ذكرت صحيفتا "نيويورك تايمز" الأميركية و"أوبزرفر" البريطانية أن شركة أميركية سرقت معلومات من 50 مليون مستخدم للفيسبوك في أكبر خرق من نوعه لموقع التواصل الاجتماعي الأكبر في العالم، لاستخدامها في تصميم برامج بإمكانها التنبؤ بخيارات الناخبين والتأثير عليها في صناديق الاقتراع.
وأعلن فيسبوك أنه علّق حساب شركة "كامبريدج اناليتكا" الأميركية لتحليل المعلومات التي عملت لصالح حملة الرئيس دونالد ترامب خلال الانتخابات الرئاسية عام 2016، وذلك بعد تقارير عن جمع الشركة معلومات من الصفحات الشخصية لملايين الناخبين الأميركيين على الموقع الأزرق دون موافقتهم.
وتم تعليق حساب منظمة "ستراتيجيك كوميونيكيشن لابوراتوريز" أيضاً التي تتبع لها الشركة، إضافة الى حسابي ألكسندر كوغان عالم النفس من جامعة كامبريدج وكريستوفر وايلي الذي يدير مؤسسة تدعى "يونويا تكنولوجيز".
وحصلت "كامبريدج اناليتكا" على تمويل يقارب 15 مليون دولار من صندوق استثماري للملياردير روبرت ميركر الذي يعد من أكبر المتبرعين للحزب الجمهوري. وأوردت "أوبزرفر" أن رئيس الشركة في ذلك الوقت كان ستيف بانون الذي تم طرده من وظيفته كمستشار لترامب الصيف الماضي.
وكتب نائب رئيس فيسبوك بول غريوال على الموقع: "عام 2015 علمنا بأن كوغان كذب علينا وانتهك سياسات منصتنا عبر تمرير معلومات من تطبيق متصل بفيسبوك لكامبريدج اناليتكا، وهي شركة تتعاطى العمل السياسي والحكومي والعسكري حول العالم"، مضيفاً أن كوغان تقاسم المعلومات المسروقة مع كريستوفر وايلي.
وتمت عملية جمع معلومات مستخدمي فيسبوك عبر تطبيق أنشأه كوغان يحمل اسم "ذيس آز يور ديجيتال لايف " (هذه هي حياتك الرقمية) الذي قدم خدمة إجراء اختبار للتنبؤ بشخصية المستخدم، وأدرج التطبيق على فيسبوك تحت وصف "تطبيق بحثي يستخدمه علماء النفس".
وقام 270 ألف شخص بتنزيل التطبيق ما سمح لكوغان بالدخول الى معلوماتهم الشخصية مثل المدينة التي يقيمون فيها، كما هو مدون على صفحتهم، إضافة الى المواد التي حازت إعجابهم.
وقالت أوبزرفر إنه "مع ذلك فإن التطبيق جمع معلومات أيضاً عن أصدقاء الذين أجروا الاختبار، ما أدى الى مراكمة قاعدة معلومات تشاركية قوية عن عشرات ملايين الأشخاص".
لكن فيسبوك تراجع لاحقاً عن هذا الادعاء بسرقة المعلومات، وأصدر بياناً جديداً السبت اعتبر فيه أن البيانات التي تمت إساءة استخدامها انحصرت بهؤلاء الذين أجروا بشكل تطوعي الاختبار الذي يقدمه التطبيق حول الشخصية.
وقال غريوال: "الناس قدموا معلوماتهم بمعرفتهم، ولم يتم اختراق أي نظام أو سرقة أي كلمات مرور أو أجزاء حساسة من المعلومات".
وأعلنت شركة "كامبريدج اناليتكا" أنها على اتصال مع فيسبوك "من أجل حل هذه المسألة بأسرع ما يمكن".
وألقت باللوم على كوغان في عملية إساءة استخدام البيانات وقالت إنها قامت بالغاء كل البيانات التي تلقتها من شركة قام هو بتأسيسها وتحمل اسم "جي إس آر". (غلوبال ساينس ريسيرتس).
وأكدت الشركة "لم يتم استخدام أي بيانات من (جي إس آر) من قبل (كامبريدج اناليتكا) في إطار الخدمات التي تم تقديمها لحملة دونالد ترامب الرئاسية عام 2016".
"استهداف شياطينهم الداخلية"
وقال وايلي الذي كشف القضية لاحقاً من تلقاء نفسه في حديث مع الصحيفة: "لقد استغللنا فيسبوك لحصد الصفحات الشخصية لملايين الأشخاص، وبنينا نماذج لاستغلال ما عرفناه عن هؤلاء الأشخاص واستهداف (شياطينهم الداخلية). هذه هي الأسس التي قامت عليها الشركة بأكملها".
وبالرغم من أن كوغان حصل على المعلومات بطريقة مشروعة إلا أنه "خرق سياسات المنصة" عبر تمرير المعلومات الى "كامبريدج اناليتكا" ووايلي، وفق فيسبوك.
وقال فيسبوك الذي لم يذكر كيف تم استغلال المعلومات إنه أزال التطبيق عام 2015 عندما تم اكتشاف عملية اختراق المعلومات، إلا أن كوغان أبلغهم بأن البيانات التي تم الحصول عليها قد تم إتلافها.
وكتب غريوال: "قبل عدة أيام تلقينا تقارير بأنه على عكس الشهادات التي أعطيت لنا، لم تتم إزالة كل البيانات"، مضيفاً "نحن نعمل بكثافة لتحديد دقة هذه الادعاءات. وإذا كانت صحيحة فإن هذا خرق آخر غير مقبول للثقة والالتزامات التي قطعوها".
وتابع: "قررنا تعليق صفحات (كامبريدج اناليتكا/أس سي أل) وصفحتي وايلي وكوغان في موقع فيسبوك بانتظار معلومات أكثر".
تحقيق بريطاني
وتعتبر شركة "كامبريدج اناليتكا" الوحدة الأميركية لشركة "إس سي إل" البريطانية التي تعني بالتسويق السلوكي، وبرزت على الصعيد العالمي بعد أن استأجرت خدماتها مجموعة داعمة لبريكست من أجل جمع المعلومات واستهداف الجمهور.
والشركة تخضع لتحقيق في البرلمان البريطاني حول الطريقة التي تتعامل بها مع المعلومات.
وقالت مفوضة الاتصال البريطانية إليزابيث دينهام، السبت: "نحن نحقق في الظروف التي قد يكون تم من خلالها الحصول على بيانات فيسبوك واستخدامها بطريقة غير شرعية".
وأضافت "أنه جزء من تحقيقاتنا المستمرة في مسألة استخدام تحليلات البيانات لأهداف سياسية، وهذا التحقيق تم فتحه للنظر في كيفية استخدام الأحزاب السياسية والحملات والشركات ومنصات التواصل الاجتماعي في بريطانيا للمعلومات الخاصة للأشخاص وتحليلها بهدف استهداف الناخبين".
وذكرت نيويورك تايمز أن نسخاً من البيانات التي تم جمعها ما زالت على شبكة الإنترنت وأن فريقها تمكن من الاطلاع على بعضها.