بدأ الروس التصويت، الأحد 18 مارس/آذار 2018، لإعادة انتخاب فلاديمير بوتين رئيساً لـ6 سنوات إضافية، ما سيعزز موقعه على رأس البلد وسط التوتر المتصاعد مع الغربيين.
ودعي أكثر من 107 ملايين ناخب إلى الإدلاء بأصواتهم الأحد اعتباراً من الساعة الثامنة بالتوقيت المحلي في مختلف أنحاء أكبر بلد في العالم. وبسبب فارق التوقيت، فتحت مكاتب الاقتراع أبوابها في الساعة 20,00 ت غ السبت في أقصى الشرق الروسي.
وعرضت قناة روسيا 24 العامة مشاهد لفتح مكاتب الاقتراع في شبه جزيرة كاماشاتكا أو في إقليم تشوكوتكا.
اتهمامات غير مسبوقة لبوتين
وتعرض بوتين في الأسبوع الأخير من حملته الانتخابية لسيل من الانتقادات غير المسبوقة بحدتها، راوحت بين اتهامات لندن له بأنه "أمر" بتسميم عميل مزدوج روسي سابق في إنكلترا، وبين تنديد الأمم المتحدة للدعم الذي يقدمه للرئيس السوري بشار الأسد، وبين العقوبات الجديدة التي فرضتها الولايات المتحدة على روسيا لتدخلها في الانتخابات الرئاسية التي فاز فيها دونالد ترامب عام 2016.
وما شهده هذا الأسبوع من بيانات نفي وتبادل اتهامات وتهديد بالرد المتبادل، إنما يختزل ولاية شهدت استعادة روسيا مكانتها على الساحة الدولية، بموازاة إشاعة أجواء أشبه بالحرب الباردة على خلفية النزاع في سوريا وضم القرم والحركة الانفصالية في شرق أوكرانيا المدعومة من موسكو بحسب كييف والغربيين.
غير أن كل هذه البلبلة لا تؤثر على بوتين الذي اختتم حملة انتخابية خاضها بالحد الأدنى، بلقاء مع مزارعين في الجنوب وإلقاء خطاب لم يتجاوز دقيقتين خلال حفل موسيقي في القرم والتقاط صور "سيلفي" مع شبان.
وكل المؤشرات تطمئن الرئيس الروسي الذي يحظى بحوالي 70% من نوايا الأصوات بحسب آخر استطلاعات الرأي، والذي ينسب إليه الروس عودة الاستقرار بعد التسعينيات، فيما يقول منتقدوه إن ذلك تم على حساب تراجع الحريات.
ومن المفترض أن يفوز بوتين (65 عاماً) الأحد بولاية رابعة ستبقيه في السلطة حتى 2024، بعد حوالي ربع قرن على تعيينه من قبل الرئيس بوريس يلتسين خلفاً له.
ويحصل مرشح الحزب الشيوعي المليونير بافيل غرودينين على 7 إلى 8% من نوايا الأصوات، فيما يحظى القومي المتشدد فلاديمير جيرينوفسكي بـ5 إلى 6%، تليه الصحافية الليبرالية كسينيا سوبتشاك (1 إلى 2%). أما المرشحون الأربعة المتبقون، فنتائجهم تكاد لا تذكر.
Путин проголосовал на выборах президента pic.twitter.com/NvI6ufUS3q
— кот™ (@_Putin2018) ١٨ مارس، ٢٠١٨
جيل بوتين
وفي غياب عنصر التشويق، وفي ضوء الدعوات إلى المقاطعة الصادرة عن المعارض الأول للكرملين أليكسي نافالني الذي منع من الترشح، فإن هدف الكرملين الرئيسي خلال هذه الحملة الباهتة كان إقناع الناخبين بالتوجه إلى مراكز الاقتراع، ولا سيما "جيل بوتين"، جيل الشباب الذين يصوتون لأول مرة ولم يعرفوا سوى بوتين في السلطة.
أما بالنسبة إلى الناخبين خارج البلاد، فقررت كييف منع تصويت الروس المقيمين في أوكرانيا احتجاجاً على إجراء الإنتخابات في القرم، شبه الجزيرة الأوكرانية التي ضمتها موسكو عام 2014.
وتجري الانتخابات بعد 4 سنوات تماماً على مصادقة البرلمان على ضم القرم، إثر استفتاء اعتبرته كييف والغرب غير شرعي.
وإن كان من المستبعد أن تؤثر عملية تسميم سيرغي سكريبال وابنته في بريطانيا على الروس الذين اعتادوا الاتهامات الغربية شبه اليومية لموسكو، إلا أن تداعياتها قد تلقي بظلها على ولاية بوتين المقبلة، وهي الأخيرة له في ظل دستور تعهد بعدم المس به.
وحذر الخبير في مركز كارنيغي في موسكو بأن "العواقب في السياسة الخارجية بالنسبة لروسيا ستكون أكثر خطورة" منها على الصعيد الداخلي، مضيفاً أن مهاجمة "مواطن أوروبي على الأراضي الأوروبية يوقظ المخاوف بشأن روسيا، وهذا ليس جيداً للكرملين".
"صامدون"
ومع ضمان إعادة انتخاب فلاديمير بوتين، ركز الكرملين كل جهوده على المشاركة التي ستكون المعيار الحقيقي لعملية الاقتراع، سعياً لتحقيق أعلى نسبة ممكنة الأحد.
واتخذ هذا الرهان أهمية خاصة مع الدعوات إلى المقاطعة الصادرة عن نافالني، الغائب الحاضر في هذه الانتخابات والوحيد القادر على تعبئة آلاف الأشخاص ضد السلطة، غير أنه حظر عليه الترشح بسبب إدانة قضائية يندد بها باعتبارها ملفقة.
أما الرئيس الروسي، فتميزت حملته الانتخابية بالحد الأدنى، ورفض الظهور في مناظرات تلفزيونية.
وأبرز موقف له كان خطاباً شديد اللهجة ألقاه أمام البرلمان وتباهى مطولاً فيه بالصواريخ الروسية الجديدة التي "لا تقهر" والتي تم تطويرها رداً على مشروع نشر الدرع الصاروخية الأميركية، داعياً الغربيين إلى "الاستماع" إلى روسيا.
وقال أحد ناخبي موسكو سيرغي باباييف (55 عاماً) "يحاولون في أميركا وأوروبا إرغامنا على الإذعان والركوع، لكننا صامدون. توعدونا بأزمة، لكننا قاومنا. هذه أهم صفات بوتين".