رحلة شاقة للنووي السعودي في الكونغرس.. النواب يحذرون من سباق التسلح ويطالبون بـ”المعيار الذهبي” المطبق مع الإمارات

عربي بوست
تم النشر: 2018/03/20 الساعة 12:41 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2018/03/20 الساعة 12:41 بتوقيت غرينتش

قال هنري سوكولسكي، الخبير في حظر انتشار الأسلحة النووية، إنَّ الاتفاق بين أميركا والسعودية يواجه رحلة صعبة داخل الكونغرس ما لم تتنازل السعودية عن حقها في تخصيب اليورانيوم.

وقد أدلى سوكولسكي برأيه أمام لجنة الشؤون الخارجية في مجلس النواب بشأن الاتفاق الأميركي السعودي، وسعى لإقناع النواب بعدم قبول أي شيء دون "معيار ذهبي" يحظر تخصيب اليورانيوم، خوفاً من تأجيج سباق تسلح نووي في الشرق الأوسط.

وقال سوكولسكي لموقع ميدل إيست آي البريطاني إنَّ الاتفاق ينبغي أن يشبه الاتفاق المعروف باسم "اتفاق 123" الذي أبرمته الولايات المتحدة مع الإمارات قبل عقدٍ من الزمن، والذي تضمَّن خططاً وضعتها الإمارات لبناء 4 مفاعلات نووية تبنيها شركة كيبكو الكورية الجنوبية هناك حالياً.

ووفقاً لما جاء في مسودة الخطاب الذي سيدلي به والذي عَرضه لموقع ميدل إيست آي، سيقول سوكولسكي أمام النواب: "ينبغي للكونغرس توخِّي الحذر من أي اتفاقٍ نووي أميركي مع الرياض لا يحظر على السعودية تخصيب اليورانيوم وإعادة معالجته كما هو مطلوب في اتفاق التعاون النووي المُبرَم مع الإمارات عام 2009".

صب الزيت على جمر النووي

وأضاف: "فالفشل في إلزام الرياض بالامتناع عن التخصيب أو إعادة المعالجة في نص الاتفاق النووي الأميركي السعودي، إمَّا بعدم إدراج هذا الشرط أو وضعه مع ربطه بفترة زمنية معينة، يُهدِّد بصب الزيت على جمر الانتشار النووي الموجود بالفعل في الشرق الأوسط".

ومن المنتظر أن يتحدَّث سوكولسكي، المدير التنفيذي لمركز تعليم سياسة حظر انتشار الأسلحة النووية -وهو منظمة بحثية تدعو للتخلي عن الأسلحة النووية- في اجتماع لجنة مجلس النواب هذا الأسبوع إلى جانب ويليام توبي الباحث بجامعة هارفارد، وشارون سكواسوني الأستاذة بجامعة جورج واشنطن.

جديرٌ بالذكر أنَّ السعودية تُكثِّف خططاً لبناء محطاتٍ للطاقة النووية وتقليل اعتمادها على النفط في إطار برنامج خطة الإصلاح التي تحمل اسم "رؤية 2030″، والتي من المنتظر أن يناقشها ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان مع الرئيس الأميركي دونالد ترامب في البيت الأبيض خلال زيارته الحالية إلى واشنطن.

يُذكَر أن السعودية التي تُعَد أكبر الدول المصدرة للنفط في العالم ذكرت في وقتٍ سابق أنَّها تريد تطوير قدراتها النووية من أجل الاستخدامات السلمية فقط، لكنَّها لم توضِّح كذلك مدى رغبتها في تخصيب اليورانيوم لإنتاج وقود نووي، وهي عملية يمكن استخدامها أيضاً في صنع أسلحة نووية.

ففي يوم الأحد 18 مارس/آذار، أُذيع لقاءٌ مُسجَّل سلفاً مع ابن سلمان الذي يشغل كذلك منصبي رئيس الوزراء ووزير الدفاع، قال فيه رداً على احتمالية تطوير إيران غريمة السعودية اللدودة أسلحةً نووية إنَّ السعودية "ستحذو حذوها في أقرب وقتٍ ممكن".

وقال سوكولسكي إنَّ تصريحات بن سلمان "غير مسبوقة".

وجاء في مسوّدة خطابه المنتظر أمام اللجنة كذلك: "تكشف هذه التصريحات السعودية للجميع بالضبط مدى الآثار الأمنية المترتبة على عدم إقناع الرياض بالتخلي عن التخصيب وإعادة المعالجة. فالسعوديون مهتمون بخيار تطوير أسلحة نووية قابلة للاستخدام -عند الحاجة- في أقرب وقت ممكن".

وتشارك شركة ويستنغهاوس التي تعود ملكيتها إلى شركة توشيبا ويقع مقرها في الولايات المتحدة في إحدى المناقصات لبناء أول مفاعلين نووين في السعودية.

ولا تستطيع الشركات الأميركية نقل التكنولوجيا النووية إلى دولة أخرى إلَّا إذا وقَّعت على اتفاقٍ يستبعد تخصيب اليورانيوم محلياً مع واشنطن.

وكانت السعودية قد رفضت في محادثاتٍ سابقة التخلي عن القدرة المحتملة لتخصيب اليورانيوم. لكنَّها وافقت الشهر الجاري مارس/آذار على سياسة وطنية للطاقة الذرية تتضمن قصر جميع الأنشطة النووية على الأغراض السلمية التي تحددها المعاهدات.

وقال مسؤولٌ في البيت الأبيض أمس الاثنين 19 مارس/آذار للصحفيين إنَّ ترامب وبن سلمان سيبحثان خططهما للتعاون النووي ضمن صفقات تجارية تبلغ قيمتها نحو 35 مليار دولار لتوفير 120 ألف فرصة عمل للأميركيين.

وقال المسؤول الذي اشترط عدم ذكر اسمه: "نواصل التعامل مع شركائنا السعوديين بشأن خططهم لإقامة برنامج نووي مدني وإمداداتٍ محتملة من الولايات المتحدة تشمل المعدات والخبرات والمواد النووية".

وقال سوكولسكي إنَّ القرار النهائي في يد ترامب وكبار موظفي إدارته، لكنَّ لجان الكونغرس تؤدي دوراً رقابياً قوياً، وتمكنت بالفعل من تشديد القيود التي فُرِضت على الإمارات في اتفاق عام 2009.

يمضيان بسرعةٍ قصوى إلى الأمام

وذكرت إليانا روس ليتينين النائبة الجمهورية عن ولاية فلوريدا ورئيسة اللجنة الفرعية بمجلس النواب الأميركي أنَّ الإدارة الأميركية والرياض "يمضيان بسرعةٍ قصوى إلى الأمام" في مجال التعاون النووي "دون عِلم معظم" النواب.

وأضافت إليانا أنَّ الجلسة ستقيِّم "الآثار المترتبة على موافقة الولايات المتحدة على اتفاقٍ دون ما يُسمَّى المعيار الذهبي، والخيارات التشريعية لزيادة رقابة الكونغرس حتى تتمكن الولايات المتحدة من ضمان أولوية مصالح الأمن القومي دائماً على المصالح السياسية أو التجارية".

وتحتاج المُفاعلات النوويةإلى يورانيوم مُخصَّب بدرجة نقاء تبلغ 5%، لكنَّ التقنية نفسها المستخدمة في هذه العملية قد تُستخدَم كذلك لتخصيب النظير وتطويره إلى مستوًى أعلى قادر على صناعة الأسلحة. ويُعَد ذلك في صميم المخاوف حيال البرنامج النووي لإيران التي تُخصِّب اليورانيوم محلياً.

ويكمن البديل المتاح أمام الدول في استيراد يورانيوم مُخصَّب سلفاً.

وقال سوكولسكي إنَّه يجب على المسؤولين الأميركيين التفكير ملياً قبل المخاطرة بإثارة سباق تسلُّح نووي في منطقة لا تمتلك فيها أي دولة أسلحةً نووية باستثناء إسرائيل. جديرٌ بالذكر أنَّ إسرائيل لا تؤكد مسألة امتلاكها قدرات ردع نووية ولا تنفيها.

ومن المنتظر أن يقول سوكولسكي لإليانا وأعضاء آخرين في اللجنة الفرعية لشؤون الشرق الأوسط وشمال إفريقيا: "إذ منحت حكومتنا هذه المساعي السعودية الضوء الأخضر دون الالتزام بالمعيار الذهبي، لن يقتنع أحدٌ بما نفعله".

وسيضيف: "فبدلاً من دعم الجهود الأميركية والدولية في الـ73 عاماً الأخيرة، ستفعل حكومتنا العكس تماماً، وستلعب لعبةً خطرة بإثارة سباق تسلُّح نووي بين السعودية وإيران".

تحميل المزيد