هل تؤثر إقالة تيلرسون على سياسة أميركا تجاه الأزمة الخليجية؟.. أكاديمي إماراتي: نحن أطحنا به.. باحث بريطاني: هذا هراء

عربي بوست
تم النشر: 2018/03/15 الساعة 11:47 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2018/03/15 الساعة 11:47 بتوقيت غرينتش

قال تقرير لموقع بريطانيا أنه من غير المُرجَّح، أن تؤدي إقالة دونالد ترامب وزير الخارجية الأميركي، ريكس تيلرسون، إلى تغيير سياسة الولايات المتحدة بشأن الخلاف بين المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة ومنافِستهم الإقليمية قطر.

وجاء في تقرير موقع The Middle East أن مُحلِّلين خليجيين أشاروا إلى توقيت إقالته؛ إذ جاءت بعد أيامٍ فقط من ظهور رسائل بريد إلكتروني مُسرَّبة، تُظهِر الجهود المدعومة من الإمارات لإقالة تيلرسون؛ بسبب دعمه المُتصوَّر لدولة قطر ورغبته في التوسُّط.

إلا أن ما أعلنه ترامب، الثلاثاء 13 مارس/آذار 2018، على موقع حسابه في منصة تويتر لم يُلمح لدور الأزمة الخليجية. وقال إن رغبة تيلرسون في البقاء على مسار الصفقة النووية الإيرانية "المريعة" كان أحد الأسباب لإقالته. ويرى آخرون أنَّ السبب يدور حول التحقيق الجاري في التواطؤ الروسي.

الإقالة تناسب الإمارات

غرَّد إياد البغدادي، مؤسِّس مؤسسة الكواكبي وزميل مركز الأبحاث النرويجي "سيفيتا"، على "تويتر"، قائلاً: "يظن الجميع أنَّ إقالة تيلرسون تتعلَّق بروسيا، وقد يكون الأمر كذلك، لكنني لا أعتقد أنَّ هذا كل ما في الأمر. إنَّها خطوةٌ مناسبة لصالح الإمارات والمملكة السعودية، وفي وقتٍ مناسبٍ للغاية".

احتفل البعض بهذه الخطوة؛ إذ قال عبد الخالق عبد الله، أستاذ العلوم السياسية بجامعة الإمارات والقريب من الأسرة الحاكمة، على "تويتر"، إنَّ تيلرسون "أسوأ وزير خارجية على الإطلاق". وأضاف: "سيتذكَّر التاريخ أنَّه كان لدولةٍ خليجية دورٌ في طرد وزير خارجية قوة عظمى".

لكن رغم كل المفارقات ومحاولات نسب الامتنان والتشاؤم المُرتَقَب، يقول مُحلِّلون إنَّ الخلاف الخليجي ربما لا علاقة له برحيل تيلرسون، ولن يُغيَّر تعيين خلفه، مدير وكالة الاستخبارات المركزية مايك بومبيو، سياسة الولايات المتحدة.

وقال كريستوفر دافيدسون، الباحث السياسي بجامعة دورهام البريطانية: "لا أؤمن بهذا الهراء، الذي يصل إلى درجةِ أنَّ الإماراتيين أو حتى السعوديين تمكَّنوا من التأثير على قرار البيت الأبيض. في الصورة الأكبر للأمور، أزمة الخليج هي مجرد عَرَض جانبي. الأمر يتعلَّق بسياسة القوة الكبرى".

معسكر الدوحة

يضيف موقع The Middle East: "تشعر قطر -على الأرجح- بخسارة تيلرسون، الذي كان يتمتَّع بعلاقاتٍ وثيقة مع الدوحة عندما كان مسؤولاً تنفيذياً في شركة إكسون موبيل للنفط، وكان بمثابة تأثيرٍ مُهدِّئ على خطاب ترامب".

كان تيلرسون هو الذي دفع بالحلول الدبلوماسية عندما اندلع الخلاف الخليجي في يونيو/حزيران 2017، في حين ظهر ترامب وكأن له الفضل في كونه المُحفِّز على الحل الدبلوماسي.

وقال على "تويتر" بعد خطابه في الرياض، داعياً المنطقة إلى مواجهة الإرهاب: "من الجيد أن نرى زيارة المملكة السعودية مع الملك و50 بلداً آخر تساعد في نجاحها". وأضاف: "كل الإشارات كانت تتجه نحو قطر".

ومع ذلك، وبحلول شهر سبتمبر/أيلول 2017، كان ترامب يتوسَّط في الاتصالات بين قادة قطر والمملكة السعودية.

وقال ديفيد دي روش، المسؤول السابق بوزارة الدفاع (البنتاغون) والبيت الأبيض والأستاذ بجامعة الدفاع الوطني: "لو كنت قطرياً، فسأكون سعيداً بأن يكون تيلرسون في موقع السلطة والمسؤولية، وسأكون غير سعيد برؤية مغادرته؛ لأنَّ الأمر ينطوي على علاقةٍ شخصية. بعيداً عن أي شيءٍ آخر، فأنت تعرف الرجل وتعرف حقيقته وميوله نوعاً ما، وتتحدَّث اللغة والعقلية نفسها. إنَّه شخصيةٌ مألوفة".

وأضاف: "بومبيو أقرب إلى أسلوب ترامب من تيلرسون. من الواضح أنَّ من هم أقرب إلى ترامب -لا أقول إنَّهم تسبَّبوا في هذا المأزق- كان دورهم في ذلك أقل من كونه استرضائياً، على الأقل في الأيام الأولى".

لكن السياسة الأميركية -كما أكَّد- لا تتوقَّف على الشخصيات، ومن المُرجَّح أن تُغيِّر وزارة الخارجية من بومبيو نفسه لا العكس.

وأضاف دي روش: "سياسة الولايات المتحدة كما هي. قد تتغيَّر نسبة من 3 إلى 5 في المائة منها، لسببٍ أيديولوجي، في أندر الحالات. معظم سياستنا مستمرة كما هي بسبب مصالحنا، ومكانتنا، وبسبب الموارد التي نحن مستعدون لاستثمارها في ذلك".

"الاستفادة قدر الإمكان"

تتمثَّل سياسة الولايات المتحدة بشأن الانشقاق الخليجي، بالوقت الراهن، في تشجيع المصالحة، وهو الأمر الذي حاولت الكويت، عدة أشهر، القيام به كوسيطٍ وحيدٍ بين هذه الدول، دون نجاح.

وقال أنتوني كوردسمان، الخبير في مركز الدراسات الاستراتيجية والدولية بواشنطن والمستشار السابق للسيناتور جون ماكين: "الموقف الأميركي بصراحةٍ واضح جداً في هذا الشأن: نريد أن نرى نهاية للتوتر بين قطر، والمملكة السعودية، والإمارات، ولا ننحاز إلى جانبٍ على حساب آخر… وهناك حاجةٌ حقيقية للتوصُّل إلى حلٍّ وسط".

وأضاف: "لا أعتقد أنَّ هناك أي شخصٍ في الولايات المتحدة بمجال السياسة لا يشعر بأنَّ هذا الخلاف لا طائل مِن ورائه وأنَّه يصب في مصلحة إيران".

قمة كامب ديفيد

دعا ترامب الأطراف المتصارعة إلى عقد قمة بكامب ديفيد في شهر مايو/أيار 2018، وهو ما سيكون إنجازاً بحد ذاته، فضلاً عن إمكانية تحقيق تقدُّم مفاجئ، وهو أمر مشكوك فيه.

وقال كوردسمان: "المشكلة بجميع اجتماعات القمة، في الواقع، هي أنَّه إذا لم تستطع التوصُّل إلى حلٍّ قبل اجتماع القمة، فإنك لن تصل إليه خلال القمة".

لكن ديفيدسون يُشكِّك في أنَّ الأميركيين يريدون رأب الصدع، بالنظر إلى الفوائد الاقتصادية التي تعود عليهم من ضخ حلفائهم الخليجيين الأموال في صفقات أميركية وشركات علاقات عامة لتعزيز مواقفهم.

وبعد أن أمَّنت الولايات المتحدة خطابات نوايا من السعودية للحصول على صفقة أسلحة بقيمة 110 مليارات دولار في مايو/أيار 2017- وافقت وزارة الخارجية الأميركية، الأسبوع الماضي، على مبيعات عسكرية بقيمة 467 مليون دولار إلى كل من قطر والإمارات.

وقال ديفيدسون إنَّ القمة ستكون إلى حدٍّ كبير، "لعبةً أميركية تحاول الاستفادة بأكبر قدرٍ ممكن من جانبي الأزمة. لقد رأينا بالفعل هذه الجولات التي يجريها وليّ العهد السعودي. لقد اضطر إلى الوعد بكل ما هو ممكن، وضمن ذلك الاستثمار في الاقتصاد الغربي، والاستثمار بالسلع العسكرية الغربية، في وقتٍ لا تستطيع فيه المملكة السعودية تحمُّل ذلك".

وأضاف: "الولايات المتحدة تتمتَّع بمكانةٍ كبيرة. ويجب على الخليجيين أن يكونوا حذرين للغاية بشأن نية الدول التي يعتقدون أنَّها حليفةٌ وحاميةٌ لهم".

تحميل المزيد