تستعد جميع القوات العاملة في الغوطة الشرقية لبدء عملية عسكرية ضخمة في دوما، ما لم يوافق إرهابيو جيش الإسلام على تسليم المدينة ومغادرتها".
وبالإضافة إلى الضغط العسكري، يشعر سكان دوما بالقلق بانتظار نتائج المفاوضات.
وتظاهر المئات الأربعاء، وفق ما أفاد سكان وكالة فرانس برس في بيروت، مطالبين بالاطلاع على نتائج المفاوضات وبإفراج جيش الإسلام عن المعتقلين لديه.
وأفاد مصدر معارض فرانس برس، أن مبادرة جيش الإسلام في المفاوضات تتمثل ببقاء مقاتليه في دوما، على أن تتمتع المدينة بحماية روسية مع عودة مؤسسات الدولة إليها.
واعترضت روسيا على نقاط عدة في المبادرة، بينها "إصدار عفو عام" والسماح بحرية الحركة من وإلى المنطقة.
وكانت مصادر معارضة أفادت فرانس برس، أن موسكو خيّرت جيش الإسلام بين الهجوم العسكري أو اللحاق بركب المناطق الأخرى والموافقة على الإجلاء.
ويفترض أن يعقد اجتماع الأربعاء بين اللجنة المعنية بملف المفاوضات والجانب الروسي.
128 ألف نازح
وفي جنوب الغوطة الشرقية، وعلى خطى آلاف سبقوهم وآخرين سيلحقون بهم، يتجمع الأربعاء مقاتلون معارضون ومدنيون في حافلات تقلّهم من مدينة عربين إلى نقطة تجمع قريبة.
وكما حصل في الأيام السابقة، تقف تلك الحافلات لساعات طويلة بانتظار اكتمال القافلة قبل منحها الضوء الأخضر للانطلاق باتجاه محافظة إدلب في شمال غربي البلاد. وهو أمر يحتاج ساعات طويلة، ولا تنطلق القافلة عادة قبل منتصف الليل.
وأوردت وكالة الأنباء السورية الرسمية (سانا)، أن 18 حافلة على متنها "1053 شخصاً بينهم 239 إرهابياً" باتت جاهزة للانطلاق.
وكان جرى بعد منتصف الليل إجلاء دفعة جديدة من جنوبي الغوطة الشرقية، مؤلفة من "6432 شخصاً بينهم 1152" مقاتلاً على متن 101 حافلة.
وبعد رحلة استمرت ساعات طويلة، وصلت الدفعة الجديدة الأربعاء إلى قلعة المضيق في ريف حماة (وسط) الشمالي، التي تشكل نقطة الانتقال من مناطق سيطرة قوات النظام إلى تلك التي تسيطر عليها الفصائل المقاتلة.
وفي ساحة واسعة في قلعة المضيق، شاهد مراسل لوكالة الأنباء الفرنسية عمال إغاثة يوزعون الطعام والمياه والحليب على الركاب، قبل نقلهم إلى مخيمات مؤقتة في محافظة إدلب المحاذية في شمال غربي البلاد.
ونقل مراسل فرانس برس مشاهدته لحافلة تكسر زجاج أحد نوافذها، ونقل عن بعض الركاب قولهم إن أشخاصاً رموا عليهم الحجارة أثناء مرورهم من مناطق سيطرة الحكومة.
وخرج بذلك حتى الآن أكثر من 19 ألف شخص من البلدات الجنوبية فقط، بعدما كان تم إجلاء أكثر من 4500 من حرستا.
وتشكل خسارة الغوطة الشرقية التي تستهدفها قوات النظام بهجوم عنيف، منذ 18 فبراير/شباط، ضربة موجعة للفصائل المعارضة.
وأدى القصف الجوي والمدفعي في الغوطة إلى مقتل أكثر من 1630 مدنياً منذ بدء الهجوم، بحسب المرصد السوري لحقوق الإنسان.
وإلى جانب عمليات الإجلاء، يستمر نزوح المدنيين من الغوطة الشرقية عبر معابر حددتها قوات النظام توصل إلى مناطق سيطرتها.
ونقلت وكالة الأنباء السورية الرسمية (سانا)، أن 128 ألف شخص خرجوا حتى الآن من المعابر "الآمنة". ويتم نقل هؤلاء إلى مراكز إيواء أنشأتها الحكومة السورية.
وأشارت إلى خروج مئات المدنيين الأربعاء من منطقة دوما، عبر معبر الوافدين إلى الشمال منها.