انتشرت صورة لسيدة محجبة وهي تخرج من سيارة "مرسيدس" أمام بنك طعام، يقدم الطعام الذي تقترب صلاحيته من الانتهاء، مجاناً للمحتاجين ببلدة لانداو الألمانية، بشكل واسع، على فيسبوك منذ عدة أيام.
ويعود سبب الانتشار الواسع للصورة إلى المناهضين للأجانب، الذين ساقوها كدليل على استفادة سيدة "تلبس الحجاب" من الطعام المجاني رغم أنها ثرية.
ويمكن مشاهدة السيدة المحجبة وهي تمسك باب السيارة الفارهة المفتوح، وأمامها نساء آخريات، بينهن محجبتان أيضاً.
وتمت مشاركة الصورة قرابة 32 ألف مرة، بعد أن نشرها رجل يدعى ماركو كروز في 15 مارس/آذار 2018، والذي يعتبر نفسه من "المواطنين القلقين" على بلاده من وصول اللاجئين.
وعبّر الكثير من المعلقين عن غضبهم، واعتبروا السيدة "محتالة، مدّعية الفقر، حاصلة على مساعدات البطالة" رغم أنها تركب سيارة فارهة، وكتبوا تعليقات مهينة بحقها.
ودفعت هذه الحملة، المبنيَّة على افتراض زائف، بنك الطعام للمسارعة إلى الرد في اليوم التالي.
وقال بنك الطعام إنه تمت مشاركة الصورة عن فرع مدينتهم، وافترض المعلّقون عليها أن مواطنيهم من الأجانب يحصلون على مساعدات الـ"تافل" (اسم بنك الطعام) دون وجه حق، الأمر الذي قال إنه ليس صحيحاً.
وأكد على موقعه، أن ما نُشر على فيسبوك زائف، مبيناً أن السيارة الظاهرة في الصورة جاءت لإعادة سيدة ألمانية متقاعدة لمنزلها، لم تعُد تستطيع قطع الطريق إلى بنك الطعام وحدها، موضحاً أن جيران السيدة المستعدين للمساعدة، تكفلوا بإيصالها إلى مركز توزيع الطعام، من بينهم عائلة مسلمة، لا تحصل بحد ذاتها على أي مواد غذائية منهم.
وأشار بنك الطعام إلى أن الصورة أدت إلى حملة تحريض ضد الأجانب، وافترضت زوراً أنهن كعاملين يوزعون الطعام على الجميع من دون أن يتحققوا ألبتة ممن يأتون إليهم لطلبه.
وأوضح أنه للحصول على المواد الغذائية من بنك الطعام، على الجميع أن يثبت مرة على الأقل في العام أنه محتاج، بغض النظر عن جنسيته. ودعا إلى عدم مواصلة نشر هذا الخبر الزائف، ومساعدتهم في العمل بفاعلية ضد مثل هذه الافتراءات، مؤكداً أن الجوع لا يعرف أية جنسية، ويحصل الجميع عندهم على مساعدة بغضّ النظر عن موطنه.
حظر مؤقت للأجانب من تلقي المساعدات
وأصبحت بنوك الطعام التابعة لمؤسسة "تافل" الخيرية موضع نقاش عام بألمانيا في الآونة الأخيرة، بعد أن أعلن مدير فرعها في مدينة إسن (غرب البلاد)، التوقف مؤقتاً عن تسجيل الأجانب لديهم لتلقي الطعام وقبول حمَلة الجنسية الألمانية فقط منذ مطلع شهر يناير/كانون الثاني 2017، مبرراً ذلك بارتفاع عدد الأجانب المستفيدين من خدماتهم إلى 75%، خصوصاً اللاجئين السوريين، على حد قوله، متحدثاً عن تخوف الأمهات العزباوات والمسنّات من القدوم والوقوف في الطابور؛ نظراً إلى تخوفهن من الشبان اللاجئين.
وبعد أن أحدث هذا القرار ضجة، وانقسم الساسة بين موافق عليه ورافض كشأن المستشارة أنجيلا ميركل، التي رفضت التفريق في منح المساعدات على أساس الجنسية- قرر بنك الطعام السماح باستفادة الأجانب من خدماته مجدداً نهاية شهر مارس/آذار 2018.
يُذكر أن مؤسسة "تافل" الخيرية ليست حكومية؛ الأمر الذي دفع البعض للقول إن على الحكومة والساسة مكافحة الفقر والجوع عوض انتقاد قرار فرع مدينة إسن.
وفي هذا السياق، قال ينس شبان، وزير الصحة المنتمي إلى حزب ميركل المسيحي الديمقراطي، إن تلقي مساعدات البطالة لا يعني الفقر، ما أثار استنكار الكثيرين الذين اتهموه بالتعالي على الفقراء؛ ما دفعه للعودة وتأكيد صعوبة العيش عند تلقي مساعدات البطالة، إلا أنه أكد أنهم يملكون في ألمانيا واحداً من أفضل أنظمة الرعاية الاجتماعية.