“من هو زوجك؟”.. حملة لمنع السوريات من الزواج بمقاتلين أجانب.. كيف ينظر إليهن المجتمع؟ وكيف يعاملهنّ القانون؟

عربي بوست
تم النشر: 2018/03/21 الساعة 19:56 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2018/04/11 الساعة 19:44 بتوقيت غرينتش

ظاهرة جديدة غزت بعض المدن السورية، وهي قدوم بعض النساء السوريات على الزواج بمقاتلين أجانب ، بعد قدومه إلى البلاد من أجل القتال ضد قوات نظام بشار الأسد، في الوقت الذي يمثل فيه هذا الأمر عائقاً كبيراً لها ولأبنائها؛ بسبب القوانين الموجودة.

صحيفة  Theguardian البريطانية سلَّطت الضوء على هذه الظاهرة، والتقت بعض النساء اللاتي خضن هذه التجربة، في تقرير لها الأربعاء 21 مارس/آذار 2018.

وقالت سيدة للصحيفة البريطانية: "تزوجتُ مقاتلاً أجنبياً من جزر المالديف في عام 2016، وقُتل في الاشتباكات ضد قوات النظام في العام نفسه. أصبحتُ حاملاً من هذا الرجل، وأنجبتُ بعد 3 أشهر من وفاته".

بالنسبة لهذه المرأة، التي تبلغ من العمر 30 عاماً، وهي من مدينة معرة النعمان في محافظة إدلب السورية، كان شعورها بعدم الأمان هو الذي دفعها إلى الزواج. وقالت: "قُتل والديّ في غارة جوية من قِبل النظام. ونتيجةً لذلك، استمررت في الانتقال بين منازل إخوتي الخمسة المتزوجين، ولكنَّ معظم الوقت الذي قضيته كان في منزل أخي الأكبر. لم أكن أشعر بالراحة؛ بسبب عدم الاستقرار، وكنتُ أشعر بأنَّني امرأة عالة. فقررتُ أن أتزوج"، بحسب الصحيفة البريطانية.

وتُعد القصص مثل هذه شائعةً في أجزاءٍ من سوريا، ولكن حملةً شعبية تُسمى "من هو زوجك؟"، تهدف إلى ردع النساء السوريات عن إقامة علاقات مع المقاتلين الأجانب، ومحاولة تثقيف العامة من خلال الملصقات والكتابة على الجدران حول التحديات التي تواجهها هؤلاء النساء وأطفالهن.

استُقطِبَ مقاتلون أجانب إلى سوريا منذ بداية النزاع، على أمل الانضمام إلى الجماعات الجهادية التي أصبحت بارزةً هناك، وبعضها مُنتسب إلى تنظيم القاعدة وتنظيم "الدولة الإسلامية" (داعش)، حسب الصحيفة البريطانية.

أعباء يعانينها

ويتحمل النساء اللاتي يتزوجن هؤلاء المقاتلين العديد من الأعباء؛ إذ لا تستطيع السورية نقل جنسيتها إلى زوجها، في حين أنَّ المرأة الأجنبية يمكن أن تصبح مواطنة سورية إذا تزوجت رجلاً سوريّاً، بحسب "الغارديان".

وتنتقل الجنسية السورية إلى الأبناء من خلال الأب. فحتى لو كان الطفل مولوداً لأمٍ سورية وأبٍ أجنبي ولم يعش في أي مكان آخر غير سوريا، فلا يحق له التمتع بالحقوق والامتيازات التي تُمنح للمواطنين السوريين. وكانت هناك جهود لتغيير القانون، ولكنَّها في الوقت الحالي لا تزال كما هي.

وهناك أيضاً وصمة العار المرتبطة بزوجات وأرامل الجهاديين غير السوريين؛ إذ يقول عاصم زيدان، مؤسس حملة "من هو زوجك؟"، للصحيفة البريطانية: "هؤلاء المقاتلون الأجانب الذين يُقتلون، أو يختفون، أو يهربون، يتركون وراءهم أطفالهم وزوجاتهم، وهذا يؤثر عليهم بشدة. تتأثر حياتهم الاجتماعية".

وتدعم المرأة من مدينة معرة النعمان -التي طلبت عدم استخدام اسمها؛ خوفاً على سلامتها من العقاب الاجتماعي- هذا الادعاء؛ إذ تقول: "اعتادت الفتيات قول: (كيف قبلتِ أن تتزوجي من هذا الشخص؟ كنتِ ستجدين شخصاً أفضل منه وأكثر جمالاً)".

وتابعت: "كان أقاربي أيضاً ضد هذا الزواج؛ لأنَّه -في رأيهم- كان شخصاً غريباً وليس لديهم أي فكرة عن ماضيه، والأهم من ذلك أنَّه كان عضواً في هيئة تحرير الشام".

هيئة تحرير الشام، هي ائتلاف يضم عدة تنظيمات، من بينها "جبهة النصرة"، التي كانت في السابق مرتبطة بتنظيم القاعدة.

لماذا تتزوج السوريات بالمقاتلين الأجانب؟

 

وبحسب "الغارديان"، فإن أسباب الزواج بالمقاتلين الأجانب مختلفة ومتنوعة؛ بعض النساء يشعرن بأنَّه ليس لديهن خيارات أخرى، وهناك أخريات مُتحمسات للزواج بشخص يرونه شجاعاً وبطلاً.

ولكن حملة "من هو زوجك؟" تحاول مساعدة النساء السوريات في إدلب ومنطقة حلب بسوريا على فهم المخاطر.

ويقول زيدان للصحيفة البريطانية، إنَّه منذ بدء الحملة في ديسمبر/كانون الأول 2017، سجَّل فريقهم، المكوَّن من 150 متطوعاً، 1735 امرأةً في إدلب وغرب حلب متزوجات بمُقاتلين أجانب. وكان لدى 1124 امرأةً من هؤلاء النساء من أزواجهم الأجانب 1826 طفلاً.

وقال أحد المتطوعين -طلب عدم الكشف عن اسمه؛ بسبب الخوف من عقاب هيئة تحرير الشام- إنَّ الفريق يأمل وقف هذه الظاهرة، ولكنَّهم واجهوا تهديداتٍ من المجموعة. وقال المتطوع: "حاولت هيئة تحرير الشام تتبُّع فريق العمل؛ لمعرفة هويته الحقيقية. وقام بعض المقاتلين الأجانب بإزالة الملصقات ثم مزقوها في مدينة أريحا".

هدف آخر للحملة

هدفٌ آخر للحملة، هو مساعدة الأطفال الذين يُولدون من هذه الزيجات، في الحصول على اعتراف المجالس المحلية. ففي المناطق التي تسيطر عليها المعارضة، تُشكل هذه المجالس الوسيلة الوحيدة التي يمكن للأطفال من خلالها الحصول على وثائق رسمية لتلقي اللقاحات والتسجيل في المدرسة.

عبد الرحيم حمادي، هو رئيس المجلس المحلي بقرية كفرومة في إدلب. ويقول للصحيفة البريطانية، إنَّه في حين يشجع معظم الناس في مدينته أقاربهم من النساء على الزواج بالمقاتلين الأجانب، فإنَّ مخاوفهم على الأغلب تتعلق بالمستقبل القريب، مثل خطر وفاة الزوج في أثناء القتال. ويقول عبد الرحيم: "نصائحهم لا تتعلق بالمستقبل، مثل حقوق الأطفال وجنسياتهم".

وتقول فاطمة الأبرش التي تعمل في مركز "مزايا"، وهو مركز للنساء يدير أيضاً ببرامج للأطفال، إنَّ هناك عواقب أخرى أيضاً.

وتوضح فاطمة: "العديد من المقاتلين الأجانب لا يسمحون لأطفالهم بالاندماج مع الأطفال الآخرين في المجتمع، حتى إنَّهم يمنعونهم من الذهاب إلى المدارس العامة؛ لأنَّهم يعتبرون أنَّ هذه المدارس علمانية. لذلك، يُرسلون أطفالهم إلى المؤسسات الإسلامية التي أسستها هيئة تحرير الشام، بدلاً من ذلك. وهذا الأمر يخلق صدعاً اجتماعياً ضخماً لدى الأطفال"، بحسب الصحيفة البريطانية.

ويقول زيدان إنَّ امرأتين على الأقل، رفضتا حتى الآن الزواج بمقاتلين أجانب. وأضاف: "واجبنا حل هذه المشكلة. وعلينا تحمُّل المسؤولية".